"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

عن أي "مقاومة" يتكلّمون؟

رئيس التحرير: فارس خشّان
الخميس، 13 فبراير 2025

لا توجد في لبنان، أصلًا مقاومة حتى ينشغل بال صائعي البيان الوزاري لحكومة نوّاف سلام، بها وبمصيرها وبطريقة التعاطي معها.

ما هو موجود في لبنان، أقلّه منذ العام ٢٠٠٠، هو تنظيم مسلح مرتبط بمحور إقليمي تقوده الجمهورية الإسلامية في ايران، ولديه أهداف غير وطنية، الأمر الذي تجلّى في قرار ضم الجبهة اللبنانية-الإسرائيلية إلى حرب “طوفان الأقصى”، رغما عن إرادة الشعب وفي ظل تغييب كامل للدولة ومؤسساتها.

وقبل دخول هذا التنظيم المسلّح الذي يطلق على نفسه اسم “المقاومة الإسلامية في لبنان”، في الحرب كان قد تسبب للبنان بمشاكل تراكمت عبر الزمن، سواء مع الداخل، حيث تقهقرت الدولة، واحتدمت الطائفية بعد انحسار وأحيت التطلعات التقسيمية والانفصالية والفدرالية، او مع الخارج، بحيث تدهورت علاقات لبنان مع أكثر الدول التي طالما رعت شؤونه وخففت من شجونه، كما هي الحال مع دول مجلس التعاون الخليجي التي لم يعرف اللبنانيون قيمتها وجدواها إلا يوم قررت النأي بنفسها عن وطنهم!

اذًا، لا توجد مقاومة لتكون محور بحث وتدقيق ونقاش وجدال، بل يوجد تنظيم مسلح محظور، وفق مقتضيات الدستور ووثيقة الوفاق الوطني وقرارات الشرعية الدولية ومنطق الدول!

ولا يمكن الركون إلى احتلال إسرائيل، في الأشهر الأخيرة، لأجزاء من الجنوب اللبناني، وهي تنسحب منها تدريجيا بعد تدمير كل مقومات العيش فيها، من أجل تعويم هذه المسماة بالمقاومة، لأنّها، وفق ما بات واضحا للجميع، هي كانت المبرر لعودة الواقع الاحتلالي إلى ما كان محررا من الأرض.

وعلى مدى سنوات طويلة، وعلى الرغم من ظهور مخاطر هذه المسماة مقاومة، فشلت الدولة اللبنانية في أن تكون دولة، اذ خضعت لارادة التنظيم المسلح المرتبط بالجمهورية الإسلامية في ايران، وتذاكت على الداخل والخارج في آن، الأمر الذي تسبب للبنان بويلات يحتاج للتخلص منها إلى معجزات.

وقال الرئيس نواف سلام في مقابلته التلفزيونية الأولى من نوعها، وخصّ بها “التلفزيون الرسمي”، في إشارة لافتة الى وجوب الاعتماد على مؤسسات الدولة بعدما أهملها كثيرون لمصلحة “الخاص” و”الحزبي”، عند حديثه عن جنوب نهر الليطاني: لقد تذاكينا في السنوات الماضية، وهذا ما جعلنا ندفع الثمن الغالي(…) ونحن لذلك ملتزمون بإعادة إعمار ما تهدم”.

وهذا يعني أنّ سلام، من موقعه الدستوري، يحمّل الدولة مسؤولية الكارثة التي حصلت، “لأننا تذاكينا”، أي أنّ الدولة ارتضت بالتحايل لتبرير عدم تطبيق القرار ١٧٠١ الذي يمنع وجود تنظيم مسلح في المنطقة المفترض ان تكون حصرًا بعهدة الجيش اللبناني المدعوم من اليونيفيل.

وبالفعل، فإنّ الدولة اللبنانية تنازلت ل”حزب الله” عن جنوب نهر الليطاني، وسمحت له، على الرغم من التزاماتها، بأن يفعل فيه ما يشاء. وكانت كلّما تصاعدت الصرخات الإقليمية والدولية والداخلية، ترد الدولة مقدمة حججا تبيّن أنّها واهية.

وقدم “حزب الله” صاحب “المقاومة الإسلامية في لبنان” نفسه كحام وحيد للسيادة، على الرغم من أنّه كان يجهّز نفسه للقيام بعمليات لا علاقة لها بالتحرير، لا من قريب ولا من بعيد.

وكان القيّمون على الدولة، ومن أجل شبقهم بالسلطة، يتنازلون لهذا الحزب عن السيادة، من اجل المناصب، ويقدمون، في البيانات الوزارية، صيغًا تبرر له حمل السلاح وتخزينه واستعماله على كامل الأراضي اللبنانية، والتوجه، كقوة مقاتلة، للعمل خارج الحدود، كما فعل، على سبيل المثال لا الحصر، حين قاتل في سوريا لمصلحة نظامها الذي انهار أخيرًا.

ولم يحد نوّاف سلام في موقفه عمّا تحدث في شأنه رئيس الجمهورية في “خطاب القسم”، اذ شدد على مسؤولية الدولة وحدها عن حماية السيادة اللبنانية. وأعاد كلامه مرتين حتى يسمع من سها انتباهه.

تأسيسا على كل ذلك، إنّ تغييب “المقاومة” عن البيان الوزاري يتناسق تماما مع كلمات سلام وخطاب عون.

ويدرك الرئيسان عون وسلام من دون أدنى شك بأنّ التعهد بإعادة الإعمار يقتضي “عدم التذاكي” في البيان الوزاري، بحيث يمكّن ما يسمّى بالمقاومة من أن تعود إلى البقعة نفسها من النافذة بعدما أُخرِجت من الباب!

ويروي دبلوماسي لبناني أنّه في أثناء الهجوم الإسرائيلي الأخير ضد لبنان تمنّى ان يصله موقف واحد من دولة واحدة في الدولة التي يمثل فيها بلاده، تستنكر ما يحصل، اذ كانت جميع البعثات الدبلوماسية غير معنية ب”بلاد الأرز” على خلاف الواقع بما يختص بالعدوان الإسرائيلي على غزة.

ويشير هذا الدبلوماسي إلى أنّ جميع البعثات العاملة في دول مجلس التعاون الخليجي أرسلت تقارير إلى بيروت تحذر من مغبة “التذاكي” في البيان الوزاري بموضوع “المقاومة” من خلال ابتداع تعابير “مطاطة”، لأنّ العواصم المعنية بلبنان متفقة على ان تمتنع عن مساعدته في حال صدرت إشارات منه بأنّه يمكن ان يعود إلى ما كان عليه، اذ إنّ الموضوع ليس له علاقة بالنظرة إلى إسرائيل بل بالنظرة إلى قدرة لبنان على ان يكون دولة فعلًا!

المقال السابق
زيلينسكي: أعلم أن ترامب لا يحب انضمامنا للناتو
رئيس التحرير: فارس خشّان

رئيس التحرير: فارس خشّان

مقالات ذات صلة

خمسة أسابيع في الرياض!

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية