"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

استشراف إسرائيلي للجبهة المفتوحة مع "حزب الله".. حرب استنزاف اليوم وحرب "أستئصال" غدًا

نيوزاليست
الأحد، 19 نوفمبر 2023

استشراف إسرائيلي للجبهة المفتوحة مع "حزب الله".. حرب استنزاف اليوم وحرب "أستئصال" غدًا

كوبي مروم- القناة أن.12

إسرائيل لا تريد حرباً شاملة مع حزب الله الآن، في الوقت الذي تخوض قتالاً برياً ضد “حماس”. قرار الكابينيت في بداية الحرب، الذي قضى بتوجيه الجهد المركزي للجيش الإسرائيلي إلى غزة، ضد “حماس” والجهاد الإسلامي، هو قرار صحيح جداً. الجيش الإسرائيلي لا يريد القتال في معركة شاملة على جبهتين. من هنا، فإن مهمة الجيش في الشمال دفاعية. وتشهد الحدود، حالياً، حرب استنزاف قوية مع حوادث كثيرة يومياً، تتضمن إطلاق صواريخ مضادة للدروع، وصواريخ، وتسلُّل “مخربين”، واستخدام مسيّرات انتحارية، من طرف حزب الله وتنظيمات فلسطينية. يتعين على الجيش الإسرائيلي الحفاظ على انضباط عملاني كبير لتحركاته على طول خط التماس، كي لا يشكل هدفاً لحزب الله، ويكون عرضة لإطلاق الصواريخ المضادة للدروع في هذه المنطقة كلها. وردّاً على ذلك، يستخدم الجيش مجموعة متنوعة من القدرات المدفعية وسلاح الجو والمسيّرات ضد حزب الله على خط التماس. ويجب على إسرائيل تكبيد الحزب أثماناً باهظة، كونه فتح حرباً ضدها في الشمال.

بالنسبة إلى حزب الله، لقد حقق هذا التنظيم عدداً من الأهداف على صعيد الوعي، مثل إجلاء 70 ألف مواطن من منازلهم على الحدود الشمالية، ومئات آلاف مهددون بإطلاق صواريخ حزب الله، التي يمكن أن تصل إلى ميناء حيفا. حتى الآن، خسرت إسرائيل 9 جنود ومدنيين وعشرات الجرحى. بينما فقد حزب الله 76 مقاتلاً، ومن الممكن أن يكون العدد أكبر.

التعليمات السياسية للجيش الإسرائيلي في الشمال هي أن تكون ردوده مدروسة وحذرة، من دون التدهور إلى حرب شاملة. لقد اضطرت إسرائيل إلى الرد على حزب الله، الذي لا يزال يملك المبادرة ويصعّد حدة النار، بينما قواتنا تقاتل، الآن، في قلب مدينة غزة. مع ذلك، من غير المحتمل أن يقصف حزب الله ميناء حيفا، وإسرائيل تتخوف من مهاجمة عناصر قوة الرضوان على بُعد 3-4 كلم عن الحدود، خوفاً من مزيد من التدهور.

في رأيي، إذا خسر حزب الله أرصدة وبنى تحتية مهمة في الجنوب اللبناني في الحرب الدائرة اليوم، فإنه سيفكر عدة مرات في تأجيج الجهد الحربي لمساندة “حماس” في مواجهتها ضدنا في غزة. بناءً على ذلك، يتعين على المجلس الحربي تغيير توجيهاته إلى الجيش بشأن الرد على الهجمات من لبنان…

من المفيد الإشارة إلى التدخل والسياسة الأميركية منذ بداية القتال. في نظري، المقصود مسألة دراماتيكية. فإلى جانب التعهدات والتأييد والمساعدة السخية للجيش الإسرائيلي، للولايات المتحدة مصالح أُخرى في الشرق الأوسط تتعلق بالحرب. وجودها الكبير في البحر في مقابل الشواطىء اللبنانية، وقدرتها على ردع إيران وحزب الله عن الانضمام إلى حرب شاملة وحرب إقليمية، أمر مهم جداً للأهداف الأميركية في المنطقة. الولايات المتحدة مهتمة بالحؤول دون نشوب مثل هذه الحرب. فهي تريد الاستقرار من أجل ترميم مكانتها في الشرق الأوسط. لذلك، طلبت من إسرائيل الامتناع من المبادرة إلى شن حرب شاملة ضد حزب الله. لكن في حرب الاستنزاف الدائرة حالياً، هناك فرص كبيرة في حدوث سوء تقدير في الحسابات، يؤدي إلى حرب شاملة. يجب على الجيش الإسرائيلي أن يكون مستعداً على الحدود في الجبهة الداخلية لمثل هذا التدهور.

هناك كابحان مهمان يؤثران، بصورة دارماتيكية، في إمكان التدهور من حرب الاستنزاف في الشمال إلى حرب شاملة:

حقيقة أن حزب الله هو “جوهرة التاج” بالنسبة إلى إيران. ويُعتبر الحزب مكوناً مركزياً في سياسة الأمن القومي الإيراني، وله دور مركزي في بقاء النظام، إذا هاجمت إسرائيل المنشآت النووية في إيران. من هنا، فإن احتمال تفريط إيران بهذه القدرات، التي بنتها طوال سنوات من أجل مساعدة “حماس”، ضئيل.

الكابح الثاني، هو الوجود العسكري الكثيف للولايات المتحدة في مقابل السواحل اللبنانية، وفي البحر الأحمر، وفي الخليج الفارسي. الهدف من هذا الوجود ردع إيران وأذرعتها عن الدخول في حرب إقليمية، بالإضافة إلى تهديد مباشر من الرئيس الأميركي جو بايدن.

يتعين على الجيش الإسرائيلي استغلال حرب الاستنزاف من أجل توجيه ضربة قوية إلى قوة الكوماندوس (الرضوان) وبناها التحتية، وليس فقط على خط التماس. من الممكن الوصول إلى بضعة كيلومترات شمالي الحدود، كجزء من ضربة استباقية تقوم بها إسرائيل في هذا القتال.

في هذه الأيام، نسمع من زعماء رؤساء المجالس في الشمال إن عشرات الآلاف من السكان الذين جرى إجلاؤهم عن منازلهم، لن يعودوا إليها، من دون طرد قوة “الرضوان” وخلق وضع أمني مختلف على الحدود الشمالية. والحديث يدور حول إجراء سياسي يتطلب تفسيراً للقرار 1701، الصادر عن مجلس الأمن في 12 آب/أغسطس 2006، والذي شمل التسوية السياسية التي أنهت حرب لبنان الثانية. لقد جاء في القرار أن المنطقة الواقعة جنوبي نهر الليطاني في الجنوب اللبناني، يجب أن تكون منطقة منزوعة السلاح، من دون وجود عسكري لحزب الله في الجنوب، ونشر قوات دولية (15 ألف عنصر) تتولى تنفيذ القرار.

خلال الـ17 عاماً الماضية، انتهك حزب الله القرار، وأقام بنى تحتية له في الجنوب، وقام بعملية تسلُّح هائلة من إيران، وقبل بضعة أشهر، نشر آلاف العناصر من قوة الرضوان على الحدود، وعلى بُعد عشرات الأمتار عن منازل المطلة وحانيتا. طبعاً، القوات الدولية لم تفعل شيئاً، لكن إسرائيل أيضاً، التي انتهجت نهج الاحتواء وضبط النفس والحفاظ على الهدوء بأي ثمن، سمحت بحدوث ذلك، ولم ترد.

أحداث 7 تشرين الأول/أكتوبر، شكلت لحظة صحوة وطنية، ليس فيما يتعلق بالعقيدة الأمنية في الجنوب فقط، بل في الشمال أيضاً، وفرضت التخلي عن عقيدة الاحتواء وضبط النفس، وإظهار إصرار وقوة في مواجهة حزب الله، مع ما يترتب على ذلك من مخاطر. من هنا، عندما يجري البحث في كيفية طرد قوة الرضوان وإبعادها من الجنوب إلى شمالي نهر الليطاني، واستناداً إلى تجربتي الطويلة في الشمال، أقدّر أن فرص حدوث ذلك من خلال تسوية سياسية يقوم بها المندوب الأميركي، الذي يتوسط بين بيروت والقدس، ضئيلة. ولا أعتقد أن حزب الله سينسحب من الحدود كجزء من تسوية سياسية.

مع انتهاء المعركة البرية في غزة بعد عدة أسابيع، والتوصل إلى صفقة شاملة بشأن المخطوفين، وهي مهمة ذات أولوية عليا، سيبدأ الجيش في تركيز قواته في الشمال، تحضيراً لمعركة مع حزب الله، ويجب على إسرائيل الطلب من لبنان، وبصورة قاطعة، التنفيذ الكامل للقرار 1701، أي انسحاب قوات حزب الله إلى شمالي نهر الليطاني، وأن تكون المنطقة خالية من الوجود العسكري لحزب الله.

الولايات المتحدة ودول عربية كثيرة، بينها السعودية، ستمنح دعمها الكامل للمطالب الإسرائيلية. وفي تقديري، حينها، سيبدأ حوار يقوم به الموفد الأميركي عاموس هوكشتاين بين بيروت والقدس. وبعد استنفاد الخطوة السياسية، التي لن تدفع حزب الله إلى الانسحاب، في رأيي، سيكون لدى إسرائيل شرعية دولية للقيام بعملية عسكرية محدودة في الجنوب اللبناني، من أجل تنفيذ القرار 1701 بالقوة.

حتى لو قامت إسرائيل بمهاجمة الجنوب اللبناني واحتلاله، فإن هذا سيجري من دون توسيع القتال إلى معركة واسعة النطاق، وسيكون معقداً جداً، وسيضع إيران أمام معضلة: هل تدخل في حرب شاملة في مواجهة إسرائيل وتخسر قدرات حزب الله الكبيرة من أجل انتشار في الجنوب يتعارض مع قرار مجلس الأمن. في رأيي، وفي ضوء هذا الواقع، سيجري ضغط أميركي وإيراني على نصر الله من أجل صبط النفس والانسحاب ما وراء خط الليطاني…

هذه العملية القتالية من أجل مصلحة سكان الحدود الشمالية، تتطلب حواراً مكثفاً مع الولايات المتحدة وتنسيقاً كبيراً، ومشاورات مع الأميركيين بشأن التحدي الشمالي وطرق معالجته. وسنرتكب خطأً استراتيجياً، إذا ضيّعنا الفرصة الآن، كون الجيش مستعداً وجاهزاً، وعشرات الآلاف من السكان تم إجلاؤهم عن منازلهم، ولدينا تأييد كبير في الداخل من الجمهور الإسرائيلي لصدقية الحرب التي تخوضها إسرائيل. يجب أن نوضح لحزب الله، وللشرق الأوسط كله، أن إسرائيل بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر، هي دولة مختلفة مصممة على القتال والمخاطرة، دفاعاً عن أمنها بنفسها، وأن عقيدة الاحتواء وضبط النفس لم تعد قائمة…

المقال السابق
انتخاب نقيبي المحامين:بيروت مع الكتائب والشمال للحريري
نيوزاليست

نيوزاليست

مقالات ذات صلة

بالصوت والصورة/ "جبهة المقاومة" تنصّب "الشيطان الأكبر" حكمًا بينها وبين "الشيطان الأصغر" في لبنان وسوريا

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية