حذر مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا جير بيدرسن اليوم (الاثنين) من أن امتداد الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني إلى سوريا قد بدأ بالفعل.
وقال بيدرسن في مجلس الأمن إن الصراع السوري يمر منذ مارس 2020 بنوع من الجمود الاستراتيجي الذي يتسم بالخطوط الأمامية الثابتة والعنف المستمر والتصعيد المتقطع، مع ترسيخ سلطات الأمر الواقع لسيطرتها وحضور ونشاط خمسة جيوش أجنبية.
وقال “برغم ذلك، حذرت منذ فترة طويلة من أن هذا الوضع الراهن يترك سوريا عرضة لخطر الانجراف إلى تفتيت أعمق وممتد، وأن الأمر ينطوي على مخاطر تصعيد من النوع الأكثر رعبا. لقد تزايدت تحذيراتي هذا العام حيث شهدنا تنامي عدم الاستقرار والعنف، وتفاقمت بسبب عدم وجود عملية سياسية ذات مغزى. اليوم، أدق ناقوس الخطر من أن الوضع الآن في أخطر (نقطة) منذ فترة طويلة”.
وأوضح أنه يدق ناقوس الخطر لأنه، علاوة على العنف الناجم عن الصراع السوري نفسه، يواجه الشعب السوري الآن احتمالًا مرعبًا لتصعيد أوسع محتمل، بالنظر إلى التطورات المقلقة في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة والمنطقة.
وذكر أن “امتداد الصراع إلى سوريا ليس مجرد مخاطرة. لقد بدأ بالفعل”.
وقال إن الضربات الجوية، المنسوبة إلى إسرائيل، أصابت مطاري حلب ودمشق عدة مرات في الشهر الماضي. بالإضافة إلى ذلك، تقول إسرائيل إنها ردت باستخدام المدفعية وقذائف الهاون والغارات الجوية على ما قالت إنه عدد من مواقع عمليات الإطلاق من سوريا تجاه إسرائيل على الجولان السورية المحتلة. كما قالت الحكومة السورية إن بعض جنودها قتلوا وأصيبوا جراء هذه الضربات، بالإضافة إلى عمال مدنيين في الهجمات على المطارين.
وفي غضون ذلك، تقول الولايات المتحدة إن قواتها واجهت هجمات متعددة شنتها جماعات تزعم أنها مدعومة من إيران، منها هجمات على الأراضي السورية. وفي الأسبوع الماضي، نفذت الولايات المتحدة ضربات على منشآت في سوريا تزعم أن الحرس الثوري الإسلامي الإيراني يستخدمها وتستخدمها أيضا الجماعات التي يدعمها. كما وردت تقارير عن مزيد من تبادل الهجمات مرة أخرى اليوم (الاثنين)، وفقا لما قال.
وجاء في كلمة للسفيرة ليندا توماس غرينفيلد خلال إيجاز في مجلس الأمن الدولي بشأن الوضع السياسي والإنساني في سوريا الآتي:
حذر المبعوث الخاص هذا المجلس قبل هجمات حركة حماس الإرهابية على إسرائيل بتاريخ 7 تشرين الأول/أكتوبر من إمكانية امتداد النشاط العسكري المتزايد في سوريا إلى الدول المجاورة. ولسوء الحظ، أثبتت كلمات المبعوث الخاص صحتها. وتهدد الجماعات الإرهابية التي ينعم بعضها بدعم النظام السوري وإيران بتوسيع الصراع إلى ما هو أبعد من غزة، وذلك باستخدام الأراضي السورية للتخطيط لهجمات ضد إسرائيل وشن ها. ولقد شهدنا أيضا هجمات على القوات الأمريكية في سوريا، وهي قوات تمثلت مهمتها بهزيمة داعش، ولا تزال.
لقد سمح النظام السوري لإيران والجماعات الإرهابية، وبما فيها حزب الله، باستخدام مطاراته الدولية لأغراض عسكرية. ويعرض النظام من خلال القيام بذلك المسافرين المدنيين في تلك المطارات للخطر وحري به أن يتوقف عن لعب دور الضحية. تتمثل صلاحيات النظام بمنع إيران من استخدام المطارات المدنية السورية لنقل الأسلحة والمقاتلين الذين يستخدمون بعد ذلك لتهديد الدول المجاورة.
وندعو النظام إلى كبح أنشطة الميليشيات المدعومة من إيران في سوريا ووقف تدفق الأسلحة والمقاتلين الأجانب عبر أراضيه ووقف الأعمال التصعيدية في مرتفعات الجولان.
لقد حذرت الولايات المتحدة كافة الأطراف من مغبة استغلال الوضع في غزة لتوسيع رقعة الصراع أو تعميقه. وقد أوضحنا أننا سنرد على الهجمات التي تستهدف أفرادنا ومنشآتنا في سوريا أو المصالح الأمريكية، وسنمارس حقنا في الدفاع عن النفس حيثما كان ذلك مناسبا، وذلك بقوة وبشكل متناسب وبطريقة تقلل من الضرر الذي يلحق بالمدنيين.
لقد جاءت الضربات الأمريكية المصممة بدقة ضد مواقع الميليشيات الإيرانية في شرق سوريا يوم 27 تشرين الأول/أكتوبر ردا على الهجمات المتكررة على القوات الأمريكية في سوريا والعراق منذ 17 تشرين الأول/أكتوبر، وكانت ممارسة مناسبة لحقنا في الدفاع عن النفس بموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة. لا شك في أن الضربات الأمريكية كانت وستكون بدون سابق إنذار. ولن تتردد الولايات المتحدة في اتخاذ المزيد من التدابير اللازمة لحماية شعبنا على حد تعبير وزير الدفاع الأمريكي أوستن بعد الضربات الأخيرة.
حضرات الزملاء، ينبغي أن تشكل حماية المدنيين أولوية في هذه الفترة العصيبة التي تمر بها المنطقة. ونحن نشعر بالسخط إزاء الهجمات المتواصلة التي يشنها نظام الأسد والهجمات الروسية في شمال سوريا، والتي أسفرت عن مقتل العشرات من المدنيين وتشريد أكثر من 100 ألف شخص وتدمير البنية التحتية الحيوية.
استهدف النظام أو حلفاؤه الروس في الأسبوع الماضي وحده مخيما للنازحين في شمال غرب سوريا، مما أسفر عن مقتل أطفال أبرياء. وما زلنا نشهد هجمات على المدارس والمرافق الطبية. ولم يحاول نظام الأسد ولا روسيا حتى تقديم تفسير معقول لهذه الفظائع. وتتمثل استراتيجيتهم منذ سنوات بالإنكار والتضليل وصرف النظر.
يدعون أن كل من يعارضهم هو إرهابي وأن أي هدف يختارونه مشروع وأي تقرير عن إصابة مدنيين ملفق. لا تتصرف الدول المسؤولة على هذا النحو، وهذا ليس المعيار الذي تلتزم به الولايات المتحدة أو الذي نلزم به شركاءنا وحلفاءنا.
لا شك في أن نظام الأسد وروسيا سيصرحان للتنديد بدعمنا لإسرائيل، إلا أن الفارق هنا هو أن الأنظمة الديمقراطية تجري عمليات عسكرية دفاعا عن النفس وبطريقة تهدف إلى تقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين ولا تستهدف المدنيين عمدا.
حضرات الزملاء، على الجبهة السياسية، نحن نراقب عن كثب الاحتجاجات المستمرة منذ شهرين في جنوب سوريا، بما في ذلك السويداء ودرعا، وهي احتجاجات يقدن النساء العديد منها. ونحن ندعم بشكل كامل حرية السوريين في التعبير عن الرأي والتجمع السلمي، بما في ذلك عندما يتم ممارسة هذا الحق للاحتجاج سعيا إلى تحقيق الكرامة والحرية والأمن والعدالة. وتؤكد هذه الاحتجاجات أيضا ضرورة حل للصراع يركز على سوريا ويقوده السوريون.
حضرة المبعوث الخاص بيدرسون، نشيد بتركيزكم المتواصل على المسار السياسي بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم 2254، وذلك على الرغم من العرقلة التي يمارسها نظام الأسد. ويبقى القرار 2254 خارطة الطريق الوحيدة القابلة للتطبيق من أجل حل دائم للصراع. ويجب أن نعمل على تحديد كافة السبل للدفع بالعملية السياسية المتوقفة، بما في ذلك من خلال دعم العمل المهم الذي يقوم به المجلس الاستشاري النسائي السوري.
نحن نعمل من أجل التوصل إلى حل سياسي مستدام، وينبغي أن نواصل أيضا معالجة الوضع الإنساني المتردي. وترحب الولايات المتحدة بالتدفق المستمر لقوافل الأمم المتحدة عبر الحدود التركية السورية، والتي توفر المساعدات المنقذة للحياة للملايين المحتاجين على غرار ما ذكرته السيدة ووسورنو.
ولكننا متنبهين أيضا إلى أن ترتيبات الأمم المتحدة مع النظام بشأن معبري باب السلام والراعي قد تنتهي بحلول 13 تشرين الثاني/نوفمبر، ولكن ما من سبب يمنع تجديد هذا الترتيب ونحث نظام الأسد على القيام بذلك. علينا أن نحثه على القيام بذلك.
ينبغي أن يمنح هذا المجلس للأمم المتحدة الدعم الذي تحتاج إليه للمحافظة على إمكانية وصول المساعدات إلى كافة السوريين بدون عوائق وبكافة السبل وطالما دعت الحاجة إلى ذلك. وينبغي أن يواصل هذا المجلس والدول الأعضاء الوقوف إلى جانب الشعب السوري في وقت حاجته.