"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

أسرار شبارو/ "دخلهم كبير وولاداتهم كثيرة".. حملة جديدة ضد اللاجئين السوريين بلبنان

الرصد
الأربعاء، 22 مارس 2023

أسرار شبارو/ "دخلهم كبير وولاداتهم كثيرة".. حملة جديدة ضد اللاجئين السوريين بلبنان

عاد ملف اللاجئين السوريين في لبنان إلى الواجهة من جديد مع تداول مقطع فيديو لمحافظ مدينة بعلبك الهرمل في البقاع، بشير خضر، أشار خلاله إلى أن راتبه أقل من مما يحصل عليه النازح السوري رغم أنه في أعلى وظيفة إدارية في الدولة، تزامن ذلك مع مسح أجراه اتحاد بلديات منطقة دير الأحمر أظهر تزايداً كبيراً في عدد الولادات لدى اللاجئين.

كلام خضر جاء رداً “على منسق مخيمات النازحين في عرسال خلال اللقاء التنسيقي للجمعيات الذي دعت إليه دار الفتوى في بعلبك والذي طالب بزيادة التقديمات للنازحين وحمّل المحافظ مسؤولية أوضاعهم الصعبة وطالبه بالعمل على تحسينها” وذلك بحسب ما أشار محافظ بعلبك الهرمل في صفحته على موقع التواصل “تويتر” رافضاً تسمية “النازحين” ومصراً على تسميتهم “لاجئين”.

خضر اعتبر أن “السوريين ليسوا سبب الانهيار إنما أحد عوامله”، شارحاً في عدة تغريدات، أن “كلفة النزوح على اقتصادنا هي أكثر من 3 مليار دولار سنوياً، على سبيل المثال لا الحصر، حين كانت التغذية بالتيار الكهربائي 12 ساعة، كان الإنتاج 1800 ميغاوات، 500 م يستفيد منها النازحون دون دفع أي بدل، ما يوازي 330 مليون دولار سنوياً”.

كما إن سعر صرف الليرة قبل عام 2020 المدعوم من أموال المودعين، كان بحسب خضر “لخدمة الشعب اللبناني، بغض النظر عن صوابية هذا القرار إن أكثر من مليوني نازح استفادوا منه ما سرّع بتبخّر الودائع، أضف الى ذلك، إن استهلاكهم للبنية التحتية، والخدمات العامة (نفايات، صرف صحي، مياه) قد ساهم أيضاً بالانهيار”.

أضاف “خلال الأزمة استفاد أكثر من مليوني نازح من المواد المدعومة من دواء ومواد غذائية ومحروقات، هذا الدعم كان مما تبقى من أموال المودعين، وسرّع أيضاً بالانهيار الذي لا نحملهم إياه. اما تسمية “نازحين” فهذا هو المصطلح الذي اعتمدته الدولة اللبنانية، ولا يحقّ لأحد أن يملي علينا مصطلحاً آخر”.

وثمّن النائب الدكتور سليم الصايغ عبر “تويتر” موقف خضر من ملف اللاجئين السوريين كاتباً “محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر يتناول ملف النازحين السوريين ويضع الإصبع على الجرح”، مضيفاً “مرة جديدة يبرهن هذا المسؤول أنه رجل دولة في ملف استثنائي ولحظة سياسية استثنائية. ترفع لك القبعة”.

صرخة وجع.. “غير منطقية”

مقارنة خضر لراتبه بما يحصل عليه اللاجئ السوري غير منطقي بحسب ما يشدد عليه محمد، (لاجئ في أحد مخيمات عرسال)، شارحاً لموقع “الحرة” أن “من يحصل من اللاجئين على مبلغ شهري من مفوضية شؤون اللاجئين فإنه لا يتعدى الـ 800 ألف ليرة شهرياً، وذلك بعد أن كان 300 ألف ليرة قبل شهرين و500 ألف قبل شهر، حيث قامت المفوضية برفعه بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار، ما يعني أن العائلة المؤلفة من أربعة اشخاص تحصل شهرياً على مليونين و400 ألف ليرة ما يعادل اليوم حوالي 22 دولار، أي بالكاد تكفي لتأمين الخبز وأسطوانة غاز”.

أما رئيس المركز اللبناني لحقوق الإنسان وديع الأسمر فاعتبر خطاب محافظ بعلبك الهرمل عنصري ويحرّض على الكراهية، “ليس لأنه يتطرق إلى معاناة لبنان من أزمة اقتصادية وما تقوم به الدولة اللبنانية لإعادة اللاجئين إلى بلدهم، بل بسبب مقارنة راتبه كموظف دولة بما يحصل عليه اللاجئ سوري، فبغض النظر عن أن المقارنة غير دقيقة إلا أنه يوحي للبنانيين أن قيمة راتبه تآكلت بسبب اللاجئين، رغم أنهم لم يساهموا بالأزمة الاقتصادية وإن كانت الحرب السورية ساهمت بها”.

“لا بل حتى المواطنين اللبنانيين ساهموا بحسب منطق خضر في الأزمة الاقتصادية من دون أن يعلموا” كما يقول الأسمر لموقع “الحرة” “وذلك حين كانوا يشترون البضائع المدعومة من أموال المودعين، باختصار كلام محافظ بعلبك الهرمل يهدف إلى تبرئة الزعماء والمسؤولين الحقيقيين عن الأزمة”.

من جانبه ينفي خضر في حديث مع موقع “الحرة” أن يكون كلامه عنصرياً، متسائلاً “لماذا نتهم بالتحريض والعنصرية ونهاجم كلما تحدثنا عن ضرورة عودة النازحين؟ ولماذا هذا الرفض القاطع من قبلهم للعودة؟”، مشدداً “نحن في وضع صعب جداً ولدينا صرخة وجع، ومقطع الفيديو الذي ظهرت خلاله لا يحتوي على أي تجريح أو تحريض، ولم أكن أقصد إثارة الجدل ولو كان هذا هدفي لقلت ذلك في الكلمة التي ألقيتها على المنبر وصورتها وسائل الإعلام”.

ويشرح ” 12 عاماً مر على النزوح السوري في لبنان كلّف الدولة اللبنانية مليارات الدولارات، ولا يمكن لبلدنا أن يتحمل أكثر، كما أنه لا يمكن للنزوح أن يستمر إلى الابد”.

لا يزال لبنان، الذي يبلغ عدد سكانه الإجمالي حوالي 6.7 مليون نسمة، البلد الذي يستضيف أكبر عدد من اللاجئين لكل فرد ولكل كيلومتر مربع، وفقا لـ “المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين”، حيث يبلغ عدد اللاجئين السوريين حوالي المليون ونصف المليون، 865331 مسجلين في مفوضية شؤون اللاجئين و400 ألف عامل، هذا بغض النظر عن الذين يدخلون البلد بطرق غير شرعية.

أما المدير العام السابق للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، فسبق أن كشف أن “عدد السوريين الموجودين في لبنان بلغ ما يقارب مليونين و80 ألفا بمن فيهم النازحين”. أكثر من 90 في المئة منهم يعيشون بحسب “هيومن رايتس ووتش” في فقر مدقع، ويعتمدون على الاقتراض والديون المتزايدة للبقاء على قيد الحياة وذلك “في خضمّ الانهيار الاقتصادي الكارثي في لبنان، الذي تفاقم بسبب جائحة كورونا”.

“انفجار سكاني”

تتزامن “حملة” محافظ بعلبك الهرمل ضد السوريين، مع نتائج دراسة قام بها اتحاد البلديات منطقة دير الأحمر (يضم تسع بلديات وخمس قرى) أظهرت أن 48% من النازحين السوريين هم ما دون الـ 15 عاما، عن ذلك علّق رئيس الاتحاد جان فخري قائلاً “منذ ما يقارب العامين أسسنا وحدة النظم الجغرافية في اتحاد البلديات، حيث نقوم بإحصاءات شاملة لكل المنطقة من أجل المشاريع التي يقوم بها الاتحاد مع الجهات المانحة”.

يضيف فخري في حديث مع موقع “الحرة”، “شملت الإحصائية عينة عبارة عن 655 خيمة بلغ عدد النازحين فيها 3728 نازحاً، وبتحليل الأرقام بالنسبة للأعمار ظهرت هذه النتيجة، مع العلم أن معدل أعمار النازحين الذين يقدمون على الزواج تتراوح بين 15 و19 عاما، وهذا يعني أنه في المستقبل القريب سنواجه مشكلة انفجار سكاني وتمدد على الأرض” ويشدد “نحن لا نطرح الموضوع من ناحية عنصرية، بل من ناحية ضرورة الاحتياط”.

الرقم الذي توصلت إليه الدراسة مخيف بحسب ما يصف خضر، أما سبب ذلك “الزواج المبكر وتعدد الزوجات وبرامج دعم الأسر النازحة التي تشجع أكثر وأكثر على الإنجاب”، ويضيف “الإحصاء حول الحوامل يشمل بلدة واحدة وهو مؤشر خطير، إذ في المستقبل قد يصبح هؤلاء من مكتومي القيد، بالتالي لا يمكن إثبات أنهم يحملون الجنسية السورية من هنا لا يمكن ترحيلهم إذا رفضوا العودة إلى بلدهم”.

يشكّل النازحون بحسب خضر ثلث عدد سكان لبنان، وفي بعلبك الهرمل “يتخطى عددهم الـ 300 ألف، وقريباً لن تتسع المخيمات لهم، بالتالي ستتم المطالبة بأراض إضافية أو ربما في لحظة فوضى ستجري أعمال بناء داخل المخيمات، وهو أمر خطير على المجتمع، فاللبناني الذي لا يستطيع شراء منزل كيف سيقبل أن يحصل السوري على أراض لإنشاء مخيمات إضافية”.

من وجهة نظر الأسمر فإن الإحصاءات التي يتم إعدادها في لبنان لا يعتد بها، “فالسلطة اللبنانية التي تعجز عن إحصاء عدد اللبنانيين كيف ستتمكن من إحصاء عدد اللاجئين وولاداتهم، كما أن فطرة البقاء في ظل الأزمات الاقتصادية تدفع السكان إلى المزيد من الإنجاب والسوريون ليسوا استثناءً عن القاعدة”.

أما محمد فردّ على تغريدة لخضر أشار فيها إلى تقدَّم احدى الجمعيات بطلب الموافقة على مشروع دعم للنازحات الحوامل في بلدة واحدة بلغ عددهم 720 سيدة حامل، بالقول “بلدة عرسال تستقبل أكبر عدد من اللاجئين، أين المشكلة إن كان هناك هذا العدد من الحوامل مقارنة بنحو 100 ألف لاجئ”.

أنجبت زوجة محمد ولدين في لبنان، قام بتسجيلهما في قلم النفوس، حيث يمكن ذلك “إما عبر المجلس النرويجي للاجئين أو لجنة الإنقاذ الدولية، وذلك بعد تقديم شهادة ولادة موقعة من الطبيب او القابلة القانونية، ووثيقة ولادة صادرة وموقعة من المختار، ويمكن كذلك ارسال الأوراق إلى السفارة السورية لتسجيل الطفل رسميا في سوريا”.

“فرملة” خطة العودة

البلديات اليوم كما يقول فخري “في حالة يرثى لها ولا قدرة لها على الصمود، في وقت يستنفذ النازحون البنى التحتية”، من هنا طالب الجهات المانحة التي تدعم اللاجئين بتقديم مساعدات مباشرة للبلديات “كي تتمكن بالحد الأدنى من تقديم خدمة البنى التحتية وغيرها من التقديمات اليومية سواء للنازحين أم لأهالي المنطقة”.

كما يشدد فخري على أنه مع عودة اللاجئين إلى بلدهم وإن كان كما يقول “منطقتنا زراعية يعمل فيها العمال السوريون منذ زمن، حيث يوجد قانون يرعى عملهم، لكن المشكلة أنهم تحولوا إلى نازحين ومن ثم إلى أرباب عمل حيث باتوا يضمون أراض ويزرعونها ويبيعون محاصيلها”.

السلطة اللبنانية مع العودة الآمنة للسوريين، بحسب خضر إلا أن “المنظمات الدولية تطالب بعودة طوعية، فأي بلد في العالم يعطي الأجنبي حق مغادرة أراضيه طوعاً في حال انتهى تاريخ تأشيرته ولا يقوم بترحيله” ويشدد “كلما كان هناك حملة طوعية لإعادة النازحين إلى بلدهم تحذّرهم المنظمات من اتخاذ هذه الخطوة وتطلعهم بأنهم لن يستفيدوا حينها من المساعدات وفوق هذا تغريهم بالتقديمات الكبيرة من الجهات المانحة”.

وشهد ملف اللاجئين السوريين في لبنان تصعيدا غير مسبوق قبل فترة، وصل إلى حد وضع الحكومة اللبنانية خطة تقوم على إعادة 15 ألف لاجئ شهريا، ورغم تحذيرات لمنظمات حقوقية دولية من الإعادة القسرية، بدأت السلطات اللبنانية بتنفيذ خطة العودة، حيث غادر 511 لاجئ في أولى قوافل العودة في شهر أكتوبر الماضي، وفي الشهر التالي غادر 330 لاجئاً.

وعن مصير خطة إعادة اللاجئين، اجاب وزير المهجرين في حكومة تصريف الاعمال عصام شرف الدين ان “الملف السوري سياسي بامتياز، وللأسف فرّمل كل عمل يعيد النازح السوري إلى بلده، بالتالي توقفت قوافل العودة نتيجة عدم سماح الدول المانحة بذلك في وقت تلتزم الحكومة اللبنانية وعلى رأسها الرئيس نجيب ميقاتي بقرارات الدول الغربية على حساب النازحين والشعب اللبناني”.

ويضيف في حديث مع موقع “الحرة”، “في الملف السياسي أنجزت وزارة المهجرين كل المطلوب مع الدولة السورية، واستناداً إلى اتفاقية 1951 وبروتوكول 1967 يمكننا إعادة النازحين من دون الرجوع إلى الأمم المتحدة، لكن نحن نتلزم بالأسلوب الإنساني والعودة الطوعية”، لافتاً إلى أن “الدول المانحة في حالة عجز تقدر بـ 800مليون دولار لمفوضية اللاجئين ووزارة الشؤون الاجتماعية ما ينعكس على حجم التقديمات للنازحين”.

وكانت لجنة التحقيق الدولية المستقلة حول سوريا، أكدت في تقرير أصدرته في سبتمبر الماضي أن سوريا لا تزال غير آمنة للعائدين، حيث حذرت من تجدد القتال بشكل واسع النطاق بين أطراف الصراع فيها، مشيرة إلى ازدياد “الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان الأساسية والقانون الإنساني” في جميع أنحاء البلد.

المعطل الأساسي لعودة اللاجئين كما يرى الأسمر “هو النظام السوري، نتيجة عدم اتخاذه إجراءات وإصلاحات سياسية لتشجيع وتحفيز اللاجئين للعودة إلى مناطقهم، وأركز على مناطقهم لأنه في أغلب الأحيان يتم الاقتراح عليهم بالعودة إلى مناطق أخرى، كما أن بعض اللاجئين ليس لديهم إمكانيات مادية لتسوية وضعهم في بلدهم”.

ويرفض الأسمر الحجة التي تستند إليها السلطة اللبنانية برفض الدول المانحة لعودة اللاجئين، اذ كما يقول “لا توجد دولة في العالم ستقبل بإعادة إنسان إلى مكان غير آمن، والمساحات الآمنة التي يجري الحديث عنها هي غير آمنة للمناهضين للنظام أو الفارين من الخدمة العسكرية وغيرهم” مشدداً على أن “الإشكالية الأساسية تتعلق بالمحفزات التي يجب أن يُعمل عليها كي يتمكن اللاجئ السوري من العودة الآمنة إلى بلده، اذ عندها فقط تكون العودة طوعية”.

هل من عاقل يمكنه تصديق كما يقول محمد أن “اللاجئين السوريين سعداء بسكنهم في خيم لا تقيهم برد الشتاء ولا حرارة الصيف وفوق ذلك يدفعون بدل ايجار الأرض من أجل مساعدات لا تسمن ولا تغني من جوع في بلد اقتصاده منهار والتضخم فيه وصل إلى حدود الخيال. إن الحقيقة الأكيدة التي يعرفها الجميع وإن كانوا يرفضون الاعتراف بها، هي أن السوريين يتمنون العودة اليوم قبل الغد إلى وطنهم، وما يمنعهم عن ذلك هو غياب الأمن والأمان، فبين الموت جوعاً والموت في معتقلات النظام بالتأكيد سيفضلون الخيار الأول”.

الحرة

المقال السابق
ألكسندرا فون نامن / العلاقة مع الصين- هل تفتح أوروبا "صندوق باندورا" المليء بالشرور؟

الرصد

مقالات ذات صلة

"المرأة الغامضة" وراء الشركة المرخصة لأجهزة "البيجر" المتفجرة

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية