شهدت كاليفورنيا نوبة من الغضب في صفوف الحركة الشعبية المتنامية للمستهلكين والمدافعين عن حقوق الحيوان والمزارعين والطهاة وتجار التجزئة وغيرهم ممن يشعرون بالفزع والاشمئزاز من الاستغلال والقسوة على الحيوانات من قبل شركة “Big Pork’s ” فقط من اجل الربح والمنفعة.
وعلى الرغم من صراخ المديرين التنفيذيين للشركات وجماعات الضغط والمحامين والسياسيين المستأجرين الذين يديرون النظام بعبارات غير لائقة ك “فقط، إخرس، وكُل لحم الخنزير الخاص بك” و ” هذه الامور ليست من شأنك”، ثم رفعوا دعوى قضائية ضد شعب كاليفورنيا، تقوم على أن الديمقراطية يجب ألا تتدخل في “الممارسات التجارية السليمة”.
الّا أنّ مجموعات مثل جمعية الرف ق بالحيوان تابعت نضالها وتمكنت من شق طريقها داخل مصانع الحيوانات، وتمكّنت من تصوير “الأهوال الجماعية” كما سمتها حيث يتم حبس الحوامل من الخنازير لمدة 16 أسبوعا في صناديق تسمى “صناديق الحمل”، وهي صغيرة جدا بحيث لا تستطيع الحيوانات حتى أن تستدير لكي تضع مواليدها ويُستفاد من لحمها.
وكانت هذه الجمعية المعارضة لممارسة الشركات الآنفة الذكر قد نجحت في العام 2018 في دفع ستين بالمائة من ناخبي كاليفورنيا إلى الموافقة على مبادرة اقتراع تحظر استخدام الصناديق اللا إنسانية للخنازير.
يشير كاتب المقال “جيم هايتاور ” إلى أنّه، وعلى الرغم من أنّ الشركات لا تهتم بقلة من عامة الناس الذين يعتبرون إساءة معاملة الحيوانات ممارسة غير سليمة وفيما اعتادت المحكمة العليا على كمّ فمها امام الشركات انطلاقا من مبدأ ان الصناعة لديها السلطة السيادية لاملاء نوع قطع لحم الخنزير المتاحة للجمهور، فقد شهد هذا الشهر حكمًا قضائيًّا شجاعًا، ولو كان غريبًا، وقف خلفه قاضيان تقدّميان وثلاث شركات، جاء فيه: “خيارات سياسية كهذه عادة ما تخص الشعب، حسنا-نعم - ولكنها تخص الحيوانات ايضا!
اذن المعركة من اجل الخنازير انتهت بربح الاخيرة المعركة ضد الشركات التي تعرضها لظروف لا انسانية لتحقق الارباح الطائلة، وقد جاء المقال الذي اهتمّ بهذه القضية، تحت عنوان “انتصرت حقوق الحيوانات…والديمقراطية ايضا”!
في وطننا الوضع مختلف تمامَا . الانسان مسحوق وانسانيته مسحوقة الا أنّ أحدًا لا يرأف ولا يرفق به. في وطننا حيث النظام يدّعي الديمقراطية، تُصلب الاخيرة كل يوم. المواطنون الذين نُهبت اموالهم وهدر مستقبلهم ومستقبل اطفالهم ويتقلّبون على جمر الانهيار والجوع والخوف من الموت على أبواب المستشفيات ومصيرهم مرهون للمجهول ، والمواطنون الذي خسروا نصف مدينتهم بانفجار صنف بأنّه ثاني أكبر انفجار غير نووي عرفه العالم وتقطع كل محاولة للتحقيق وكأن المطلوب طي هذه الصفحة من دون مساءلة او محاسبة كما طويت ملفات جرائم كثيرة في ادراج القضاء لا لشيء سوى ان العدالة لم تكن يوما اساس للملك في بلدنا.
المواطن يتعرض يوميًّا لكل انواع الذل من قبل “بلوتوقراطيي” السلطة الذين يجلدونه ويضيّقون عليه أفق الحياة وسُبلها فبات يعيش في وطنه وكأنه في “صندوق حَمل ” لا يختلف عن تلك الصناديق اللا انسانية التي تستعملها الشركات الكبرى لتضاعف ارباحها تمامًا كما تفعل المنظومة الحاكمة عندنا ، مع فارق انه في كاليفورنيا هناك من يسأل عن الخنازير في حين ان الشعب متروك لقدره يتوسل يدًا ما تنتشله من جحيم الحياة، جمعية رفق بالانسان تتطلع به تناضل من اجله هو الذي صغُرت وتقلصت كل احلامه ولم يعد يتطلع لأن يتوفر له ما هو متوفر للانسان في الدول المتقدمة بل يريد ان يحظى فقط بما تحظى به الخنازير في تلك الدول، “بالرحمة”، في بلد عالق ببراثن تجار سياسة يبيعون ويشترون بالوطن والمواطن من اجل الربح والمنفعة والاوزان والاحجام ومكتسباته في السلطة ونفوذه في البلد ومؤسساته ووضع يده على القرار ولو على حساب نحر الشعب وارتكاب جرائم كلها تقع تحت عنوان جرائم انسانية بحق شعب بكامله.
عندنا هزم الانسان وحقوقه…وكذلك الديمقراطية!