أثارت عمليات الجيش الإسرائيلي البرية التي انطلقت منذ نحو أسبوعين في جنوب لبنان، تساؤلات عن مدى توافقها مع القانون الدولي، وعن شروط الدفاع عن النفس وحدوده، خاصة أن المستهدف هو دولة ذات سيادة، والحالة مختلفة عن قطاع غزة الذي تخوض فيه إسرائيل حربا شرسة ضد حماس منذ هجومها في 7 أكتوبر 2023.
وتقول إسرائيل إن لديها الحق في الدفاع عن النفس ضد هجمات حزب الله اليومية بالصواريخ والمسيرات، وإنها تريد تطهير حدودها كي يتمكن مواطنوها من العودة إلى منازلهم في المناطق التي تم إخلاؤها منذ أكثر من عام نتيجة القصف من جنوب لبنان.
ويقول خبراء قانونيون لصحيفة “نيويرك تايمز” إن الدفاع عن النفس هو أمر له شروط وحدود ومقونن.
وأشار هيو لوفات، الخبير في القانون الدولي والصراع المسلح في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إلى أن المسائل القانونية جدلية بعض الشيء، متسائلا “هل يتفوق حق إسرائيل في الدفاع عن النفس على حق لبنان في السيادة؟“.
وبالإضافة إلى ذلك، يقول بعض الخبراء إن الدفاع عن النفس له حدوده القانونية، وخاصة إذا كان استخدام إسرائيل للقوة في لبنان غير متناسب مع التهديد الذي تواجهه، أو إذا فشلت في إعطاء الأولوية لحماية المدنيين.
ومنذ بدء التصعيد الحدودي في أكتوبر 2023، قُتل أكثر من 2100 شخص في لبنان، بينهم نحو 1200 منذ تكثيف القصف الإسرائيلي في 23 سبتمبر الماضي، حسب تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى أرقام رسمية.
وسجلت الأمم المتحدة حوالى 700 ألف نازح داخل لبنان، مع فرار نحو 400 ألف شخص، معظمهم سوريون، إلى بلادهم.
وقال القاضي كاي أمبوس، أستاذ القانون في جامعة جوتنجن في ألمانيا، للصحيفة “لديك الحق في الدفاع عن النفس، ولكن عليك ممارسة ذلك بطريقة معينة. إن هذا الأمر ليس بلا حدود”.
وأشار الخبراء إلى أن شرعية الاجتياح البري الإسرائيلي قد تكون مسألة غامضة وضبابية، وتفتح الباب أمام مجموعة واسعة من الأسئلة التي يجب الإجابة عليها في معظم الحالات من قبل محكمة أو مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
ميثاق الأمم المتحدة ووفقا للمادة الأولى من ميثاق الأمم المتحدة، فإن من مقاصد الهيئة ومبادئها “حفظ السلم والأمن الدولي، وتحقيقا لهذه الغاية تتخذ الهيئة التدابير المشتركة الفعالة لمنع الأسباب التي تهدد السلم ولإزالتها، وتقمع أعمال العدوان وغيرها من وجوه الإخلال بالسلم، وتتذرع بالوسائل السلمية، وفقا لمبادئ العدل والقانون الدولي، لحل المنازعات الدولية التي قد تؤدي إلى الإخلال بالسلم أو لتسويتها”.
وتنص المادة الثانية على أن الهيئة “تقوم على مبدأ المساواة في السيادة بين جميع أعضائها. ولكي يكفل أعضاء الهيئة لأنفسهم جميعا الحقوق والمزايا المترتبة على صفة العضوية يقومون في حسن نية بالالتزامات التي أخذوها على أنفسهم بهذا الميثاق”.
ومن المبادئ أيضا “يفض جميع أعضاء الهيئة منازعاتهم الدولية بالوسائل السلمية على وجه لا يجعل السلم والأمن والعدل الدولي عرضة للخطر. ويمتنع أعضاء الهيئة جميعا في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة”. ووفقا للميثاق أيضا يحظر على الأعضاء “التهديد بالقوة أو استخدامها، وعلى جميع الأعضاء احترام سيادة الدول الأخرى وسلامة أراضيها واستقلالها السياسي”. لكن المادة 51 من الميثاق توضح أيضا أن الدول الأعضاء لها الحق في الدفاع عن نفسها ضد الهجمات المسلحة.
ولفت الخبراء إلى أن هناك المزيد من التعقيدات، فلبنان دولة ذات سيادة، لكن إسرائيل تقول إنها تقاتل ضد حزب الله، وهو جماعة مسلحة ولاعب مؤثر في حكومة لبنان، وتعتبره إسرائيل والولايات المتحدة منظمة إرهابية.
حماية المدنيين
وبغض النظر عن الأسئلة حول شرعية التوغل الإسرائيلي، فإن كل دولة لديها التزام قانوني بحماية المدنيين أثناء الحرب.
وحتى لو وضع حزب الله أهدافا عسكرية في مبان مدنية، على سبيل المثال، يقول خبراء إن إسرائيل يجب أن تأخذ في الاعتبار سلامة غير المقاتلين داخل المباني عندما تنفذ غارات جوية.
وتوضح أستاذة القانون الدولي في جامعة ييل، أونا هاثاواي، للصحيفة “لا يميز القانون الدولي بين الغزو البري والغارات الجوية - والمقياس هو استخدام القوة”.
الحرة