"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

اتفاق بكين كسر زخم ترشيح فرنجية

علي حمادة
الأحد، 19 مارس 2023

شكّل الاتفاق السعودي – الإيراني الذي تمّ بضمانة صينية منعطفا في المعطى الجيوسياسي الإقليمي، وبالتالي كانت له تداعيات كبيرة على الساحة اللبنانية المتأثرة الى حد بعيد بأيّ تطور إقليمي، لاسيما عندما يتعلق الامر بقوتين اقليميتين كبيرتين مثل المملكة العربية السعودية و ايران .

ظهر الامر جليًا من خلال ارتباك العديد من الافرقاء اللبنانيين إزاء هذه المفاجأة الآتية من العاصمة الصينية بكين ، لكن بدا أنّ علامات الارتباك في معسكر ما يسمى “المقاومة ” كان اكثر وضوحًا ، فمسارعة الأمين العام ل”حزب الله” السيد سحن نصرالله الى تبريد الموقف الذي كان قد أدلى به قبل الإعلان عن اتفاق بكين ببضعة أيام، على خلفية تأييد ترشيح النائب السابق سليمان فرنجية ، ووضعة في اطار هادئ و تسووي ، عكس تأثر “حزب الله” الكبير بالموقف الإيراني الذي أدار نظامه محركات التهدئة في كل الساحات التي يتمتع فيها بنفوذ ، فما بالك بالساحة اللبنانية حيث يمتلك ذراعًا امنية – مخابراتية – عسكرية و عقائدية كبيرة يمثلها تنظيم “حزب الله” المستتبع بكشل تام لمصالح النظام الإيراني بإعتباره فصيلًا في “فيلق القدس ” التابع ل” الحرس الثوري” في ايران .

و في اعقاب الاتفاق السعودي – الإيراني هدأت ماكينة “حزب الله” الدعائية ، الى حد اعلان قادتها انهم سيتجنبون التعرض للسعودية . حتى وسائل الاعلام التابعة او الممولة اما مباشرة او مواربة من “حزب الله” و محوره الإقليمي انتهجت سياسة التهدئة الى أقصاها،الامر الذي فهم منه ان الخيارات التي تفرض على لبنان يمكن في لحظة إقليمية معينة ان تتغير تبعا لما يتقرر في طهران . هذا ليس بالامر المستجد ، ولا هو بغريب على من يعرف اصل نشوء و تنامي هذا التنظيم في العقود الأربعة الماضية .

حتى لحظة الكشف عن الاتفاق السعودي – الإيراني كانت المبادرة في ما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي اللبناني بيد “حزب الله” أولا ، و”الثنائي الشيعي ” ثانيا ، لكن تغير الموضوع بعد العاشر من آذار ، حيث تم وضع ملفات ساحات المواجهة في المنطقة على طاولة “التشريح” السعودي – الإيراني.

من هنا لم يعد ترشيح النائب السابق فرنجية يتمتع بالزخم عينه على الرغم من ان الأخير أدار أخيرا محركات اتصالاته الداخلية والخارجية من سوريا الى فرنسا، فالترشيح من الناحية العملية صار رهينة الاتفاق السعودي – الإيراني ، علما ان باريس عملت ما بوسعها لتسويق صفقة “فرنجية – سلام ” معتبرة انها متوازنة بين جناحي المعادلة اللبنانية الداخلية، لكن الصفقة المذكورة ظلت تعاني من عناصر ضعف بنيوية تتعلق أولا بفكرة التوازن الحقيقي في البلد، وثانيا بمواصفات فرنجية نفسه، و انطلاقا من هذا المعطى تخربطت حسابات “الثنائي الشيعي ” الذي كان يسعى الى التسلل الى قصر بعبدا مستغلا بالتعطيل، و التهويل، واستغلال الوقت الضائع عبر انتخابات خاطفة .

تغيرت المعطيات. لكن التغيير لم يتحول بعد الى فعل إيجابي . بمعنى ان بطاقة المرور التي امل بها مرشح “حزب الله” و “حركة امل ” لم تعد بمتناول اليد مع استمرار الفيتو السعودي مشفوعا بشبه اجماع مسيحي ، و إعادة تموضع القوى التي كانت رمادية بمواقفها، ثم وقوفها في الصف مخافة ان يسحقها الاتفاق الإقليمي.

ومن هنا صار لا بد من البحث عن مرشح تسوية جدية غير مزيفة، لان الموقف الإقليمي صار اكثر تقبلا لتسوية تأتي برئيس مستقل تماما خصوصا عن “حزب الله” ، يكون جامعا فعلا لا قولا ،ومتمتعا بمواصفات “رفيعة” على كل الصعد . فهل يكون الاتفاق فاتحة لعقلنة مشروع “حزب الله” اللبناني اقله في هذه اللحظة الإقليمية؟

المقال السابق
إسرائيل تنفّذ عملية إغتيال في دمشق!

علي حمادة

كاتب ومحلّل سياسي

مقالات ذات صلة

إطلالة نعيم قاسم تؤكد أن "حزب الله" في معضلة كبيرة

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية