أظهرت التظاهرات العنيفة لأنصار «حزب الله» قرب مطار بيروت الدولي وما تخللها من شعارات طائفية مسيئة، احتجاجاً على منع هبوط طائر ة إيرانية في المطار، إلى جانب الاعتداء الذي جرى مساء أمس الأول على قافلة لقوات اليونيفيل وأدى إلى إصابة نائب قائد القوات التابعة للأمم المتحدة، أن صراع الأجنحة داخل الحزب، الذي بدأ مع مقتل عدد كبير جداً من قياداته من الصف الأول والثاني والثالث في الحرب الأخيرة مع إسرائيل، بات يهدد وحدة الحزب.
وكانت التظاهرات التي بدأت مساء الخميس شهدت إلى جانب الاعتداء على «اليونفيل»، اعتداءات على ممتلكات عامة وخاصة ومحاولة إغلاق طريق المطار على المسافرين، إضافة إلى ترديد شعارات طائفية مسيئة، دفعت قناة «المنار»، الذراع الإعلامية للحزب، إلى إعلان أن عناصر غير منضبطة تقف وراء التظاهرات، في حين دانت حركة أمل المتحالفة مع الحزب التظاهرات والاعتداءات.
غير أنه في وقت لاحق عادت «المنار» لتحذف الخبر، ويدعو الحزب رسمياً إلى تظاهرة مساء أمس قرب المطار «ضد التدخلات الإسرائيلية»، الأمر الذي أدى إلى مواجهات محدودة بين الجيش وأنصار الحزب.
وقالت مصادر في بيروت إن ما جرى يفتح السجال حول فقدان مركزية القرار داخل الحزب، مع وجود إشارات حول تباينات في الآراء ووجهات النظر بين من يؤيد خطوات التصعيد لرد الاعتبار، وبين من يرفضها ويريد التعاطي بواقعية.
وذكر مصدر مطلع في طهران، لـ «الجريدة»، أن خلافات الأجنحة تصاعدت داخل الحزب، وأن الكثيرين يتهمون أمينه العام الجديد نعيم قاسم بأنه لا يملك الكاريزما اللازمة لإعادة بناء قيادة الحزب وتوحيده بعد الانتكاسات، وأن سياساته للتعامل مع عهد الرئيس اللبناني جوزيف عون وحكومة نواف سلام تضعف موقف الحزب في الداخل، الأمر الذي يعرقل محاولات ترميمه.
وأكد المصدر أن طهران تدعم رسمياً الخط السياسي لقاسم، خصوصاً أنها اتخذت قراراً مركزياً بالتراجع بعد الانتكاسات التي مني بها نفوذها الإقليمي خصوصاً بعد ما جرى في لبنان وسورية حيث سقط نظام بشار الأسد.
وأضاف أن هناك قيادات من كل المستويات، خصوصاً من النازحين من أهل الجنوب والبقاع، يتحدثون عن ضرورة تصدي الحزب لما يعتبرونه فرض أمر واقع عليه لتحجيمه، ولا يمانعون قيام الحزب بالانجرار إلى اشتباكات داخلية واستغلال عدم تنفيذ إسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار للعودة إلى القتال، في حين ترى جماعة نعيم قاسم أن الأولوية الآن لترميم الصفوف، وبالتالي لا بد من الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار والتهدئة في الداخل كنوع من الحماية حتى ينتهي الحزب من عملية الترميم تلك.
وشدد المصدر على أن القيادي الأمني والسياسي الرفيع في الحزب وفيق صفا والبعض الآخر من معارضي قيادة قاسم يستغلون الظروف ويركبون الأمواج الغاضبة.
وكانت «الجريدة» نقلت في كانون الاول الماضي عن مصدر في «فيلق القدس» التابع للحرس الثوري الإيراني أن هناك معارضة بدأت تظهر داخل الحزب تهدد وحدته بشكل كبير جداً، مبيناً أن هذه الخلافات اشتدت بعد قبول قاسم اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل دون التنسيق مع باقي أركان الحزب.