لم تكن حادثة إطلاق الرصاص على السفارة الأميركية “بريئة” أو عرضية، وحملت في طياتها رسائل تتخطى الداخل، على الرغم من أن أدواتها “محلية”، لتؤشّر الى بداية مرحلة جديدة قد تُعيد لبنان الى الواجهة كساحة للتصفية والزعزعة الأمنية.
حمل تصريح السفيرة الأميركية دوروثي شيا بأن “التحقيقات جارية من أجل ملاحقة المرتكب ومحاسبته”، رسالة بالمباشر الى المسؤولين اللبنانيين والأجهزة الأمنية بأن تبيين الفاعل لا مساومة عليه و”لفلفة” الملف كما تجري العادة مع كل الحوادث في لبنان لن يمر، فمن خرق حزام السفارة الأمني لا يمكن أن يكون فرداً او عصابة عادية، بل منظومة رصدت واستغلت لحظة مناسبة لتنفيذ ما قامت به.
جاء الإنذار بحسب المتابعين بمثابة “تنبيه” من ايران، على اعتبار أنها الوحيدة القادرة على ارتكاب تلك الأعمال بفعل جناحها المسلح في لبنان أي “حزب الله”، الى الولايات المتحدة بأنها قادرة على اشعال المنطقة بأدواتها من لبنان الى العراق وسوريا وغيرها، وأن الأمن بعهدتها تفجّره ساعة تشاء، والحزب على أتم الجهوزية ليكون “أمراً وطاعة”.
في رسالة عوكر المزدوجة، تلويح ايراني للخارج بأن التسوية في الشرق الأوسط تمر بطهران حكماً، وتأكيد من “حزب الله” للداخل ومعه الخارج بأنه “اللاعب الأقوى” باعتباره يملك السلاح، وبالتالي أي مقايضة في الملف اللبناني يجب أن تكون مصالحه على رأس الأولويات، وفي الحالتين الخلاصة الوضع رهن التجاوب قبل فوات الأوان وتفجير الساحة اللبنانية واراقة الدماء.