أعلنت سلطات كييف العسكرية، اليوم الأحد، عن مهاجمة 32 مسيرة روسية الأراضي الأوكرانية، مضيفة أنه تم إسقاط 25 منها.
وبحسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية عن بيان للقوات المسلحة الأوكرانية، فإن “المحتلين هاجموا أوكرانيا بـ32 مسيرة انتحارية… دمرت قوات الدفاع الجوي الأوكرانية 25 منها، فيما وجه المحتلون الروس معظم المركبات الجوية غير المأهولة باتجاه منطقة كييف”.
وذكر رئيس الإدارة العسكرية للعاصمة سيرغي بوبكو على “تيليغرام”، أن “المسيرات دخلت العاصمة في أسراب من مختلف الاتجاهات”.
وأضاف أن الشظايا تساقطت على عدة أحياء، مما أحدث أضراراً في شقة ضمن مبنى مؤلف من عدة طوابق وفي الطرقات وخطوط الطاقة، مؤكداً إصابة شخص بجروح.
استهدفت روسيا مراراً المدن الأوكرانية منذ أطلقت الغزو العام الماضي، لكن باتت عمليات القصف الواسعة أقل تكراراً نظراً لتراجع مخزونات موسكو وتعزيز أوكرانيا دفاعاتها الجوية.
ودمرت كييف الشهر الماضي أكثر من 20 مسيرة وصاروخاً في إطار ما قالت إنه “أعنف قصف” يطال العاصمة منذ الربيع.
وفي ضوء التصعيد الميداني، أعلن رئيس إدارة شبه جزيرة القرم الذي عينته روسيا سيرغي أكسيونوف على “تيليغرام”، السبت، أن الدفاعات الجوية الروسية أسقطت ثلاث طائرات مسيرة أوكرانية في المنطقة.
وجرى إسقاط واحدة في الشمال الغربي واثنتين إلى الغرب من شبه الجزيرة.
وعلى نحو منفصل، قالت وكالة تاس الروسية للأنباء، إن وزارة الدفاع في البلاد أبلغت الصحافيين بأن الدفاعات الجوية أحبطت هجوماً أوكرانياً بطائرة مسيرة حاول ضرب أهداف على أراضي روسيا الاتحادية في حوالى الساعة 7:30 مساء بالتوقيت المحلي.
ولم يتسن لـ”رويترز” التحقق من صحة التقارير ولم ترد تقارير حتى الآن عن وقوع أضرار أو ضحايا. وكانت موسكو ضمت شبه جزيرة القرم من أوكرانيا عام 2014.
في السياق، أكدت أوكرانيا على لسان رئيس استخباراتها العسكرية أن ضرباتها التي تطال الأراضي الروسية تستهدف بالدرجة الأولى الصناعة العسكرية.
وقال الجنرال كيريلو بودانوف، خلال مشاركته في مؤتمر بكييف، إن هذه الهجمات “تستهدف قبل كل شيء مؤسسات للمجمع العسكري الصناعي الروسي”.
وأشار على سبيل المثال إلى أن مصنعاً لرقاقات إلكترونية تدخل في صناعة صواريخ “إسكندر” التي استخدمتها روسيا بكثافة لقصف الأراضي الأوكرانية، كان هدفاً لهجوم من كييف “أخيراً”.
وارتفعت خلال الأشهر الماضية وتيرة تعرض الأراضي الروسية، سواء كانت في مناطق حدودية أو بعيداً منها وصولاً إلى موسكو، لهجمات معظمها باستخدام المسيرات. وباتت أوكرانيا تتبنى بشكل علني عدداً أكبر من هذه الهجمات.
وقال بودانوف، إن “انفجارات في الدولة المعتدية توقظ المجتمع بعض الشيء، لكن هذا لم يؤد بعد إلى نتيجة واسعة، وهذا مؤسف بالنسبة إلينا”، على رغم قناعته بأن هذه الهجمات ستسبب “مشكلات مهمة” للروس على المدى الطويل.
وشدد على أن هذه “مسألة وقت”، معتبراً أن “ما هو مهم ويمثل الفارق بيننا وبين الروس: لم يعانِ أي مدني (من هجمات أوكرانيا)، مهما قال الروس”.
وأشار إلى أن الهجوم المضاد الذي بدأته أوكرانيا مطلع يونيو (حزيران) وبقيت نتائجه دون المتوقع، سيتواصل حتى أواخر الصيف، وهو الفصل الذي يناسب أكثر تحرك القوات البرية.
وشدد على أن “العملية الهجومية ستستمر في مختلف الاتجاهات”، مقراً في الوقت ذاته بأن تغيير الفصول قد ينعكس “سلباً” على تقدم القوات الأوكرانية “لأنه من الصعب خوض الحروب في ظل البرد والرطوبة وفي الوحول”.
420 ألف جندي روسي
وفق تقديرات أعلنها نائب رئيس الاستخبارات في وزارة الدفاع فاديم سكيبيتسكي، فإن روسيا تنشر 420 ألف جندي في المناطق التي تحتلها شرق أوكرانيا وجنوبها، بما فيها شبه جزيرة القرم” التي ضمتها عام 2014.
وأضاف سكيبيتسكي أن هذا العدد “لا يشمل الحرس الوطني الروسي وتشكيلات خاصة أخرى مكلفة الحفاظ على سلطة الاحتلال في أراضينا”. وأكد أن روسيا تستخدم منذ شهر شبه جزيرة القرم “لمهاجمة بنى تحتية لمرافئ” في جنوب أوكرانيا.
وأوضح أن “مسيرات تم نشرها في القرم يتم استخدامها ضد ميناءي إسماعيل وريني”، من حيث كانت تنقل شحنات الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود حتى انسحاب موسكو من اتفاق دولي في هذا الإطار خلال يوليو (تموز).
مساعي الثأر
من جهتها، أعلنت نائبة وزير الدفاع الأوكراني غانا ماليار أن الروس يتطلعون إلى استعادة سيطرتهم على الأراضي التي حررها الجيش الأوكراني قبل عام في منطقة خاركيف (شمال شرق).
وقالت “إنهم يريدون الثأر. تقضي مهمتهم في الشرق أيضاً بتشتيت قواتنا بحيث لا نتمكن من نشرها في شكل مركزي في منطقة باخموت حيث نتقدم بنجاح”.
لكن ماليار أقرت بأنه لا تزال للجيش الروسي أفضلية على القوات الأوكرانية على صعيد التسلح، الأمر الذي يؤدي إلى إبطاء الهجوم الأوكراني المضاد الذي بدأ خلال يونيو.
وأضافت “علينا أن نعترف بأن العدو قوي، وأن لديه عدداً أكبر من العناصر و(كمية أكبر من) الأسلحة”.
ولفتت إلى أن الجيش الروسي أطلق الأسبوع الماضي فقط “نحو 400 ألف قذيفة” على المواقع الأوكرانية في الجبهة الشرقية، في حين “أننا قادرون على استخدام (ذخائر) هي أقل بثماني مرات” مما في حوزة الجنود الروس.
نقص الإرادة
وفي المؤتمر ذاته، أعلن وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا أن المفاوضات مع الحلفاء الغربيين في مجموعة الدول السبع حول إنشاء محكمة دولية هدفها محاسبة المسؤولين الروس، وفي مقدمهم الرئيس فلاديمير بوتين لقيامهم بغزو أوكرانيا وصلت إلى “طريق مسدود”. كذلك انتقد “نقص الإرادة” لدى الدول الغربية لتنقل إلى أوكرانيا أصولاً روسية مجمدة منذ بدء هجومها العسكري تقدر قيمتها بمئات المليارات من اليورو.
وذكر صراحة، “نحن في ما يشبه طريقاً مسدوداً حول هاتين القضيتين لأن هناك انقسامات حول الأولى وثمة نقص إرادة واضح بالنسبة إلى الأخيرة”.
وأوضح وزير الخارجية أن دول “مجموعة السبع تؤيد بشدة محكمة هجينة” تستند إلى القانون الأوكراني ولا تسمح في رأي كييف برفع الحصانة عن المسؤولين الروس بينهم بوتين ورئيس وزرائه ميخائيل ميشوستين ووزير الخارجية سيرغي لافروف.
وأكد أن “محكمة هجينة لا تجيب عن مسألة كيفية ملاحقة الثلاثي الذي ذكرته للتو”.
أوكرانيا تطالب بـ”مزيد من الأسلحة الثقيلة”
من جانبه، طلب وزير الدفاع الأوكراني الجديد رستم أوميروف من الدول الغربية تزويد بلاده بـ”مزيد من الأسلحة الثقيلة” لدعم الهجوم المضاد الذي تشنه قواته لاستعادة أراض تسيطر عليها روسيا.
وقال أوميروف، خلال مؤتمر في كييف، “ممتنون لكل الدعم الذي تم توفيره لكننا نحتاج إلى مزيد من الأسلحة الثقيلة. أسلحة ثقيلة. وأعيدها مجدداً، أسلحة ثقيلة”، وأضاف، “نحتاج إليها اليوم. نحتاج إليها الآن”.
وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أقر بأن التفوق الجوي الروسي “يوقف” الهجوم المضاد، مبدياً أسفه لـ”بطء” المساعدات العسكرية الغربية وطالب بأسلحة بعيدة المدى وبتشديد العقوبات على موسكو. وقال أوميروف، إن “المحاربين ال أوكرانيين يضحون بحياتهم من أجل قيم الديمقراطية والحرية. يحتاجون إلى دعمكم أيها الشركاء. وهذا الدعم هو الأسلحة”.
وعين زيلينسكي أوميروف وزيراً للدفاع، الأسبوع الماضي، داعياً إلى “مقاربات جديدة” في الوزارة. وشكل تعيين الوزير البالغ 41 عاما تغييراً جذرياً بالنسبة لأوكرانيا في خضم الحرب، وأتى في أعقاب فضائح فساد هزت الوزارة.
وعلى رغم بطء هجومها المضاد، أكدت أوكرانيا أواخر أغسطس (آب) استعادة السيطرة على قرية روبوتين، وأن ذلك سيتيح لقواتها التقدم نحو المناطق الجنوبية المحتلة والقرم.