"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

ارفعوا الحصانة عن عناصر «حزب الله»

مريم سيف الدين
السبت، 22 فبراير 2025

ارفعوا الحصانة عن عناصر «حزب الله»

مع الحديث عن دخول لبنان عهداً جديداً، وعن إصلاح وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها، يطرح السؤال عن مصير الحصانة الممنوحة لعناصر «حزب اللّه»، وعمّا إن كان العهد الجديد سيستمرّ على نهج العهد القديم في هذا الإطار؟

كان أصغر عنصر في «الحزب» يتمتّع بحصانة أمام أجهزة الدولة اللبنانية، ويمنع التحقيق معه، مهما ارتكب، طالما أن «الحزب» لم يمنح الدولة إذناً. وشجّع هذا الأمر عناصر «الحزب» على الاعتداء على غيرهم. وشكل هذا الواقع أيضاً عامل استقطاب، إذ انتسب العديد من الشبان لـ «الحزب» طمعاً بهذه الحصانة. كذلك أدّى إلى ترهيب عامة الناس وبخاصة المعارضين واحتكار تمثيل الشيعة.

عادة، كان «حزب اللّه» يرفض السماح لأجهزة الدولة بالتحقيق مع عناصره. فكان يمكن لعنصر في «الحزب» أن يرتكب جريمة قد تصل إلى حدّ القتل، ويكمل حياته من دون محاسبة. وفي مقابلة مصوّرة تحدّث الصحافيّ علي الأمين، والمعارض لـ «الحزب» والذي تعرّض سابقاً لاعتداء وحشي، عن هذا الواقع المعاش يومياً في المناطق التي هيمن عليها «الحزب». وأفاد الأمين بأن الدرك قالوا له بشكل مباشر :»لا يمكننا استدعاء عنصر من حزب اللّه الذي يأمر بعدم توجه أي عنصر إلى المخفر».

كان «حزب اللّه» يتذرّع بالمسألة الأمنية وبعدم ثقته بأجهزة الدولة التي يعتبرها مخترقة من قبل المخابرات الإسرائيلية، قبل أن تكشف الحرب حجم اختراقه المهول. وقد برزت مسألة تمتّع عناصر «الحزب» بالحصانة في قضايا أمنية كبيرة، كقتل الضابط الطيار في الجيش اللبناني سامر حنا في العام 2008، وقتل جندي إيرلندي من قوات اليونيفل في العام 2022. في الحالتين، اضطرّ «الحزب» إلى ادّعاء التعاون مع الأجهزة الأمنية نظراً لفداحة الجريمتين قبل أن يكمل المجرمان حياتهما بعد صدور أحكام هزيلة.

في الحياة اليومية كان عناصر في «حزب اللّه» يسيرون والمظلة فوق رؤوسهم. يتكبّرون على غير المحزبين، معبّرين عن امتيازاتهم وفائض القوة تجاه الآخرين. كان العنصر يدرك أن بإمكانه مخالفة القانون والاستقواء على غيره من دون أن يتعرّض لمحاسبة. وهذا ما استخدمه «حزب اللّه» في الاعتداء على معارضيه وطرد بعضهم من أحيائهم ومنازلهم، ما جعل منهم عبرة لغيرهم، وقضى على الديناميكية في الحياة السياسية في أماكن هيمنته.

عند الطلب من «حزب اللّه» عدم التدخل في القضايا المرفوعة أمام الدولة ضد عناصره، وترك القانون يأخذ مجراه، كان الردّ أن من يريد محاسبة عنصر في «الحزب» عليه أن يتشكّى عليه أمام قضاته. ومن كان يصرّ على اللجوء إلى مؤسسات الدولة، كان يواجه بنقمة «الحزب» وتواطؤ عناصر قوى الأمن الداخلي مع «الحزب»، وحتى تواطؤ قضاة. وكان الشاكي هو من يتعرّض للمضايقة والاتهام في المخافر ويجري التلاعب بالتحقيق ويعمد القضاة إلى حفظ الدعاوى.

الآمر في المخافر

وعادة ما يكون في كل من المخافر عنصر تابع لـ «حزب الله» يفوق نفوذه نفوذ آمر الفصيلة. وهو ما عايشته وحتى سمعته صراحة منذ سنوات في نقاش بين ضباط في مفرزة الضاحية الجنوبية، حيث كان أحدهم يقول «إن الرتب لا تهم». وأعطى مثالاً اسم عنصر كان برتبة مؤهل أول في أحد مخافر الضاحية التي يرأسها شكلياً ضابط مسيحي.

هذا الواقع ساهم في وصول البلد إلى ما وصل إليه من انهيار وخوض مغامرات غير محسوبة، وإلى قمع الطروحات التي لا تخدم مشروع «الحزب» الخاضع لتكليف مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران. بالتالي لا يمكن الحديث اليوم عن بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها مع الاستمرار في النهج ذاته، ودون الحرص على تحرير المؤسسات الأمنية من سطوة «حزب اللّه».

لا يمكن بسط سلطة الدولة من دون رفع الحصانة عن عناصر «حزب اللّه» المرتكبين وعن أي جانٍ. وليس المطلوب سوى أن يكون الجميع تحت سقف القانون كما قال الرئيس جوزاف عون. فرفع الحصانة سيزيل عائقاً وضع بين شريحة كبيرة من المواطنين وبين الدولة التي منعوا من الاحتكام إليها فصاروا خاضعين لسلطة «حزب اللّه».

نداء الوطن

المقال السابق
غارات اسرائيلية جديدة على "طرق حزب الله" بين لبنان وسوريا

مريم سيف الدين

صحافية لبنانية

مقالات ذات صلة

حزب الله ومشقّة البيئة الحاضنة!

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية