"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

بزشكيان...لبناني!

رئيس التحرير: فارس خشّان
الأحد، 7 يوليو 2024

لأكثر من سبب، وافق أصحاب القرار في إيران على ترشيح مسعود بزشكيان الى رئاسة الجمهورية بعدما كانوا قد رفضوا ملفه، قبل ثلاث سنوات. يومها كانوا يريدون إبقاء الساحة حرّة أمام وصول واحد من رموز التشدد: ابراهيم رئيسي.

بعد مقتل رئيسي في تحطم مروحيّته دون غيرها من موكب يضم مروحيّتين أخريين، أُتيح لبزشكيان أن يسلك الطريق الذي كان حُرم منه فوصل الى الرئاسة الإيرانيّة!

بطبيعة الحال، لا يعتبر فوز بزشكيان انتصارًا للديموقراطية في إيران، لأنّ لا ديموقراطية فيها، بل مجرد مظاهر ديموقراطية، لأنّ”مجلس تشخيص مصلحة النظام” هو الذي يرسم طبيعة المعارك الإنتخابية ويمكنه، من خلال التحكم بالترشيحات، التحكم بالمحصلة النهائية للشعب الإيراني.

ومن دون شك، فإنّ السماح بوصول بزشكيان الى رئاسة الجمهورية له أهدافه الإستراتيجية.

لا يخيف بزشكيان التيّار المتشدد في البلاد، لأنّ الرئيس الجديد غير قادر على التحرّر منه، إذ إنّه محاصر بصلاحيات المرشد المطلقة، وبقدرات الحرس الثوري الإيراني المذهلة، وبمجلس تشريعي سبق أن أحكم المتشددون السيطرة عليه.

ولكن يمكن لبزشكيان أن يخدم هؤلاء المتشددين، فهو، سينقل أعباء الأزمة المالية والإقتصادية والحياتية الخانقة التي لا يمكن إيجاد حلول لها إلّا من خلال خطوات جبارة في الداخل والخارج، من عهدتهم الى عهدة “التيار الإصلاحي”، كما أنّه سيعطي الدول التي تريد الإنفتاح على النظام الإيراني مفتاحًا صالحًا لذلك، وسوف يُجهّز إيران، من خلال فريق عمل “مرن عقائديًّا”، للتعامل مع إمكان وصول دونالد ترامب الى البيت الأبيض، إذ إنّ فوز بزشكيان قد أصبح مقبولًا، في تلك اللحظة التي انهار فيها الرئيس الأميركي جو بايدن، في أولى مناظراته التلفزيونية مع منافسه الجمهوري.

إذن، فوز بزشكيان، على الرغم من انتمائه الى تيّار مكروه من متشددي إيران، أتى، من أجل تحقيق أهداف لا يمكن للمتشددين أن يحققوها بأنفسهم!

وهذا يقودنا الى لبنان، ليس على أساس علاقة “حزب الله” بإيران، بل على أساس أنّ “حزب الله” هو نسخة أمينة للجناح الايراني المتشدد ضمن البنية اللبنانية.

وعليه، إذا كان متشددو إيران قد أسقطوا، في هذه الدورة، نظرية الإستيلاء الكامل على السلطة، بعدما ارتدت عليهم بالويلات، ألا يمكن أن يقتدي “حزب الله” بهم ويسمح بتمرير بزشكيان لبناني الى القصر الجمهوري الفارغ منذ الحادي والثلاثين من تشرين الأول 2022؟

سليمان فرنجية الذي يتمسك به “حزب الله” ليس بزشكيان، بل هو، في أحسن أحواله، سعيد جليلي.

المرشحون المحتملون الآخرون، وليس بينهم صقور المعارضة، جميعهم أقرب الى بزشكيان، إذ لن يتحدى أيّ منهم “حزب الله”، ولن يتمكن أيّ منهم اتخاذ قرار لا يتناسب ومصلحة “حزب الله”، حتى لو رغبوا بذلك، لأنّهم، مثلهم مثل بزشكيان، محاصرون. بالواقع، إنّ جميع هؤلاء الذين تمّ إدراجهم في خانة “الخيار الثالث” هم “بزشكيانيّون”، في أحسن الأحوال!

المؤشرات الأولى الصادرة عن حارة حريك لا تُظهر أنّ الأمين العام ل”حزب الله” حسن نصرالله سعيد بوصول مسعود بزشكيان. بين برقية التهنئة بوصوله الى الرئاسة وتلك التي سبق أن أرسلها للراحل ابراهيم رئيسي بون شاسع. هنا، حذر مطلق. هناك ترحيب عظيم. هنا واجب بروتوكولي. هناك احتفال مناصر.

عندما تمّ انتخاب رئيسي كان المراقبون على قناعة بأنّ إيران سلكت دربًا متشددًا سوف ينعكس على جميع الدول التي تمّ إلحاقها بها. كان الإعتقاد بأنّ المتشددين لم يعودوا بحاجة الى أقنعة تحكم عنهم. اليوم، سقطت هذه النظرية. عادت الحاجة الى الأقنعة. وبما أنّه إذا غيّمت في طهران تُمطر في بيروت، فإنّ ما كان يُحبط كل محاولات إيصال “المرشح الثالث” الى القصر الجمهوري في لبنان، قد انتهى!

المقال السابق
اختلاف جوهري بين تهنئة نصرالله "الباردة" لبزشكيان وتهنئته "الحارة" لرئيسي
رئيس التحرير: فارس خشّان

رئيس التحرير: فارس خشّان

مقالات ذات صلة

"في يوم من الأيّام"!

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية