في خضمّ أجواء دبلوماسية مشحونة واستعداد طهران لجولة جديدة من المحادثات النووية مع واشنطن، أعلن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان قبوله الرسمي لاستقالة محمد جواد ظريف، مهندس الاتفاق النووي لعام 2015 وأحد أبرز وجوه السياسة الخارجية في الجمهورية الإسلامية.
هذه الخطوة التي أتت عشية زيارة مرتقبة لرئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى طهران، تطرح تساؤلات حول المسار الذي ستسلكه إيران في مفاوضاتها المقبلة، خصوصاً في ظل استبعاد ظريف الذي يُعتبر من الداعمين الرئيسيين لبزشكيان، ومن أكثر الشخصيات انفتاحاً على الغرب.
أبرز داعمي بزشكيان
وكان ظريف الذي شكل أحد أبرز داعمي بزشكيان في الانتخابات الرئاسية التي جرت العام الماضي، قدم استقالته في مارس الماضي (2025)، لكن الرئيس الإيراني لم يعلق عليها رسمياً منذ ذلك الحين، قبل أن يعلن قبولها مساء أمس الثلاثاء.
فيما تعرض الدبلوماسي المخضرم لانتقادات عديدة من المتشددين داخل مؤسسات الحكم في البلاد، الذين لطالما زعموا أنه قدم تنازلات كثيرة في المفاوضات السابقة مع الغرب.
“لا يمكن الاستفادة من خبرته”
علما أن ظريف لطالما استخدم إعلانات استقالته خلال مسيرته السياسية في الماضي كورقة ضغط، ومن ضمنها ما حصل العام الماضي عند تشكيل حكومة بزشكيان.
وفي رسالة قبوله الاستقالة التي وجهها بزشكيان إلى ظريف، كتب مشيدا به وبخبراته، وفق ما أفاد مكتب الرئاسة.
لكنه في الوقت عينه أكد “أنه بسبب بعض القضايا، لم يعد بإمكانه الاستفادة من معرفة ظريف وخبرته القيّمة”.
فيما عين الرئيس الإيراني محسن إسماعيلي، البالغ من العمر 59 عامًا، والذي يُعرف بأنه معتدل سياسيًا وخبير قانوني نائبًا جديدًا له في الشؤون الاستراتيجية.
تجدر الإشارة إلى أن ظريف كان لعب دوراً محورياً في المفاوضات النووية خلال حكومة الرئيس الإيراني الأسب ق حسن روحاني (2013-2021)، حين ترأس الفريق المفاوض مع مجموعة 5+1، التي ضمت أعضاء مجلس الأمن الخمسة بالإضافة إلى ألمانيا. وأسهم بشكل مباشر إلى جانب وزير الخارجية الأميركي آنذاك جون كيري في التوصل إلى الاتفاق النووي الذي انسحب منه الرئيس الأميركي دونالد ترامب في دورته الرئاسية الأولى عام 2018.
وكان هذا الاتفاق اعتبر حينها نقطة تحول في سياسة إيران الخارجية مع الغرب، وجعل من ظريف شخصية دبلوماسية بارزة على الساحة الدولية لكنه جلب له في الوقت عينه عداء المتشددين في إيران.