لا أعرف إن كان بشير الجميل، لو قيّدت له النجاة من الإغتيال، قد تمكّن من أن يحقق الحلم الذي رسمه أمام أنظار غالبية اللبنانيّين، ولكن، بما أنّ أعداءه لم يجدوا سوى في التخلّص الجسدي منه جوابًا عن مأزقهم في انتخابه رئيسًا للجمهوريّة، فهذا يعني أنّ قدرته على النجاح كانت هائلة!
وبشير الجميّل، خلافًا لجميع القادة الموارنة الذين أتوا بعده، لم يكن بحاجة الى المزايدة لتثبيت نفسه وموقعه، وبالتالي كان الأقدر على التوصّل الى تسويات وطنية حقيقية، من شأنها في آن أن تحفظ الوحدة والتنوّع والموقع التفاعلي للبنان والسيادة!
بعد اغتيال بشير الجميّل خسر الموارنة الزعيم الذي صنع الوحدة، بالسياسة حينًا وبالقوة حينًا آخر، وبدأت مشاريع الزعماء تطفو على سطح الواقع، فتقسّمت القيادة المارونية وتنازع مشاريع الزعماء على القرار، وراح واحدهم يزايد على الآخر، في محاولة لكسب الشرعية، فكانت نهاية المارونية السياسيّة بمراسم دموية سمّيت ب”حرب الإلغاء”!
الظروف التي صنعت بشير الجميل وصنعها لم تعد متوافرة ولا يعتقد أحد بإمكان توافرها مجدّدًا، ولذلك فإن استذكار بشير الجميل، هذه السنة، بمناسبة الذكرى السنوية لانتخابه قبل 41 سنة، هو حلم نوستالجي ضمن الحلم الواقعي، ووظيفته الوحيدة أن يُذكّر صانعي الرؤساء بأنّ لبنان لا يحتاج الى مديري أزمة ولا إلى وكلاء تفليسة بل إلى منقذين!
والطريق الى صناعة هؤلاء المنقذين مستحيلة طالما بقي قاتل القادة حرًّا ومطاعًا!