بعد شهور من البرود الشديد الذي ساد العلاقات بين التيار الوطني الحر وحزب الله، على خلفية دستورية جلسات حكومة تصريف الأعمال، ومن ثم على الملف الرئاسي، عاود طرفا تفاهم مار مخايل إدارة علاقتهما عبر الحوار المباشر. وأعلن رئيس التيار النائب جبران باسيل أمس «أننا عاودنا التحاور مع حزب الله بذهنية إيجاد حل من دون فرض شروط مسبقة، وهذا الحوار الذي بدأ بوتيرة جيدة وإيجابية، نأمل أن يتكثف للوصول إلى نتائج تأتي بالمنفعة لجميع اللبنانيين وليس لفريق على حساب آخر».
وقالت مصادر مطّلعة إن استئناف الحوار حول الملف الرئاسي يأتي على قاعدة عدم وجود شروط مسبقة بحيث إن باسيل أسقط شرطه بسحب ترشيح زعيم تيار المردة سليمان فرنجية مسبقاً، فيما يتصرف الحزب على قاعدة أنه أمام مهمة إقناع رئيس التيار الوطني الحر بفرنجية أو أن يقنع باسيل الحزب بمرشح آخر. وفي المقابل، لم يغيّر التيار الوطني الحر موقفه من هذا الترشيح، إلا أن الانسداد المستحكم في أفق الأزمة الرئاسية دفع إلى تكوّن قناعة لدى الطرفين بضرورة الذهاب إلى الحوار وعدم الرهان على متغيّرات قد لا تأتي بالضرورة في القريب العاجل.
وفي المعلومات أن وفداً من الحزب (يُرجح أنه ضم رئيس لجنة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا) زار باسيل أول من أمس، وكانت «جلسة أولى جيدة اتُّفق فيها على عدم التسريب» بحسب مصادر مطّلعة حرصت على التأكيد أن «العلاقة لم تشهد قطيعة، لكنّ التواصل كان بارداً جداً». وأضافت أن من البنود الأساسية التي يجري الحديث عنها معالجة المناخ السلبي العام وضبط الانفلات على مواقع التواصل الاجتماعي وتعزيز التواصل مجدّداً على مستوى القاعدة التي بدأ تعارفها الحقيقي في ما بينها في مثل هذه الأيام عام 2006.
ولفتت إلى أن التغيير في مقاربة الطرفين لبعضهما بدأ عقب جلسة 14 حزيران الماضي لانتخاب رئيس للجمهورية، إذ حرص باسيل على شرح موقفه الذي فُهم بأنه شرط مسبق لأي حوار، مع التأكيد على أن موقفه من ترشيح فرنجية نهائي. كما أن طرح الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان للحوار أظهر تطابقاً بين باسيل والحزب في الترحيب بالحوار أكثر من بقية الأفرقاء. ومع تدخل الفريقين في أكثر من قضية لجهة التهدئة، برز أخيراً الموقف المشترك للطرفين من ملف تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان وتعيينات المجلس العسكري كتقاطع إيجابي أساسي يُبنى عليه لوصل بعض مما انقطع، في ظل حرص الفريقين على تثبيت التفاهم بشأن حصر الخلاف في الاستحقاق الرئاسي، إذا كان لا بد منه.
وقال باسيل بعد اجتماع تكتل «لبنان القوي» إن «الحوار بين اللبنانيين مفيد»، و«على هذا الأساس وضعنا ورقة الأولويات الرئاسية وتحاورنا بشأنها مع الجميع، وقلنا إن البرنامج أهم من الشخص»، مضيفاً أن «الحوار مقبول أو مرغوب إذا كان يمرر حلولًا، لكنه مرفوض إذا كان لتمرير الوقت وانتظار ظروف ليتمكن فريق من فرض مرشحه».