أظهرت دراسة جديدة أن أكثر من نصف النساء اللواتي كانت تجربة ولادتهن عصيبة ومؤلمة قلن إن المخاض الذي مررن به أدى إلى تأجيلهن فكرة إنجاب مزيد من الأولاد. وكشف التقرير الذي أعدته مؤسسة “مامزنت” Mumsnet عن أن 53 في المئة من الأمهات اللاتي مررن بتجربة ولادة مؤلمة قلن إن الصدمة شكلت رادعاً أمام إنجابهن مجدداً. واكتشف الباحثون الذين استطلعوا 1000 امرأة من أعضاء منصة “مامزنت” أن نحو 8 من أصل 10 نساء عانين صدمة الولادة (birth trauma).
واعتبرت أكثر من أربع نساء من أصل 10 عانين صدمة الولادة أن متخصصي الرعاية الصحية استخدموا لغة تنطوي على اتهامهن “بالفشل أو تلقي اللوم عليهن” في تلك الحالة.
ويأتي ذلك تزامناً مع حديث امرأتين مع صحيفة “اندبندنت” عن تجربة الولادة الصعبة التي مرتا بها وقالت إحداهن بأنها أصيبت بإعاقة طويلة الأمد أثرت بشكل ملحوظ على قدرتها على المشي.
واعتبرت تيو كلارك، وهي نائبة منتمية إلى حزب المحافظين وأسست مجموعة برلمانية لجميع الأحزاب تعنى بصدمة الولادة، بأنه يجب بذل مزيد من الجهد لحماية المرأة من هذه المسألة.
وقالت السيدة كلارك، وهي نائبة عن مقاطعة ستافورد، إنه “من المهم للغاية” للنساء أن يتلقين الرعاية والدعم الضروريين بعد خوض ولادة عسيرة مع اختبار آلاف النساء ت لك التجربة سنوياً.
وسبق للنائبة أن تحدثت عن تجربتها الصعبة الخاصة أثناء الولادة واصفة أنها اعتقدت بأنها “ستموت” بعد معاناتها من تمزق مهبلي من الدرجة الثالثة استوجب خضوعها لعملية جراحية طارئة.
ووجد البحث الجديد أن 7 من أصل 10 نساء عانين الصدمة خلال الولادة قلن إن مشكلاتهن لم تحل حتى بعد مرور عام على تلك التجربة.
وقالت ثلاثة أرباع النساء اللاتي شملهن الاستطلاع الجديد إنهن شعرن بأن متخصصي الرعاية الصحية أصبحوا “مجردين من المشاعر” أمام صدمة الولادة.
وعبرت ثلثا النساء المستطلعات عن اعتقادهن أن مقدمي الرعاية الصحية لم يبذلوا قصارى جهدهم للحيلولة دون حصول صدمة الولادة، في حين أن نسبة مماثلة من النساء قلن إنهن لمسن “انعدام التعاطف” من قبل متخصصي الرعاية الصحية أثناء المخاض.
وقالت كلارك “نتائج الاستطلاع هذه مخيبة للآمال بشكل كبير، فهي تحاكي تجربتي الشخصية في صدمة الولادة وكذلك تجربة عديد من النساء اللاتي عانين تجارب ولادة فظيعة أيضاً”. وشرحت بأن هدف المجموعة البرلمانية لجميع الأحزاب البريطانية APPG يتمثل في إدراج صدمة الولادة ضمن استراتيجية الحكومة الخاصة بصحة المرأة.
وأضافت النائبة “يتضح من الاستطلاع الحاجة إلى مزيد من التعاطف وا لتثقيف ورعاية أفضل للأمهات اللاتي يعانين صدمة الولادة لو أردنا أن نلمس تحسناً في الصحة البدنية والنفسية للأمهات”.
وفي سياق متصل، قالت نيكي ويلسون، وهي المديرة التنفيذية لجمعية “مايك بيرث بيتر” Make Birth Better لصحيفة “اندبندنت” إن نتائج البحث “صادمة” و”تظهر حاجتنا إلى التحرك فوراً”.
واعتبرت أن الإحصاءات “تظهر بوضوح تام نقص الوعي في ما يتعلق بصدمة الولادة في أوساط متخصصي الرعاية الصحية”. وأضافت ويلسون “إن الرعاية الخاصة بالصدمات هي من بين أبرز المواضيع التي نغطيها في التدريب الذي نقدمه، فهو أمر جوهري عندما يتعلق الأمر بتجنب الصدمة والتعافي. ولا يشمل هذا الأمر الأهل وحسب، بل إن المتخصصين يستفيدون منه كذلك لأنه يؤمن السلامة النفسية لهم أيضاً. ويعد هذا عنصراً بالغ الأهمية والضرورة في بيئة متسارعة الوتيرة وتعاني ضغوطاً عالية ونقصاً في طاقم العمل كما يحصل حالياً في هيئة الخدمات الصحية الوطنية. ويظهر الاستطلاع أيضاً تأثير الصدمة على حياة الأشخاص وخياراتهم”.
وفي حين يعد إنشاء مجموعة برلمانية لجميع الأحزاب تعنى بصدمة الولادة، فضلاً عن نقاش في البرلمان حول هذه المسألة “إنجاز مهم” غير أنه “ليس سوى البداية”، بحسب قولها.
وفي هذا السياق، قالت المديرة التنفيذية لجمعية “بيرث تروما” Birth Trauma Association كيم توماس، “حان الوقت لإعادة نظر شاملة في طريقة اختبار النساء للولادة والأمومة. يجب أن يشمل ذلك تعليماً صادقاً ومستنداً على الأدلة لما قبل الولادة، إضافة إلى رعاية متعاطفة ومتخصصة خلال الولادة ورعاية لما بعد الولادة تهدف إلى تحديد ومعالجة أية إصابة ناجمة عن الولادة أو مشكلة تطاول الصحة النفسية. إن وجود نظام يضع المرأة في صلب الرعاية ليس مجرد هدف سامٍ، بل هو أبسط الحقوق التي تتوقع المرأة الحصول عليها”.
وفي غضون ذلك، قال متحدث من وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية إن الوزارة “تستثمر في مبلغ إضافي يبلغ 165 مليون جنيه استرليني (204 مليون دولار) سنوياً لزيادة القوى العاملة في مجال الولادة ودعمها وتحسين رعاية حديثي الولادة”.
وأشار المتحدث إلى أن هيئة الخدمات الصحية الوطنية في إنجلترا أصدرت أخيراً خطة تمتد على ثلاث سنوات لضمان أن تكون رعاية الأم وحديثي الولادة “أكثر أمناً وتخصصاً وملاءمة للمرأة والطفل والعائلة”. وأضاف المتحدث الوزاري “بهدف دعم النساء بعد الصدمة المرتبطة بتجربة الولادة التي خضنها، نطلق 33 خدمة جديدة مرتبطة بالصحة النفسية للأمهات، والتي ستكون متوفرة في أنحاء إنجلترا في مارس (آذار) 2024”.