كان “تيار المستقبل” يترقب أن يلاقي ما يقارب الأ ربعين ألف شخص رئيسه سعد الحريري، أمام ضريح والده الذي استشهد قبل 19 سنة، ولكن على الرغم من حضور الآلاف إلّا أنّ التوقعات خابت، بحيث لم يصل عدد الحاضرين ، وفي أفضل الأحوال الى مستوى عشرة آلاف شخص.
لم يخطب الحريري في هؤلاء. هم أصحاب الكلمة الأولى والأخيرة. لا يريد أن يقول فيهم شيئًا، بل يريد أن يسمع الجميع صوتهم، وهم يصرخون: ممنوع تفل. ما إلنا غيرك. أنت الزعيم. إرجع.
لم تحمل هذه الجماهير التي تمّ نقل أكثريّتها من المناطق، في عملية نظمها “تيار المستقبل”، شعارات لها علاقة بالجريمة بل لها علاقة بالوريث. العدالة والقصاص والقتلة، غابت كلّها عن اللافتات وعن الحناجر. الأولوية الآن لعودة سعد الحريري. أصبحت هي العدالة، هي القصاص وهي الإنتقام.
إنتقل “تيّار المستقبل” تحت عنوان “منع الحرب الأهلية” من مكان الى آخر.حلفاء الأمس أصبحوا “شبه خصوم”. وخصوم الأمس أصبحوا “الأقرب الى القلب”.أكثر شخصية دينية كانت سعيدة في بيت الوسط هو الشيخ حسن مرعب المندمج في هذه الأيّام حتى الذوبان ب”حزب الله” ومحور الممانعة.
وليس نافلًا أن يتميّز اليوم الأوّل من فتح أبواب “بيت الوسط” سياسيًّا بحضور وازن لمعارضين أساسيّين لرفيق الحريري: وزيرا الداخلية والإعلام في حكومة الرئيس عمر كرامي الذي جرت جريمة 14 شباط في ظلها.
سليمان فرنجية بحضور يوسف فنيانوس تناولا العشاء في “بيت الوسط”. إيلي الفرزلي قطف اللقاء الأوّل ووضع اللبنة الفكرية لعودة سعد الحريري الى الحياة السياسية.
حتى الآن، لن يحضر غالبية أركان 14 آذار الى “بيت الوسط”: سمير جعجع سيوفد وفدًا نيابيًّا كبيرًأ كما في السنة الماضية. وهو غرّد للرئيس الشهيد رفيق الحريري لإيصال رسالة الى ابنه والآخرين:” حاورتهم لكنّهم غدورك”. وليد جنبلاط لم يطلب موعدًا ليكرر زيارة العام الماضي.
ولكنّ ذلك لا يشغل كثيرًا بال “بيت الوسط”، لأن العلاقة المابشرة مع جعجع وجنبلاط “ملحوق عليها”. أكثر ما يثير اهتمام هذا البيت أن يرِد اتصال من السفارة السعودية في بيروت يطلب موعدًا للسفير وليد بخاري.هم يأملون في أن يحصل ذلك بعد أن يسمع الجميع صرخات جمهور الضريح.
مشكلة الحريري التي لم يجد معادلة سحرية لها، في عبارات متقطعة” قال لإعلاميي الضريح تكمن في أن يضع حدًّا نهائيًّا للتحريض ضد قيادة المملكة التي يريد أن يستعيد دعمها. حتى الآن يتم تصوير كل ما يفعله على أساس “إلحاق هزيمة بالرياض”. هل ينجح الحريري بوضع حد لهذا المسار الذي يقوده “محور الممانعة” وتغذيه مصادر “ذكية” في تيّار المستقبل؟
الحريري بدأ فعليًّا تمهيد الأرضية لعودة سوف تتجلّى في كسر قرار تعليق عمل “تيار المستقبل” في الإنتخابات على كل مستوياتها: بلدية واختيارية فنيابية.
وهو، من أجل ذلك، وعد نفسه وسوف يطلق هذا الوعد لأنصاره: لن أبقى الآن، ولكن سوف أزور لبنان كثيرًا في المرحلة المقبلة.