"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

أسئلة برسم "الرئيس العتيد".. هل من مجيب؟!

منى خويص
السبت، 6 مايو 2023

ماذا يعني ان يكون للبنان رئيس سيادي نظيف الكف، ولا علاقة له بالطبقة السياسية المتهمة والغارقة في الفساد؟

هل هذه المؤهلات عند الرئيس العتيد، ستمكنه فعلا من استرداد قرار السلم والحرب من يد “حزب الله” ومن خلفه ايران الى الدولة اللبنانية؟ هل سيتمكن من انتزاع السيادة المسلوبة للبلد؟ هل سيتمكن من ضبط حدوده؟

هل سيكون قادرا على الدفع باتجاه القيام بالاصلاحات المطلوبة على كافة الاصعدة، والذهاب الى توقيع اتفاق مع صندوق النقد؟ هل بإمكانه إعادة الثقة الى لبنان وانتشاله من ازماته، سيما الانهيار المالي والاقتصادي؟ وهل ما تقدم من خطوات يجب تنفيذها لوضع لبنان على سكة التعافي، هي بيد رئيس الجمهورية وحده؟

هل يمكن لرئيس الجمهورية، ان يأتي بحكومة مؤلفة من شخصيات، تحمل المواصفات نفسها المطلوبة في شخصه، وفرضها على القوى السياسية، هل يمكن له ان يعطل “الثلث المعطل”، كي لا تصطدم الخطوات الاصلاحية بحائط مسدود؟

هل بإمكانه تطويع كل القوى السياسية، ومنعها من وضع العصي في دواليب عهده؟ هل يمكنه ان يثق بمجلس النواب واداء كتله ورئاسته؟ هل بالامكان لشخصية، ولو كانت تحمل مواصفات الرئيس الراحل فؤاد شهاب، على سبيل المثال، ان تنجز ما انجزه الاخير في عهده، بعدما قلص اتفاق الطائف صلاحيات الرئاسة، واناطها بمجلس الوزراء مجتمعا؟

كلها اسئلة تفرض نفسها في ظل الاحتدام والصدام، الذي يشهده البلد فيما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي، ومواصفات الرئيس التي تختلف الكتل النيابية الوازنة في المجلس حولها.

الواقع ان المواصفات المطلوبة لشخص رئيس الجمهورية، هي مواصفات يفترض ان يتمتع بها كل شخص يتبوأ منصبا سياسيا، ولكن ماذا سيفعل رئيس الجمهورية الحامل لهذه المواصفات في وكر الأفاعي، وكيف له ان يحكم ويفرض رؤيته وبرنامجه ومشروعه، ان كان حاملا لأي منهم على البلد، وهو يعلم علم اليقين، ان البلد والنظام السياسي، مليء بآفات العرقلة والتعطيل لأصحاب البرامج والمشاريع المختلفة، وكيف له ان يفرض الاصلاح على من يقاتلون، ومستعدون لقلب الدنيا رأساً على عقب في سبيل منعه، كونه يقطع يدهم، التي لم ينفكوا رغم الانهيار، يمدونها لنهب ما تيسر عن طريق الصفقات المشبوهة، والآلاعيب التي “شبوا” عليها، لبناء امبراطورياتهم المالية ولو على حساب دم الناس وتدمير كل مؤسسات الدولة.

نحن لم نَخبر رئيسا منذ اتفاق الطائف بهذه المواصفات، لكننا خبرنا ما يقدر عليه الرؤساء وهامش قدرتهم على التحرك.

من هنا يرى البعض، ان اي مرشح لا يحظى بالتوافق من كل القوى السياسية، ستكون طريقه في الحكم وعرة وشائكة، ولن يتمكن من تحقيق اي انجاز في عهده، كما وان القوى السياسية وحتى القوى الخارجية، تُحمل رئيس الجمهورية اكثر مما يحتمل، وتلقي على عاتقه مهمات لا يعود انجازها له وحده، فهو لا يحمل عصا سحرية للانقاذ، كما وان صلاحياته محدودة.

واذا كان التغيير هو المطلوب، فكان الحري بهم، ان يبدأوا التغيير في مجلس النواب، وتحديدا بموقع الرئاسة فيه، اما الايحاء بأن بيد رئيس الجمهورية مفاتيح كل الحلول في البلد، فهو كلام غير واقعي. وإن قُدر للبنان الإتيان برئيس كامل المواصفات، فإنه لن يكون قادرا على الحكم، في بلد تنقسم فيه القوى السياسية إنقساماً عميقا في كل الاتجاهات، ومشاريعها متناقضة الى ذلك الحد، الذي يبدو حتى الآن، ان لا مكان ولو واحد تلتقي عليه او حوله.

من هنا على جميع القوى بداية خفض سقف توقعاتها، وتاليا عنادها، ففي النهاية لن يكون الرئيس مُخلّصا، وانما انتخابه سيعيد الانتظام للعمل المؤسساتي، وانهاء حالة الفراغ التي تسيطر على المجال السياسي.

من هنا يُفترض بالقوى السياسية البحث عن نقطة تتقاطع فيها مع الآخر، وتبدأ حوارا فيما بينها، يتم البحث فيه عن خيار يرضي كل الاطراف والا فإن الاستحقاق الرئاسي سيبقى معلقا لوقت اطول بكثير من المتوقع، وعندها ايّا كان المنتصر في هذا الاستحقاق سيكون البلد مهزوما.

المقال السابق
الإنذار الأخير لمعارضي "ترئيس" سليمان فرنجيّة

منى خويص

كاتبة سياسيّة

مقالات ذات صلة

الخطوات التي وضعتها إسرائيل لحربها ضد "حزب الله"

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية