في الوقت الذي تصطف به القوى المسيحية مجتمعة تقريبا، على رفض مرشح الثنائي الشيعي سليمان فرنجية، ورفض فرض الثنائي اي مرشح على المسيحيين، خرج امس رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، لينفي ما اعتبره ادعاءات القوى المعارضة، من ان حزب الله يريد فرض رئيس على احد، ودعا لحوار غير مشروط من اجل التوافق على انتخاب رئيس للجمهورية، معتبرا ان المعارضة برفضها اي حوار او نقاش مع الحزب، قبل تخليه عن سليمان فرنجية كمرشح، ممارسة ارهابية “نقول لهم ناقشونا، لكنهم يقولون لا نناقشكم إلا إذا سحبتم تأييدكم لهذا المرشح”. وسأل رعد: وعليه، مَن يمارس الإرهاب والفرض؟ أنتم من تمارسونه.
وأكد رعد “أننا لن نقبل شروطاً مسبقة للنقاش معكم، وقال: “نحن منفتحون على النقاش، تعالوا وقولوا لنا لماذا لم يعجبكم مرشحنا، ونحن نقول لكم لماذا لا يعجبنا مرشحكم، وتعالوا لنتناقش حول حاجات المرحلة الراهنة ومتطلباتها، لنقنعكم بأن خيارنا هو أفضل من خياركم”، معتبراً أن “من لا يريد أن يتفاهم فإنما يريد أن يلعب بأخلاق الناس ومصالحهم”.
وتابع رعد: “إننا صابرون ونَفَسنا طويل، ونصبر حرصاً منا على الاستقرار والعيش الواحد مع شركائنا الذين نختلف معهم في الرؤية في هذا الوطن، أما الرهان على تدخل قوى دولية ضاغطة، من أجل أن تضغط علينا للتخلي عن مرشح لمصلحة مرشح لسنا مقتنعين به، فهذا الأمر لن يجدي نفعاً ولن يوصل إلى أي نتيجة”.
هي ليست المرة الاولى، التي يقول فيها النائب رعد الشيء ونقيضه، يدعو لحوار غير مشروط ويختم الدعوة، “تعالوا لنتناقش حول حاجات المرحلة لنقنعكم بأن خيارنا أفضل من خياركم، مما يجعل هواجس المعارضة من الدعوة للحوار مع الفريق الممانع في مكانها، وهي تدلل على محاولة الحزب، تكرار تجربة انتخاب الرئيس السابق ميشال عون، ويؤكد رعد نفسه هذا الامر في ختام كلمته “اننا صابرون ونفسنا طويل”، وذلك انطلاقا من قاعدة “من صبر ظفر” وهو امر، لطالما كان الحزب الطرف الذي يملك القدرة والامكانات على الصبر، هو المدعوم على كل المستويات من ايران، وينام على ترسانة ضخمة من الصواريخ وكذلك من الاموال، ويعتبر ان بإمكانه ان يدفع بخصومه في نهاية المطاف، للخضوع لمطالبه والتنازل له، من “اجل مصلحة البلاد”، او تقاطع المصالح الخاصة، وهو الامر الاكثر ترجيحا.
هل التاريخ سيعيد نفسه؟ سؤال يقف عنده كثيرون وتتضارب الآراء حوله، فالبعض يرى ان المعارضة اليوم، تختلف عما كانت عليه في الامس، وهي كالحزب ليست مستعجلة، واكثر هي تعتبر ان هذه المعركة هي أم معاركها، فإن كسبتها تمكنت من كسر هيمنة الحزب على القرار اللبناني، وسطوته على الدولة اللبنانية وهيبتها ومؤسساتها، وانتشال النظام من براثن حزب الله، ووضع الحياة السياسية في البلد على السكة الصحيحة، في حين ان البعض الآخر يرى ان الفريق الممانع، لا يمكن التعاطي معه بهذه الخفة، ولا يمكن تجاوزه بهذه البساطة، ولا التغاضي عن قوته ودوره، فعندما يسمي امينه العام السيد حسن نصرالله سليمان فرنجية للرئاسة، فإن التراجع عن ذلك ليس صعبا، بل قد يكون مستحيلا، اذا لم ينسحب فرنجية نفسه من السباق الرئاسي، والا فإن السيد وطبعا حزب الله، كما يقول احد المراجع النيابية قد “يخرب البلد” ليأتي به رئيسا، لأن الامر متعلق بكلمته وهيبته وصورته، ولا يمكن التساهل من قبل الحزب بهذا الامر، وهم قادرون، كما ذكر رعد، الى الانتظار لسنوات تحت جنح الانهيار، دون ان يرف لهم جفن.
في حين ان رأيا آخر يقول، وهو مطلع على اتصالات بين معظم الاطراف، ان الانهيار ستلسع ناره الجميع على حد سواء في المستقبل القريب، وكذلك تفكك مؤسسات الدولة وتحللها، ويحكي عن حراك اكثر من شخصية باتجاه فرنجية نفسه، لحثه عن التراجع عن ترشحه، ومحاولة الاتفاق على مرشح يحظى برضى كل الاطراف.
وعن طاولة حوار لتعديل النظام، يستبعد المصدر امكانية انعقادها، ويرى ان المشكلة ليست في النظام بل في عدم تطبيق النظام.
وعن المستقبل، يجمع الجميع على طول الازمة وسيادة الفراغ، لكن احدا منهم لم يتحدث عن مصير الدولة والكيان برمته، وسط هذا الاستعصاء في الحلول وانسداد الافق، على العكس عند سؤالهم عن هذا الامر، كان الجواب ” البلد ماشي”.
وكما قال باسيل يوما ” اننا سنعلم العالم كيف ندير البلد دون موازنة”، يبدو اننا امام مرحلة جديدة ستعلم المافيا الحاكمة العالم فيها، كيف يسير البلد من دون رئيس أو حاكم للمصرف المركزي، او قائد جيش، وباقي المراكز في الادارات التي سيطالها الشغور بالمستقبل، وكيف نحول وطنا الى غابة.