بدأ سكان المناطق الحدودية الشمالية وعددهم حوالى 60 ألف شخص، العودة إلى ديارهم اعتبارا من أول آذار/ مارس، الحالي بعد سمحت لهم السلطات الإسرائيلية بذلك، في حين لا يزال نحو 100 ألف لبناني نازحًا بحسب الأمم المتحدة، بعد أنّ فرّ أكثر من مليون شخص من جنوب البلاد إبان الحرب بين إسرائيل وحزب الله، والذي فتحها الأخير إسنادًا لغزة في الثامن من تشرين الأول/أكتوبر 2023، غداة هجوم “حماس” على جنوب إسرائيل، والذي أشعل فتيل الحرب في غزة.
وعقب نزاع استمر لأكثر من عام وتحوّل مواجهة مفتوحة اعتبارا من أيلول/سبتمبر، دخل اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و”حزب الله” حيز التنفيذ في 27 تشرين الثاني/نوفمبر.
وقالت ياكوتي وهي خبيرة تجميل، إنها حزمت أمتعتها على الفور وودعت موظفي الفندق “الطيبين” وعادت إلى منزلها المكون من طابقين.
ومن غرفة المعيشة والفناء يمكنها أن تشاهد بوضوح قرية لبنانية خالية من سكانها بعد الضربات الجوية وعمليات التوغل البري التي نفّذتها إسرائيل.
وقالت ياكوتي، وهي أم لثلاثة أولاد: “لست خائفة ولا أرتجف. قام الجيش بوظيفته ونفذ مهمته”، مضيفة: “أنا مرتاحة لقراري بالعودة، ولن أتخلى عن منزلي ومجتمعنا الزراعي حتى لو استمرت الحرب”.
صواريخ وقذائف هاون
وفيما عاد العديد من سكان دوفيف هذا الأسبوع لم يكن المشهد مماثلا في قرى أخرى على الحدود الشمالية لإسرائيل.
في كيبوتس حانيتا، يرجح أور بن باراك أن حوالى 20 أو 30 عائلة فقط من أصل حوالي 300 عادت الى ديارها.
وقال: “في البداية، كان هناك نوع من الفرحة الغامرة عندما أعلنوا أن بإمكاننا العودة… لكن الناس الآن يرون أيضا أن المكان ليس جاهزا للسكن بعد”.
وأشار بن باراك (49 عاما) إلى الأماكن المتعددة التي سقطت فيها صواريخ وقذائف هاون، والأضرار التي أحدثتها المركبات العسكرية الإسرائيلية الثقيلة كالدبابات التي مرت في طريقها إلى لبنان.
وعندما سُئل عما إذا كان يشعر الآن بالقلق إزاء الأمن بعد توقف الحرب، قال بن باراك إن أكثر ما يقلق هو “ما الذي سيحدث للقرية… من سيعود وكيف سيعودون وكم عددهم؟“.
وقال: “أعتقد أن الجيش قاتل بشدة في لبنان وفعل كل ما كان بوسعه ولكن السؤال الحقيقي هو كيف نحافظ على هذا الهدوء”.
وتابع: “يكمن التحدي في كيفية ضمان العيش بسلام للسنوات العشرين إلى الثلاثين المقبلة. هذا هو التحدي أمام الدولة، وهو ما سيحدد أيضا ما إذا كان الناس سيبقون هنا أم لا”.
وعلى بعد خطوات قليلة من شوارع هانيتا المهجورة، بدا أن الحياة في بلدة شلومي تعود طبيعتها.
في أحد مطاعم الفلافل، اصطف زبائن في انتظار الحصول على سندويشات على وقع موسيقى صاخبة.
وقالت رونيت فاير (54 عاما): “أشعر بالأمان أكثر من ذي قبل، ولكن هل أشعر بالأمان بنسبة 100 بالمئة؟ كلا”.
أضافت: “قول ذلك ليس ممتعا، ولكن يبدو أنها مسألة وقت”، معربة عن اعتقادها بأن حربا جديدة ستندلع “في وقت ما”.
(أ ف ب)