"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

عندما تخاف إيران!

رئيس التحرير: فارس خشّان
الأربعاء، 31 يناير 2024

في أقل من عشرة أيّام انتقل موقف “كتائب حزب الله” العراقية من تصعيدي إلى “تهدَوي”، وعلى مسافة ثلاثة أيّام إنقلب موقف هذا الفصيل الذي يُعبّر بامتياز عن إرادة “الحرس الثوري الإيراني” إلى “مهادن” بعدما كان ماجمًا!

ما سرّ هذا الإنتقال من ضفة الى أخرى وأيّة خلفية لهذا الإنقلاب من “احمر دام” إلى “رمادي فاتح”؟

إنّها إيران التي تخشى على نفسها من اضطرارها الى مواجهة مع الجيش الأميركي، بعدما أكثر المسؤولون الأميركيون المدعومون سياسيًّا ودبلوماسًّا وعسكريًّا وإعلاميًّا من عدد من الحلفاء تتقدمهم بطبيعة الحال بريطانيا، من توجيه اتهامات إليها تؤكد أن الأسلحة التي تستهدف القواعد الأميركية، وآخرها الهجوم الدامي على تلك الموجودة على الحدود الأردنية- السورية، مصدرها إيران، والإكثار من السيناريوهات التي تُدرج “الجمهوريّة الإيرانيّة” في قائمة الأهداف التي اتّخذ الرئيس الأميركي جو بايدن قرارًا باستهدافها.

ولم يغب الحرص على إيران عن بيان “التهدئة” الصادر عن “كتائب حزب الله” العراقية، مساء أمس الثلاثاء وأعلنت فيه عن تجميد عملياتها ضد القواعد الأميركية في كل من سوريا والعراق، إذ ورد فيه بالحرف:” إن إخوتنا في المحور – لا سيما في الجمهورية الإسلامية- لا يعلمون كيفية عملنا الجهادي، وكثيراً ما كانوا يعترضون على الضغط والتصعيد ضد قوات الاحتلال الأمريكي في العراق وسوريا”.

بطبيعة الحال، نشطت الماكينة الدعائية لفصل إيران عن هذا الحدث العراقي وجرى ربطه بما يسمّى رفع الإحراج عن الحكومة العراقية، ولكنّ البيانات السابقة تبيّن زيف هذه الإدعاءات، إذ إنّ “كتائب حزب الله” نفسها، كانت قد أعلنت، بعيد بدء المفاوضات العراقية-الأميركية الهادفة الى وضع اتفاق عسكري بينهما، أنّها سوف تستمر باستهداف الإحتلال الأميركي حتى انسحابه بالقوة، وهي اللغة الوحيدة التي يفهمها!

وكانت “منظمة بدر” وهي الأكثر تماهيًّا مع “كتائب حزب الله” العراقية قد أعربت في وقت سابق عن واجب الدفاع عن الجمهورية الإسلامية في إيران، وأوردت في بيان لها صادر في الرابع والعشرين من كانون الثاني الجاري الآتي:” نؤكد أن موقف بدر تجاه الجمهورية الإسلامية موقف منطلق من وحدة العقيدة والولاية والمرجعية، والارتباط المصيري، وفتاوى مراجعنا بوجوب الدفاع عن الجمهورية الإسلامية (…) ولن يتغير هذا الموقف من اجل إرضاء الأشرار والمعتدين(…)“.

ماذا يعني كل ذلك؟

في 29 كانون الأوّل، نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركيّة مقالًا لرئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق نفتالي بينيت تحدث فيه عن تجربته مع إيران. في هذا المقال أورد معلومات عن عمليتين أمنيّتين إسرائيليّتين أمر بهما في إيران، ليستنتج الآتي:” طغاة إيران أكثر ليونة مما قد يتوقعه المرء. إنهم يرسلون بسعادة الآخرين للموت من أجلهم. لكن عندما يتعرضون للضرب في المنزل، يصبحون فجأة خجولين”.

واليوم، عندما رفع البيت الأبيض مستوى تهديداته ووضع الخيار العسكري للتعامل مع إيران على الطاولة، في رد على استهداف القواعد الأميركية من خلال أذرعها في المنطقة، حصل “الإنقلاب”.

بطبيعة الحال، لم تكن واشنطن في طور الدخول في حرب ضد طهران، لكنّ استهداف مراكز “الحرس الثوري الإيراني” في إيران نفسها، سوف يلحق الذل بالجمهورية الإسلامية إذا لم ترد على الإستهداف، ممّا يسمح بتدحرج الأمور إلى مستوى مواجهة خطرة للغاية.

وإيران، منذ السابع من تشرين الأوّل الماضي، تاريخ بدء الحرب في غزة، لم تبحث عن مواجهة بل عن صفقة: أذرعها تدفع الثمن، سواء كانت في لبنان أو سوريا أو العراق أو اليمن، وهي تقبض.

قراءة البيت الأبيض التي ورطت إيران بالهجوم على القواعد الأميركية في العراق وسوريا، في حال تُرجمت عسكريًّا، سوف تضم إيران الى دافعي الأثمان، وهي “الصابرة استراتيجيًّا” لا تريد ذلك.

ما أقدمت عليه “كتائب حزب الله” العراقيّة، أمس بإعلان تعليق عملياتها ضد القواعد الأميركية، تحت وطأة التهديدات الأميركية لها ولإيران، في آن، هو تحوّل استراتيجي في قراءة ديناميات التدهور المستمر في المنطقة، فهل يستغلّه البيت الأبيض لإصلاح الحال أو “تعود حليمة الى عادتها القديمة”؟

المقال السابق
نص الكلمة التي أعلن فيها الحريري تعليق عمله السياسي
رئيس التحرير: فارس خشّان

رئيس التحرير: فارس خشّان

مقالات ذات صلة

هكذا صنع نتنياهو "سهام الشمال"!

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية