قالت والدته الثمانينية وهي تحمل صورة له ذات إطار ذهبي “نعم أنا فخورة بابني لأنه مهجة قلبي وهو طلب الشهادة والحمدلله نالها”.
قتل العاروري، القيادي في حركة حماس، الثلاثاء في قصف إسرائيلي استهدف مبنى في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله اللبناني.
لم تعلم عائشة أن ابنها صالح اغتيل إلا عندما وصلت نساء القرية إلى منزلها.
وقالت وقد غطى رأسها غطاء أرجواني “وصلت نساء من القرية ومنهن من كانت تبكي، قلن لي أن صالح استُشهد، قلت لهن لماذا تبكين؟ اذهبن وأحضرن حلوى لتوزيعها”.
وأضافت والدة صالح التي لم تر ابنها منذ أكثر من عشرين عاما سوى عبر الهاتف، “حينما أبعدوه طلب مني أن أذهب معه لكنن ي رفضت، لأني لا استطيع الحركة”.
وقال أفراد العائلة إنهم لم يصدقوا في البداية نبأ “استشهاده” إلا بعد أن أعلنت حركة حماس ذلك.
قضى العاروري الثلاثاء مع ستة آخرين بينهم قياديان في الجناح العسكري لحماس. وهو كان أحد مؤسسي كتائب عز الدين القسام في الضفة الغربية المحتلة.
اعتقلت إسرائيل العاروري في العام 1990 ووضعته رهن الاعتقال الإداري، وبعد عامين حكم عليه بالسجن 15 عاما. ثم أفرج عنه في العام 2007، ليعاد اعتقاله بعد ثلاثة أشهر. وفي العام 2010 تم إبعاده إلى سوريا.
قالت والدته إنه تزوج “بعد أن خرج من السجن، وبعد أقل من ثلاثة أشهر أعيد اعتقاله مجددا”.
في حزيران/يونيو العام الماضي، التقت دلال سليمان بشقيقها صالح في السعودية حيث أديا فريضة العمرة. حينها أمضت معه شقيقته وعمرها 52 عاما يومين.
قالت دلال “عند عودتي إلى فلسطين، أوقفوني على الجسر (المعبر الحدودي مع الأردن)، وسألني ضابط المخابرات، ماذا هل التقيت بالشيخ؟ … رديت عليه: نعم التقيته”.
وأضافت “قال لي ضابط المخابرات: باقي للشيخ مدة قصيرة وسيصل الصاروخ إلى بيته. فأجبته بأن الشيخ بحاجة للشهادة ويحبها أكثر من حبكم لقتله”.
وعن آخر اتصال بينهما قالت أنه كان صبيحة السابع من تشرين الأول/أكتوبر وقالت “سمعنا أن اليهود يريدون اغتياله، وأجريت معه اتصالًا يوم السابع من أكتوبر، لمدة ثلاث دقائق، عند الساعة الثامنة صباحا”.
وأضافت “رد صالح علي، اطمئنوا أنا تمام وبخير، وها هي دباباتنا دخلت المستوطنات في غزة”.
نفذت حركة حماس هجوما غير مسبوق ضد إسرائيل صبيحة ذلك اليوم أدى إلى مقتل 1140 إسرائيليا معظمهم من المدنيين وفق المعطيات الرسمية الإسرائيلية.
وردت إسرائيل بقصف عنيف أعقبته في 27 تشرين الأول/أكتوبر بهجوم بري، ما أدى الى مقتل 22313 شخصا معظمهم من النساء والأطفال، إضافة الى إصابة أكثر من 57 ألفا، وفق آخر أرقام لوزارة الصحة التابعة لحركة حماس.
وتتهم اسرائيل العاروري بالضلوع في الهجوم الذي نفذته حركة حماس على إسرائيل، في الوقت الذي أعلنت فيه نيتها تصفية قيادات الحركة.
واغتياله هو الأول الذي يطال قياديا في حماس خارج الأراضي الفلسطينية منذ اندلاع الحرب الأخيرة بين الحركة وإسرائيل.
الأربعاء، عمّ الاضراب العام مختلف مدن الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلة، بدعوة من الفصائل الفلسطينية الإسلامية والوطنية احتجاجا على مقتل العاروري.
وعلى الطريق ما بين رام الله وعارورة التي تبعد عنها نحو عشرين كيلومترًا مرورا بعدد من القرى الفلسطينية حيث توزعت الأشجار والمزروعات على طرفي الطريق، أقام الجيش حاجزين عسكريين.
وفي وسط القرية، ما زالت آثار منزل العاروري الذي هدمته إسرائيل ماثلة وخُط على حجارته المتناثرة “حركة حماس” باللون الأخضر.
سبق ذلك، ان حوّل الجيش الإسرائيلي المنزل إلى مركز للتحقيق ونصب لافتة عليها صورة العاروري والعلم الإسرائيلي.
وكُتب على اللافتة “هذا كان بيت صالح العاروري واصبح مقر أبو النمر- المخابرات الإسرائيلية”. وأوضح سكان أن أبو النمر هو لقب ضابط المخابرات الإسرائيلي المسؤول عن المنطقة.
عندما علمت بانفجار بيروت، قالت دلال إنها “شعرت بشيء غريب”.
وأضافت “اتصلت به مرارا لكنه لم يجب”.
وتذكرت والدته أن عندما سألها صالح عن رأيها بإبعاده “قلتُ له اذهب إلى أي دولة، بدلا من أن يعتقلوك كل يوم”.