برّي وميقاتي ومنطق "ساعة رمضان" الخبيث!

قد تكون الجلسة التشريعية التي عقدها مجلس النواب للبت بمصير رواتب الموظفين ضرورية جدًّا، ولكن ما لم يكن ضروريًّا أبدًا أن يقول رئيس مجلس النواب نبيه برّي، في مستهل الجلسة التي تلت تطيير فريقه النصاب في الجلسة الأخيرة الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية ما قاله، لأنّ برّي بذلك قال عمليًّا إنّ لا حاجة للدولة اللبنانية الى رئيس.

برّي قال في رد على مجموعة القوى والشخصيات النيابية التي وصفت الجلسة بغير الدستوريّة:” هناك فرقاء يرون أنه لا يجب للحكومة ان تجتمع ولا على المجلس النيابي الإنعقاد والتشريع.. وعليه إذا أردنا السير بما يريده هؤلاء عندها لن نعمل أبدًا”.

كلام برّي فيه الكثير من الإفتئات على الحقيقة، فهو يسقط من منطقه الهجومي دوره ودور فريقه في إطالة أمد الفراغ الرئاسي، من خلال تعمّد تطيير 12 جلسة بإفقادها النصاب، الأمر الذي يدفع القوى والشخصيات النيابية الى رفض التطبيع مع الفراغ الرئاسي.

ما قاله برّي، المتورط بمنع مجلس النواب عن القيام بمهمته الأساسية، أي انتخاب رئيس للجمهورية، يضع ماء في طاحونة المشككين بالنيات العميقة لمعطلي الإنتخابات الرئاسية، إذ يظهر أنّ هناك اتجاهًا حقيقيًّا في البلاد لتبقى من دون رئيس، إذا ما جرى الإستمرار في رفض مرشّح “الثنائي الشيعي”.

وليس من قبيل الصدف أن يذهب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي سبق له أن أعلن ميوله لمصلحة سليمان فرنجية الى حدّ التهويل بدعوة مجلس الوزراء الى جلسات متتالية لدرس الموارنة العامة للعام 2023 وإقرارها، على الرغم من إدراكه لحساسية هذا الموضوع.

في الواقع، لا برّي ولا ميقاتي قلبهما على البلد، فهما بما يُقِدمان عليه يعزّزان شعور عزل فئات واسعة من اللبنانيين، لأنّ من قلبه على البلاد لا يقود عمليات ممنهجة لتعطيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، إلّا إذا انصاع الجميع لإرادته.

في سلوك بري وميقاتي اليوم يكمن شيء خطر للغاية، إذ، لولا التدخل الخارجي، لذهب لبنان، أسرع ممّا يتصوّره البعض، الى انقسام سبق أن عبّر عن نفسه، بمناسبة “ساعة رمضان” التي كانت تهدف إلى إبقاء لبنان على التوقيت الشتوي!

ولأنّهما ليسا “ولدين” في السياسة، فإنّ المخاوف حقيقية من أن يكون ما قاله برّي وميقاتي يخفي… غاية خبيثة في نفس يعقوب.