"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

اليوم استفتاء على اردوغان: إما يربح أو يخسر أو ينجو على الحافة!

علي حمادة
الأحد، 14 مايو 2023

اليوم استفتاء على اردوغان: إما يربح أو يخسر أو ينجو على الحافة!

مع توجه حوالي ٦٢ مليون ناخب تركي هذا الصباح الى صناديق الاقتراع، تعيش تركيا و معها المنطقة في حالة ترقب، لما ستسفر عنه نتائج الانتخابات المزدوجة لرئاسة الجمهورية و البرلمان . فحتى الدقائق الأخيرة قبل ان تدخل تركيا في مرحلة الصمت الانتخابي، و مع فتح أولى مراكز الاقتراع التي يقارب عدد الصناديق فيها ١٩٢ الف صندوقا، كانت ارقام مركز الاستطلاعات الرئيسية تتأرجح بين توقعات بفوز الرئيس رجب طيب اردوغان او خسارته بفوراق بسيطة، امام منافسه كمال كيليتشدار اوغلو، الذي رشحه ائتلاف “الطاولة السداسية”، المؤلف من ستة أحزاب معارضة، إضافة الى “حزب الشعوب الديموقراطي” الكردي.

انها ارقام متقاربة جدا، تفيد بأن الرئيس اردوغان امامه اختبار هو الأصعب في حياته السياسية، منذ ان وصل مع حزبه الى السلطة في تركيا قبل احد و عشرين عاما. و الاختبار الذي نتحدث عنه مرده الى انه يخوض معركة بقائه في السلطة، في وقت ازدادت تعقيدات حكمه أولا لاسباب اقتصادية واضحة مع تراجع الاقتصاد، و العملة الوطنية، وارتفاع معدلات التضخم و كلفة المعيشة.

و قد اتى زلزال شباط – فبراير الماضي، الذي ذهب ضحيته اكثر من ٤٥ الف شخص في تركيا وحدها، ليفاقم من مصاعب اردوغان السياسية، في ضوء اتهام الحكومة التي يسيطر عليها “حزب العدالة والتنمية ” بسوء إدارة الإغاثة، و قبلها بسوء إدارة قطاع البناء في المناطق المنكوبة من تركيا.

وما من شك ان الانتخابات ستشكل أيضا، اختبارا كبيرا لنهج الرئيس، الذي عدل الدستور و حول النظام من برلماني الى رئاسي، و شد البلاد اكثر الى الماضي العثماني، ووسع من نطاق تغلغل الشريحة الاسلاموية الى مؤسسات الدولة، على قاعدة ان اردوغان ينتمي الى الخط الإسلامي ( الاخواني ) الذي يركز كثيرا على تقوية المرجعية التاريخية العثمانية الاسلامية في السياسة و الإدارة. ومن المهم بمكان الإشارة الى ان محاولة الانقلاب العسكري، التي نجح اردوغان و حزبه في كسرها، دفعته وحزب “العدالة والتنمية ” الى مزيد من التصلب عبر عمليات “التطهير”، التي قاداها في الإدارة العامة، و في قوات الشرطة و الجيش ، مما أدى الى تغيير معادلات كثيرة داخل ماكينة الدولة، التي كانت محظورة تاريخيا، منذ عهد مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال اتاتورك، على كل من يُشتم انه ذو توجه إسلامي.

هذا الواقع هو احد الوجوه التي تختبر تركيا مدى قوتها و تجذرها في المجتمع. والانتخابات في هذا اليوم هي بمثابة مجموعة استفتاءات على هوية تركيا، بين توجهي الدين و العلمانية، كما انها استفتاء على شخص اردوغان الذي امضى في الحكم أطول مدة، منذ نشوء تركيا الحديثة و معه النظام الجمهوري، حيث ان منافسه والائتلاف الذي يدعمه، يعدون بالعودة الى النظام البرلماني المعزز . و في مكان آخر هو استفتاء على تموضع تركيا الجيوسياسي، و تقلبها بين توجه غربي و توجه اوراسي، تعاظم منذ مجيء ارودوغان الى السلطة.

في مطلق الأحوال، سيكون لانتخابات تركيا اليوم تداعيات إقليمية كبيرة، لانها في مكان ما سوف تؤثر بدرجات متفاوتة على علاقات انقرة مع جيرانها، وعلى الدور الإقليمي لتركيا. فمن روسيا و أوكرانيا، الى سوريا، مرورا بليبيا، وصولا الى أذربيجان، تلعب تركيا الحالية أدوارا بارزة في المعادلة الجيوسياسية، في ظل التنافس و الصراع بين الدول الكبرى و التجمعات الدولية الرئيسية.

بنهاية اليوم، و بعيدا عن أية توقعات متسرعة حول النتائج، او التفاعلات و ردود الفعل على النتائج، سيكون الإقليم على موعد مع جولة تشد انظار العالم، عنوانها الاستفتاء على اردوغان!

المقال السابق
حذر من خطر النزوح المتزايد.. الراعي: المسؤولون لا يسمعون الا أصوات مصالحهم

علي حمادة

كاتب ومحلّل سياسي

مقالات ذات صلة

هذا ما فعله حزب الله للحوثيين بمشاركة ايران و"وولائيي" العراق

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية