تتزايد حدّة التوتر بين رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ووزير أمنه يوآف غالانت، الذي أشارت تقارير صحافيّة إسرائيلية، نُشرت مساء الأحد، إلى أن الأول يفكّر في إقالته من منصبه، وذلك في ظلّ تزايُد الاحتجاجات المُطالِبة بالتوصّل إلى اتفاق تبادل أسرى مع حركة حماس، والاختلاف بينهما بشأن قضية محور “فيلادلفيا”.
وعارض غالانت القرار الذي صدر عن المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، الخميس الماضي، بشأن استمرار بقاء الجيش الإسرائيلي في محور فيلادلفيا، في إطار اتفاق محتمل حول صفقة تبادل أسرى، وهو الأمر الذي يتّخذه نتنياهو ذريعة لعدم التوصّل إلى اتفاق لتبادُل الأسرى؛ وقد أفادت تقارير إسرائيلية، بأن وزير الأمن الإسرائيلي، قد تعرّض إلى هجوم حادّ من قِبل عدّة وزراء في الكابينيت بشأن موقفه.
في المقابل، تتصاعد الاحتجاجات المطالبة بالتوصل إلى اتفاق تبادُل أسرى، والتي تحمّل رئيس الحكومة، مسؤولية عدم استعادة الرهائن من غزة؛ إذ شارك، الأحد، عشرات الآلاف من المحتجين في مظاهرات في بلدات ومدن إسرائيلية عديدة، أكبرها في القدس وفي تل أبيب، حيث وصل عدد المحتجيّن إلى نحو 300 ألف، وفق بعض التقديرات، في عدد غير مسبوق منذ بدء الحرب على غزة، يذكّر بالاحتجاجات الواسعة التي كانت قد شهدتها إسرائيل، قبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، ضدّ خطّة إضعاف القضاء، وبخاصّة حينما اتخذ نتنياهو، حينها، قرارا بإقالة وزير أمنه، في خطوة تراجع عنها لاحقا.
“ليلة غالانت”
وقد نقلت صحيفة “هآرتس”، في تقرير نشرته مساء الأحد، عن مسؤولين مقرّبين من نتنياهو وصفتهم برفيعي المستوى، أن الأخير “قلق”، من احتمال استمرار توسّع الاحتجاجات. ونقل التقرير عن مسؤول قوله إن نتنياهو “يخشى إعادة ليلة غالانت”.
وأقال نتنياهو غالانت في آذار/ مارس 2023، إثر معارضته لخطّة حكومة نتنياهو لإضعاف القضاء، لكنه تراجع عن ذلك مرغما، إثر احتجاجات واسعة خرجت بعيد ذلك القرار، وهو ما أُطلق عليه في إسرائيل، مسمّى “ليلة غالانت”، والتي شارك فيها مئات الآلاف في مظاهرات ضدّ عزله.
وأشار موقع “واللا” الإلكتروني، إلى أنه “منذ ذلك الحين، هناك من حول نتنياهو مهتمون بإتمام الخطوة، وإقالة غالانت من منصبه، لكن الخوف من احتجاج آخر واسع النطاق، وكذلك الحرب، أعاق الخطط حتى الآن”.
وبحسب المسؤول ذاته، فإن وضعا كهذا “سيكون فيه من الواضح أنه من المستحيل الاستمرار بنفس الطريقة التي كانت عليها من قبل (نهج نتنياهو في إدارة الحرب)“.
وأشار تقرير “هآرتس” إلى أن نتنياهو قد أجرى، الأحد، مشاورات مع مقرّبين منه بشأن ذلك، لافتا إلى أن مصادر سياسية تقدّر بأنّ نتنياهو سيتخذ قراراته، وفقا لكثافة المظاهرات في الأيام المقبلة، وأنه “سيراقب المزاج العام في الأيام المقبلة لفحص التطورات، وسيحاول تجنّب التغييرات”.
ونقلت “هآرتس” عن مصدر مقرّب من نتنياهو، القول، إن رئيس الحكومة، “سيُطيل الوقت (سيماطل) لأطول فترة ممكنة”.
ولفت التقرير إلى أن نتنياهو “لم يتخذ بعد قرارا عمليا بشأن التغيير في سياسة الحكومة، وقرار الكابينيت بعدم التفاوض على الوجود الإسرائيلي في محور فيلادلفيا”.
وذكر موقع “واللا”، في تقرير نشره مساء الأحد، أن نتنياهو تشاور مع مقرّبيه، بشأن إمكانية إقالة غالانت.
وبحسب ما أورد الموقع نقلا عن مصادر قال إنها مقربة نتنياهو، فإن نتنياهو أجرى، الأحد، مشاورة مع مقرّبيه، بشأن المظاهرات الآخذة في الاتساع، والمطالبة بإلغاء قرار الكابينيت بشأن “فيلادلفيا”؛ ووفق التقرير، فإنه “من الاحتمالات التي طُرحت، ’استغلال الاضطرابات’ لإقالة غالانت من منصبه”.
وأضافت المصادر أنه لم يتم اتخاذ قرار حتى الآن بهذا الشأن، فيما ردّ مكتب نتياهو بالقول، إنه “لم يكن هناك شيء من هذا القبيل، ولم يتم طرح أو مناقشة القضايا المشار إليها”.
وزراء يهاجمون غالانت
وفي اجتماع المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، الذي عُقد الأحد، ووصفته القناة الإسرائيلية 12 بـ”العاصف”، هاجم نتنياهو، ووزراء في الكابينيت، غالانت، عادّين أنه يقدّم تنازلات لصالح حركة حماس، بسبب موقفه من قضية بقاء الجيش الإسرائيلي في “فيلادلفيا”.
وقال نتنياهو، مهاجما غالانت: “ما تقترحه هو الانسحاب من فيلادلفيا، وسيتم نقل المختطَفين من هناك إلى سيناء ومن ثم إلى إيران”، مضيفا: “لقد وافقت الولايات المتحدة، فلماذا تعارض ذلك؟“.
وذكر وزير القضاء، ياريف ليفين، أثناء الاجتماع، أنه “في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، حدث لنا أمر فظيع، ولكن يجب ألا نستسلم. نحن بحاجة إلى الصبر والتصميم على مواصلة الحرب حتى تحقيق جميع أهدافها، وقد رأيت الأمور التي نشرها وزير الأمن، وكمواطن، لم أفهم”.
وأضاف: “حتى لو اتخذنا قرارا خاطئا يوم الخميس في نظركم، يجب ألا نخلق واقعا لمعادلة: ’قتل مقابل التنازلات’؛ إلى أين سيؤدي ذلك؟“.
وتابع ليفين: “ماذا سيؤثر ذلك على المفاوضات؟ الأمر لا يتطلب الكثير من الخيال؛ كيف يمكننا أن نتصرف إذا قام الجميع بنشر آرائهم من الكابينيت؟”، مشددا على أنه “عندما يتخذ الكابينيت قرارا، فإنه يجب إظهار التضامن والوقوف وراءه”.
وأكّد أنه “من الواضح لنا جميعا أن قتل المختطَفين، يتطلب ردا حادا وواضحا، دون تنازلات”.
وهاجم وزير المالية، بتسلئيل سموتريش، غالانت، وذكر أن “حماس تريد منا أن نستسلم، ومن المستحيل أن نتّخذ بلدا بأكمله رهينة، وإذا استسلمنا لمطالب حماس كما يريد غالانت، فقد خسرنا الحرب”.
بدوره، قال وزير الأمن القومي الإسرائيليّ، المتطرف إيتمار بن غفير: “إلى يومنا هذا (أيّدتم) عدم إصدار قانون الإعدام للمخرّبين، بزعم أنهم سيقتلون المختطَفين، والآن ثبت أنهم قتلة مختطفين مهما فعلنا”، عادّأ أن “هذه هي الفرصة لردعهم؛ أن تدفع حماس الثمن، وتدرك أننا لا نرمش (لا نترّدد)“.
وقال وزير الخارجية، يسرائيل كاتس: “نحن بحاجة إلى تحميل حماس ثمنا باهظا بدلا من تقديم تنازلات، ويجب ألّا نخلق معادلة ’قتل المختطفين = تنازلات’”، مضيفا: “نحن بحاجة إلى التصرّف كما فعلنا في اليمن وبيروت وغيرهما”.
وبعد الهجوم عليه، رد غالانت بالقول: “لن نحقق أهداف الحرب التي وضعناها لأنفسنا لأن قرار الكابينيت قيد غير ضروريّ، وضعناه على أنفسنا، وهو ثانوي بالنسبة لصفقة المختطَفين”.
ووفقا لغالانت، فإنّ “القرار الذي تم اتخاذه يوم الخميس، ق د استند إلى إجراء ’هناك وقت’، ولكن إذا أردنا الرهائن على قيد الحياة، فليس لديهم الوقت”.
وأضاف وزير الأمن الإسرائليي: “في القرارات التي نتّخذها، علينا أن نرى ما هي القيم التي ترشدنا، اتخذنا يوم الخميس، قرارًا بأننا سنبقى في فيلادلفيا، حتى لو كان الثمن إبقاء مختطفين هناك (في غزة)”