ينتابني سؤال واحد في كل عام مع حلول عيد الأم وأنا أقرأ معايدات سياسيينا اللبنانيين لأمهاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، وهم يذكرون فضائلهنّ ومحاسنهنّ متمنين لهن العمر الطويل، ل ينتقلوا في فقرة ثانية إلى شكرهنّ على كل ما تعلموه وورثوه منهن، فتراك أمام حفلة من مدح الذات “لها أول ما إلها آخر”.
والسؤال هو: إذا كنتم حقًا تتمتعون يا سادة بكل هذه الفضائل المنتقلة إليكم بالجينات، فمن أين أتى هذا الفساد المستشري في بلد أنتم مسؤولون عنه، ولماذا استغليتم وصولكم إلى سلطة استخدمتموها لارتكاب جرائم أبسطها الاختلاس والرشوة والابتزاز والزبائنية والهدر وخيانة الأمانة؟ وهي جرائم كافية، أن تجعل من أمهاتكم - لو كنتم في بلد فيه دولة - يقفن أمام السجون ينتظرن أدوارهن ليتمكّن من رؤيتكم في يوم عيدهن ويسمعوكم “كلمتين ع ذوقكم”.
لن نضم أصوتنا إلى أصوتكم، ونتمنى لأمهاتكم عيدًا سعيدًا، لأنهن أخرجن لنا من أرحامهنّ أقبح السياسيين الفاسدين والمنافقين ولا نستثني أحدًا، فغالبيتكم المطلقة بمختلف انتماءاتكم، فاسدون، أفقرتم الناس وأذللتم الأمهات لتعيشوا أنتم رفاهية السلاطين.
ألم تعلّمكم أمهاتكم أنّ من يخطئ بحق الآخرين يعتذر، ومن يفشل يعتكف، ومن يرتكب جرمًا بيخنقوا الله؟
ما نراه نحن كمواطنين، انّ “أمهاتكم الفاضلات” ربّت أناسًا وقحين فاسدين وخائنين بحق مواطنيهم ولو كنا شعبًا يستحقّ الحياة لكنا سحلناكم في الشوارع، ولكن “الحق مش عليكم” كما يقال في العامية، ولا علينا نحن الشعب المسكين، إنما الحق على سوء طالعنا الذي جعلنا نولد في بلد فيه ١٨ طائفة، وكل طائفة تعتبر زعيمها قديسًا.
وتأكدوا أن كلماتكم هذه لن تفلح في حذف ما وثّقه التاريخ عنكم وعن إجرامكم وفسادكم.