فتح “حزب الله” هذا الصيف حربًا ضد “المثلية الجنسية”، بعدما كانت قد فتحت مجموعات مسيحيّة، الصيف الماضي، معركة مماثلة. وإذا كانت المجموعات المسيحية تهدف الى حجز مكان لها في المجتمع اللبناني فإنّ “حزب الله” يريد أن يظهر، وهو المتشدّد دينيًّا في الأصل، كمدافع عن أخلاق المجتمع متّبعًا في ذلك نهج “الجمهورية الإسلامية في إيران”.
لكنّ هذه الحرب التي فتحها المتشددون وباتت حاليًّا بقيادة “حزب الله” لن تغيّر شيئًا في واقع الحال، لأنّ “المثلية الجنسية” ليست خيارًا بالنسبة لخمسة بالمائة على الأقل من الجنس البشري، ولكنّها سوف تؤدي الى اضطرابات مجتمعية جديدة يبدو لبنان بغنى عنها، وهو الذي يعاني الأمرّين بسبب انهيار كبير يقف “حزب الله” في طليعة المتسببين به.
وإذا ابتعدنا عن بعض المجموعات المتطرفة التي تبحث عن موقع لها في المجتمع، فإنّ النظرة المسيحية الرسمية الى “المثلية الجنسية” تطوّرت جدًّا حتى وصلت الى مستوى عال ليس من التسامحية فحسب بل من المقبولية أيضًا.
وقد كرّس بابا الفاتيكان فرنسيس هذا التوجه المسيحي الجديد، في بداية هذا العام، مستندّا في ذلك إلى البعد الديني الجوهري، من جهة أولى وإلى الدراسات العلمية التي أظ هرت أنّ “المثلية الجنسية” ليست خيارًا بل طبيعة.
وقال البابا في الرابع والعشرين من كانون الثاني الماضي، في مقابلة مع وكالة “أسوشيتد برس الجنسية ليست جريمة”، منتقدا القوانين التي تجرّم هذه الممارسة وواصفا إياها بأنها “غير عادلة”.
وأضاف أن “الرب يحب كل أطفاله تمامًا كما هم” على حد تعبيره، داعيا الأساقفة الكاثوليك الذين يدعمون هذا النوع من القوانين المناهضة للمثلية إلى الترحيب بالمثليين في الكنيسة.
وأقر بأنّ بعض الأساقفة الكاثوليك في أنحاء العالم يدعمون القوانين التي تجرّم المثلية الجنسية أو تميز ضد ما يعرف بـ”مجتمع الميم”، لكنّه تناول هذه القضية من منظور “الخطيئة” وعزا هذه المواقف إلى خلفيات هؤلاء الثقافية، داعيا الأساقفة على وجه الخصوص إلى الخضوع لما سماها “عملية تغيير” مُفضية إلى الاعتراف بكرامة الجميع.
وأضاف “يجب أن يخضع هؤلاء الأساقفة لعملية اهتداء”، مضيفا أن عليهم أن يطبقوا مبدأ “العطف والحنان.. كما يفعل الرب مع كل واحد منا”.
وقالت الوكالة إن تعليقات البابا الجديدة بشأن القوانين المناهضة للمثلية الجنسية هي الأولى من نوعها لبابا، لكنها تتسق مع نهجه العام تجاه مجتمع المثليين واعتقاده بأن على الكنيسة الكاثوليكية أن ترحب بالجم يع لا أن تميز بينهم. يشار إلى أن البابا فرنسيس كان قد دافع -في فيلم وثائقي عن حياته بث في 2020- عن حق الأشخاص المثليين في تكوين أسرة، قائلا إنهم “أبناء الرب”.
وقال البابا في الفيلم الذي عرض في مهرجان روما للأفلام “للمثليين حق في تكوين أسرة.. إنهم أبناء الرب. لا ينبغي طرد أحد أو تحويله إلى بائس بسبب ذلك”.
كذلك دعا في مطلع عام 2022 آباء الأطفال المثليين إلى عدم إدانة أبنائهم وأن يقدموا لهم “الدعم”، قائلا “على الآباء الذين يرون توجهات جنسية مختلفة في أطفالهم.. عدم الاختباء وراء مواقف إدانة تجاههم”، وفق ما ذكرت آنذاك وكالة رويترز. وأشار إلى أن الكنيسة “في حين لا تستطيع قبول زواج المثليين، إلا أنها يمكن أن تدعم قوانين الاتحاد المدني التي تهدف إلى منح الشركاء المثليين حقوقا مشتركة في مجالات الرواتب والرعاية الصحية وقضايا الميراث”.