"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

الزواج المختلط في لبنان.. هل يعبّد الطريق نحو مجتمع مدني؟

كريستين نمر
الاثنين، 7 أبريل 2025

الزواج المختلط في لبنان.. هل يعبّد الطريق نحو مجتمع مدني؟

“شو ما تكون طايفتو… أصل التوفيق”، عبارة على الرغم من بساطتها تبيّن مدى الانغلاق الديني والطائفي لدى الأهل والمجتمع من الزواج المختلط، وكأن الزواج بالنسبة لمعظم الأسر اللبنانية، بين شريكي حياة من طائفتين مختلفتين من الطوائف الـ١٨ الموجودة في لبنان، “وصمة عار” لكثير من العائلات اللبنانية.

تساؤلات كثيرة تطرح حول موضوع الزواج المختلط في لبنان، الذي لا تتخطّى نسبته الـ٢٠٪، وقد شهد في السنوات الأخيرة انتشارًا لا بأس به بين السياسيين اللبنانيين الشباب، على غرار سامي الجميّل الماروني ونبيل فريد مكاري الأرثوذكسي وطوني فرنجية الماروني الذين ارتبطوا بسيدات ينتمين إلى الطائفة السنيّة.بعض هؤلاء تزوجوا في الكنيسة والبعض الآخر وجدوا حلًا لهذه الفجوة الاجتماعية بالسفر إلى الخارج لعقد قرانهم.

والحرج لا يتعلق بزواج المسلمين من المسيحيين أو العكس، بل يمتد أيضًا ليشمل الزواج بين المذاهب عند أبناء الطائفة الواحدة وإنْ بشكل أخف، وهذا ما شاهدناه الأسبوع الماضي أثناء عقد قران ابن رئيس مجلس النواب نبيه بري الشيعي من فتاة من الطائفة السنيّة حيث انهالت الإشادات على رحابة صدر بري وانفتاحه وتسامحه…

إنّ الزواج المختلط ليس جديدا في لبنان، فهو ظاهرة انتشرت كثيرًا في سبعينات القرن الماضي قبل أن تعود وتنحسر مع الحواجز الثقافية والاجتماعية التي وضعتها الحرب الأهلية التي عصفت بلبنان، وما تركته من آثار لا تزال عواقبها قائمة إلى يومنا هذا، إضافة إلى بعض الأعراف والتقاليد لدى بعض الطوائف.

ومن الزواج المختلط انبثقت معضلة الزواج المدني التي أثيرت للمرة الأولى عام ١٩٥١ في مجلس النواب حيث تم رفضه، وفي العام ١٩٩٩ عاد وناقش مجلس الوزراء مشروع قانون الزواج المدني وتمت الموافقة عليه بالأغلبية في عهد الرئيس الراحل الياس الهراوي، يوم حاز على أغلبيّة وزاريّة مُؤيّدة، لكنّ رفض رئيس الوزراء الشهيد رفيق الحريري توقيع مشروع القانون المذكور آنذاك، مدعوما من السُلطات الدينيّة المُختلفة، حال دون تمريره، وقال الحريري وقتها “إن ظروف لبنان الآن لا تسمح بذلك”، ليأتي بعدها مفتي الجمهورية اللبنانية السابق محمد رشيد قباني مطلع عام ٢٠١٣ ويعلن “ان كل من يوافق من المسؤولين المسلمين في السلطتين التشريعية والتنفيذية في لبنان على تشريع وتقنين الزواج المدني هو خارج عن دين الإسلام”.

طبعًا، من حق الأهل أن يقلقوا من زواج أبنائهم المختلط، فلا شكّ بأنّه يعمّق الفجوة الاجتماعية والثقافية بين أي ثنائي، ما يحتمّ عليهما بذل جهد أكبر للتقارب وبناء اتفاق حول ما يجمعهما بدل ما يفرّقهما، وربما قد يتفوّق معدّل النزاع فيه على نسبة السلام، لكن متى عمل الثنائي قبل الزواج على وضع اتفاق يحمل كلّ الأبعاد الثقافيّة والدينيّة، فهذه الفروقات تزول. فنجاح الزواج المختلط قائم على كيفيّة بنائه ونوعه، وكيفيّة تربيّة الاولاد وتسيير الأمور في البيت. وأثبتت الدراسات أنّ الزيجات المختلطة التي بُنيت على اتفاق بنيوي لكلّ مكوّنات الزواج أثبتت نجاحًا باهرًا.

وبقدرة الحبّ الذي هو أقوى من أي مذهبية أو طائفية، سيتمكّن هؤلاء الشباب من السير بلبنان نحو مجتمع مدني، وجعل الزواج المختلط أمرًا طبيعيًا في مجتمع متنوّع كالمجتمع اللبناني.

المقال السابق
عدد مراكز حزب الله التي دخل اليها الجيش في الجنوب
كريستين نمر

كريستين نمر

محرّرة وكاتبة

مقالات ذات صلة

لأول مرة... حبوب منع حمل للرجال تدخل التجارب السريرية

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية