قال قائد تيار الإصلاح بحركة فتح، محمد دحلان “أبو فادي”، إن عدم وجود استراتيجية واضحة لإقامة الدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال يجعلان من الصعب عليه وعلى غيره إدارة غزة المدمرة.
وفي مقابلة أجرتها معه وكالة رويترز، في مقر إقامته الدائمة في دولة الإمارات العربية المتحدة، قطع دحلان سعيه إلى أي منصب فقال: «أنا لا أبحث عن أي منصب، ولم يعد لي أي صلة بأي عمل حكومي، لكنني سأستمر في دعم الشعب الفلسطيني والوقوف بجانب أهلنا بما تيسّر من علاقاتنا العربية، لا أريد أي مكانة أو موقع في المستقبل، لكنني أيضا لن أتوقف عن أداء واجبي وهذا واضح لا لبس فيه».
وعزا دحلان غياب الرؤية لمستقبل غزة إلى غياب التصور عند كل من إسرائيل وأميركا والمجتمع الدولي لما بعد الحرب، إذ دخلت إسرائيل الحرب من دون رسم استراتيجية لما بعد حرب غزة.
وقال: «دخلت (إسرائيل) القطاع خليّها تدبّر نفسها، هي قوة احتلال وسيتعامل معها الشعب الفلسطيني على أنها قوة احتلال، ولن يجدوا من يأتي لأخذ هذا الهم وتحمّل المسؤولية، والذي يريد الحرب فليتحمل مسؤولية نتائجها مش يدوّر (لا يفتش) على ضحايا ليعطيهم هذه المسؤولية».
ويرى دحلان أن «الحرب ستنتهي إلى خراب على كل الأطراف، ومن يدخل في غزة لا يعرف أن يخرج، ما حدا عارف ما حدا عنده ضمانات».
ولا يرى دحلان نتائج عسكرية محققة للإسرائيلي على الأرض حتى اليوم فهو «ينتصر على الأبرياء فقط، أطفال وشيوخ مثلما يفعل الآن وكأن الحرب المعلنة لإنجاز قتل المدنيين».
وقال دحلان إن المشكلة ليست حماس، مضيفا أن «الموضوع أشمل من ذلك، الموضوع ليس حماس في غزة فقط»، متسائلا: «هل كانت حماس تشكل أزمة وحدها أم أن المشكلة كانت أنه لا يوجد حكومة إسرائيلية قابلة لفكرة السلام مع الشعب الفلسطيني؟».
وأضاف: «طيب اليوم المشكلة حماس، غدا ماذا ستكون المشكلة؟ ولنفترض أن إسرائيل تخلصت من حماس، هل تقبل بحل الدولتين وتعطي دولة ذات مصداقية فلسطينية تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل؟ الجواب من وجهة نظري لا، فليثبتوا عكس ذلك».
وتابع: «أنا لست مناصرا لحماس، وبيني وبينهم كثير من الخلافات الجوهرية والكبيرة، لكن أن تبرر لنفسك رفع شعار الديمقراطية وتعذب وتقتل الأطفال لأنهم انتخبوا حماس زمان؟ هذا عار إسرائيلي».
وعاد دحلان إلى وثائق عام 1948 ليؤكد عقيدة التهجير والنزوح لدى إسرائيل ويقول إن «الوثائق التي يتم تسريبها سواء من الاستخبارات أو من الأحزاب أو من وزير المالية خلاصتها أنهم لايريدون الشعب الفلسطيني في فلسطين، فكرة التهجير والتطهير العرقي وهذه فكرة أيدلوجية قائمة لدى الصهيونية وفي وثائق منذ 48 حتى الآن، لا يستطيعون أن يعيشوا من وجهة نظرهم في إسرائيل إلا إذا قتلوا كل الشعب الفلسطيني أو هجروه».
أما الشعب الفلسطيني فيراه دحلان ثابتا ولا يريد النزوح «ورغم كل القهر والاستغلال والأسلحة فالشعب الفلسطيني ما زال بفقره وجوعه وبلا كهرباء وماء ودواء مثبتا في ركام بيوته».
ولا يعتقد دحلان أن فكرة التهجير ستكون قابلة للتطبيق والتنفيذ سواء بالنزوح إلى سيناء أو الأردن، قائلا: «حتى لو نفذوها بقوة الدبابات وحملوا كل مواطن فلسطيني على دبابة وطلعوه على سينا هيلف (يدور) ويرجعلهم تاني من الجهة الأخرى، فنحن ليس لدينا وطن غير فلسطين، جربوا كل أنواع التعذيب والقتل الجماعي، ما يجري اليوم في غزة هي حرب عالمية تقودها الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي وإسرائيل على المواطنين في غزة ولن يفلحوا فيها».
وفي التقييم الميداني للوضع، يعتبر دحلان أنه ليس لدى إسرائيل أي إنجاز عسكري تعرضه على مجتمعها «فالحرب العسكرية بدأت وانتهت في 7 أكتوبر/ تشرين الأول بفضيحة».
وقال: «ما بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول هو عمل انتقامي من إسرائيل ومَن يدعمها، وكل ما يجري الآن وفي المستقبل القريب لن يكون لصالحها، وسيشكل فضيحة أخلاقية لكل من دعم إسرائيل في هذا الغلط، وهذا الدعم لإسرائيل بقتل المدنيين يورط الشعب الإسرائيلي والحكومة الإسرائيلية لأنه لا يوجد مخرج إلا السلام».
وعن مستقبل هذا الصراع يجزم دحلان أن الفلسطينيين لا يطلبون معركة نهائية مع الاحتلال لكن الحل هو «أن ينخلع الاحتلال من الضفة وغزة والقدس الشرقية.. نحن شعب لن يتنازل مهما كلف الأمر».
ويعوّل دحلان على الأجيال الفلسطينية القادمة في صنع الحلول ويقول للإسرائيليين: «إذا بدهم نصيحة ما يغلبوا حالهم (لا يتعبوا أنفسهم) مع الشعب الفلسطيني يا إما بيعطونا حل الدولتين يا إما الجيل القادم لن يقبل بحل الدولتين لأن هذا الجيل سيكون هو الجيل الذي قُصف ودُمر وشُتت في الضفة وغزة».
وطالب دحلان «بوقف الحرب ثم الحديث الجدي ولمرة واحدة لفكرة حل الدولتين، الذين يديهم فكرة بأن تعميق الاحتلال في غزة سيجد له حل يكون واهما، والجيل الحالي في فلسطين إذا لم يجد أملا في الاستقلال والحرية وحياة كريمة سيكون أقسى بألف مرة مما شاهدناه سيكون أشرس”.
ويخلص دحلان في تقييمه إلى أنه «إذا لم يعملوا على حل الدولتين خليهم يغرقوا في رمال غزة».