“اللقاء الموسّع” الذي انعقد في معراب بدعوة من رئيس “حزب القوات اللبنانية” سمير جعجع الى قوى المعارضة “السيادية”، بهدف تشكيل قوة ضغط من أجل تنفيذ القرار 1701 “دفاعًا عن لبنان”، واجهته حملتان، واحدة “إيجابية” وثانية “سلبيّة”.
الحملة “الإيجابيّة”، تولّاها الموالون ل”حزب الله”، ولا سيّما منهم هؤلاء الذين كانوا قد وقفوا، بقوة، في العامين 2004 و2005 يدافعون، عن الإحتلال السوري في لبنان، ويتوعدون بالويل والثبور وعظائم الأمور كلّ من يقف مع القرار 1559.
وهذه الحملة، على الرغم من ارتكازها الى أدبيات “التخوين” و”التهويل” و” التفشيخ” و”التفشير” و”التجليط”، هي إيجابيّة، لأنّها تُظهر أنّ التلاقي في لبنان ، بين قوى تتقاطع في نظرتها الى الدولة والجيش والسيادة والنظام، هو خطر محتمل على أعداء هذه الأسس الدستورية التي من دونها لا وجود لشعب واحد ولا لدولة ولا لاستقرار ولا لإنقاذ ولا لمستقبل.
أمّا “الحملة السلبيّة” على لقاء معراب، فهي تلك التي تولّاها “سياديّون”، على قاعدة أنّ تطبيق القرار 1701 يعالج “مشكلة آنية” ويهتم بواحدة من عوارض تسليم لبنان لهيمنة “حزب الله”، ومن خلاله لاحتلال إيراني، وتاليًّا فهذا اللقاء يبذل جهدًا محمودًا، ولكن في المكان الخاطئ، أي القرار 1701، في وقت يحتاج فيه لبنان الى استكمال تطبيق القرار 1559، بحيث يتم نزع السلاح من “حزب الله” وغيره في كل البلاد، أي أنّ المعركة السياديّة يجب أن تتركز على استكمال ما كان قد بدأ في العام 2005.
بالمطلق هؤلاء “السلبيّون” محقون، فالقرار 1701، حتى لو جرى تنفيذه، فإنّه سيأخذ في عين الأعتبار “الخطة البديلة” التي وضعها “حزب الله”، فهو يمكن، في أفضل الأحوال، التراجع “ظاهريًّا” الى وراء الحدود اللبنانية- الإسرائيلية ولكنّه سيأخذ، في المقابل، حق تفعيل قوته العسكرية، بكل ما تعتمل من تداعيات سياسية وسلطوية واجتماعية وديموغرافية، في كل لبنان، الأمر الذي “يزيد الطين بلّة”، وينقلنا ” من أكل القضامة الى قلع الأسنان” ويرمينا “من تحت الدلف ا لى تحت المزراب”.
ولكن بالواقع، أخطأ هؤلاء “السلبيون” ويخطئون لأنّهم ينطلقون من اعتبار أنّ الحلّ السحري كان ينتظر انعقاد هذا اللقاء المعرابي، حتى يبسط نعمه على البلاد والعباد، ففوّت منظموه بتركيزهم، حصرًا، على القرار 1701 فرصة استكمال تنفيذ القرار 1559 وعلى طريقه تنفيذ القرار 1680 القاضي بترسيم الحدود بين لبنان وسوريا، الأمر الذي يحسم الهوية السيادية لمزارع شبعا!
عمليًّا، إنّ مبدأ تجميع القوى “السياديّة” بذاته هو الإنجاز المطلوب، ولهذا قامت قيامة “جوقة” النظام الأمني اللبناني- السوري الشهيرة، لأنّ الأهداف الأخرى، سواء كانت متواضعة، مثل تطبيق القرار 1701، أو عملاقة، مثل استكمال تنفيذ القرار 1559 وبدء تنفيذ القرار 1680، تحتاج الى نضالات طويلة وشاقة ومكلفة، ولا يمكن الوصول إليها إلّا إذا تغاضت القوى والشخصيات “السياديّة” عن “جذريّتها” هنا وعن “صراع الأحجام” هناك، ونجحت في إقامة “وحدة الجهود” لتحرير لبنان من مآسي “وحدة الساحات”!