“سنو وايت”، أو “بياض الثلج”،أحدث فيلم من إنتاج ديزني، وهو نسخة أعيد إنتاجها من أحد أفلامها الكلاسيكية، كلّف الشركة 270 مليون دولار (247 مليون يورو) لإنتاجه وترويجه، وفقا لمجلة فوربس.
عادة ما يُجري عدد كبير من المراسلين مقابلات مع نجوم السينما على السجادة الحمراء في افتتاح مثل هذه الأفلام ذات الميزانيات الضخمة. لكن الصحفيون منعوا من حضور العرض الأول لـ “سنو وايت” في هوليوود يوم 15 مارس، والعرض الأول في أوروبا، قبل ثلاثة أيام في قلعة نائية بشمال إسبانيا.
تقييد وصول وسائل الإعلام إلى النجوم وفريق الفيلم مرتبط بالتعليقات على الإنترنت والنقاشات التي امتدت طوال فترة إنتاج الفيلم. سيُعرض الفيلم في 20 مارس في ألمانيا، وبعده بيوم في الولايات المتحدة.
رد فعل عنصري
بدأت التعليقات العنصرية في يونيو 2021، عندما أُعلِن لأول مرة عن أن رايتشل زيغلر ستكون بطلة الفيلم.
زيغلر، التي ظهرت لأول مرة في فيلم “قصة الحي الغربي” للمخرج ستيفن سبيلبرغ عام 2021، تنحدر من أصول كولومبية وبولندية. وقد أثار اختيار ممثلة لاتينية لتجسيد شخصية الفيلم غضب معلقين عنصريين. كما استنكروا اختيار هالي بيلي، سمراء البشرة، لبطولة فيلم “حورية البحر الصغيرة” (2023).
صرحت زيغلر في مقابلة مع مجلة فارايتي عام 2024، أن اسم “سنو وايت” في الفيلم الجديد، بدلا من تسميته نسبة إلى لون بشرتها “بياض الثلج”، يشير إلى قصة أخرى من الحكاية الخيالية، حيث تنجو الفتاة من عاصفة ثلجية وهي طفلة. وأضافت زيغلر: “لذلك قرر الملك والملكة تسميتها سنو وايت لتذكيرها بقدرتها على الصمود، والتخلص من “المُطارِد”.
ومن التحديثات الأخرى للقصة أنها لم تكرر الفكرة القديمة القائلة بأن إنقاذ الفتاة لا يكون إلا بالزواج. وحينما ناقشت زيغلر هذا الجانب واصفة الأمير بأنه “مُطارد”، اعتبرت أن “النسخة الأصلية من الرسوم المتحركة صدرت عام 1937، وكان واضحا جدا أن هناك تركيزا كبيرا على قصة حبها مع رجل يُطاردها حرفيا”.
وأضافت زيغلر أن الفيلم الجديد يُركز على “رحلة داخلية تخوضها الفتاة للاكتشاف ذاتها ، وتلتقي خلالها بالكثير من الأشخاص، مما يجعل الرحلة ممتعة”.
كيف ينبغي تقديم الأقزام السبعة؟
أثار بيتر دينكلاج، الممثل الحائز على جوائز في مسلسل “صراع العروش”، جدلا جديدا حول فيلم “سنو وايت” خلال مقابلة أجراها مع مارك مارون في بودكاست “WTF” عام 2022.
على الرغم من إشادة دينكلاج بديزني لاختيارها ممثلة لاتينية لدور سنو وايت، إلا أنه رأى أنه من غير المنطقي أن يكون “تقدميا من ناحية”، ثم يستمر في تقديم “قصة رجعية عن سبعة أقزام يعيشون معا في كهف”.
يُعد دينكلاج، المصاب بنوع من القزم، أحد أبرز الشخصيات ذات الاحتياجات الخاصة. وقد حرص الممثل على تجنب الأدوار النمطية المخصصة عادة للممثلين الأقزام.
بعد يوم من هذه المقابلة، أعلنت ديزني أنها ستغير نجوم سنو وايت المشاركين إلى “مخلوقات سحرية” مُصممة بتقنية CGI. لكن في المقابل، اعتبر العديد من الممثلين من شريحة الأقزام أن هذا يُمثل خسارة لأدوار محتملة في إنتاج ضخم.
وقال الممثل تشون تان، المعروف بلقب “أصغر لاعب كمال أجسام في المملكة المتحدة، إنه “لا حرج في اختيار شخص مصاب بالقزم لأداء دور في أي فرصة متاحة. طالما نُعامل بمساواة واحترام، فنحن عادة ما نكون أكثر من سعداء بتولي أي أدوار تمثيلية مناسبة لنا”. ووصف اعتماد الفيلم على الرسوم المتحركة الحاسوبية للشخصيات بأنه “عبثي تماما وتمييزي إلى حد ما”.
وقال: “أعتقد أن ديزني تحاول جاهدة أن لا تخطئ سياسيا، لكنها بذلك تُلحق ضررا بمسيرتنا المهنية وفرصنا”.
دعوات لمقاطعة الفيلم بسبب ممثلة إسرائيلية
عندما أصدرت ديزني أول إعلان تشويقي لفيلم “سنو وايت” عام 2024، كانت هناك دعوات من نشطاء لمقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات لمقاطعة الفيلم بسبب اختيار الممثلة الإسرائيلية غال غادوت لدور الملكة الشريرة.
أبدت غادوت دعمها المستمر لإسرائيل منذ هجمات حماس الإرهابية في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وركز خطابها في 7 مارس/آذار، خلال القمة السنوية لرابطة مكافحة التشهير، على معاناة اليهود وتصاعد معاداة السامية حول العالم منذ ذلك الحين. ولم تُشر ولو مرة واحدة إلى الأثر المدمر للحرب التي استمرت 17 شهرا ضد حماس على فلسطينيي غزة.
بينما أضافت زيغلر وسم #freePalestine في ترويجها للفيلم على مواقع التواصل الاجتماعي. وقد أثارت الآراء السياسية المتعارضة لغادوت وزيغلر شائعات عن خلاف بين النجمتين.
قصة تتطور
على من يصرّون على أن بشرة سنو وايت يجب أن تكون بيضاء كالثلج أو أن طريقها الوحيد للسعادة هو الزواج أن يلاحظوا أن ديزني قد تحررت في فيلمها المقتبس من القصة الخيالية الألمانية الأصلية للأخوين غريم.
جمع الأخوان غريم الحكايات الشعبية الشفهية من مصادر مختلفة في حكايات نُشرت لأول مرة عام 1812. كما أجروا تغييرات وإضافات حتى وصلت إلى طبعتها السابعة عام 1857، والتي تضمنت 200 حكاية.
ومن الفروقات الرئيسية، أن شخصية سنو وايت لا تستيقظ من قبلة الأمير، كما هو الأمر في نسخة ديزني عام 1937. بدلاً من ذلك، تخرج التفاحة المسمومة من حلقها عندما يتعثر أحد خدم الأمير ويفقد توازنه أثناء نقل التابوت الزجاجي.
وفي نسخة أخرى، يستاء خادم الأمير بشدة من اضطراره لحمل التابوت الزجاجي في كل مكان من أجل الأمير، فيضرب الفتاة، التي بدت كأنها ميتة، على ظهرها، مما يتسبب في خروج قطعة التفاحة من حلقها.
في نهاية القصة الخيالية، تُمنح الملكة الشريرة نعالا حديدية ملتهبة لترقص بها حتى الموت في حفل زفاف سنو وايت. لا تنتهي نسخة ديزني لعام 1937 بمشهد تعذيب كهذا. بدلا من ذلك، تكون الملكة الشريرة، التي لا تزال ترتدي زي السيدة العجوز - على وشك أن تتدحرج بقدمها على الأقزام عندما يضرب البرق حافة الجرف حيث تقف، ثم تسقط وتموت.