وسط استمرار الضغوط على الحكومة الإسرائيليّة لشنّ حرب ضد “حزب الله” لسحب قواه المقاتلة من الجنوب اللبناني، وفي ظل تصاعد المخاوف الأميركية من “نكسة كبيرة”،
تعرض الهدوء الذي يسود الجنوب اللبناني منذ سريان الهدنة في غزة الجمعة الماضي لبعض الخروق اليوم.
واطلق الجيش الإسرائيلي عصر اليوم 10 قذائف مدفعيّة، على خراج بلدة مروحين، وجبل بلاط في القطاع الغربي في جنوب لبنان.
وكانت سمعت أصوات قوية في المناطق الحدودية الجنوبية وافادت المعلومات انها دوي صواريخ اعتراضية للقبة الحديدية، حيث افيد ان عدداً من القذائف الإسرائيليّة سقطت عند أطراف بلدة رامية ورميش.
وكان الجيش الإسرائيلي حذر قبل الظهر من تسلّل طائرة مسيّرة من لبنان. وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أنّ صفارات الإنذار دوّت في الجليل الأعلى.
ونقلت وكالة “رويترز” عن قوة الأمم المتحدة الموقّتة في لبنان، أنّ إسرائيل ردّت على إطلاق نار من لبنان عبر الحدود.
من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي انفجار صاروخين اعتراضيين من القبّة الحديديّة فوق أطراف بلدة رميش الحدودية.
وقال: “مقاتلاتنا نجحت في اعتراض تهديد جوي اجتاز الأراضي اللبنانية باتّجاه إسرائيل”.
وحلقت مسيّرات إسرائيلية على علو منخفض فوق بلدات جنوبية عدة.
الى ذلك، قام الجيش الإسرائيليّ بعمليّة تمشيط عند محيط بركة ريشا عند الحدود اللبنانية - الفلسطينية مقابل بلدة مروحين الجنوبية بالأسلحة المتوسطة.
السفارة الأميركية
وكتبت السفارة الأميركية في بيروت على حسابها عبر منصة “إكس”: “لا نزال نشعر بالقلق إزاء احتمال امتداد هذا الصراع إلى ما هو أبعد. وعلى وجه الخصوص، لا تريد الولايات المتحدة رؤية صراع في لبنان، حيث سيكون للتصعيد آثار خطيرة على السلام والأمن الإقليميين، وعلى رفاهية الشعب اللبناني. إن استعادة الهدوء على طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية أمر في غاية الأهمية”. وأضافت “يشكل التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن رقم 1701 عنصراً رئيسياً في هذا الجهد”. وتابعت السفارة الأميركية “تلعب اليونيفيل دوراً حيوياً على طول الخط الأزرق، ونتوقع أن تعمل جميع الأطراف على ضمان سلامة قوات حفظ السلام”.
الضغوط
وفي تعبير عن الضغوط الداخلية المستمرة على الحكومة الإسرائيليّة لشن حرب ضد “حزب الله” نشرت صحيفة مكور ريشون مقالة ل دورون ماتسا، مما ورد فيها الآتي:
أمام إسرائيل خياران مختلفان. الأول، هو الجمع بين بداية مناورة عسكرية في الجنوب وبين عملية سياسية كبيرة تتضمن، ليس فقط إعادة كل المخطوفين فحسب، بل استسلام “حماس” ومغادرة قيادتها القطاع، وفق ما جرى في بيروت في سنة 1982، ونزع السلاح من القطاع كله. احتمال نجاح هذه الخطوة ليس كبيراً، ولا سيما أن السنوار لا يشعر بعد باقتراب السكين من رقبته.
الخيار الثاني والأكثر إثارة للاهتمام، هو توسيع القتال شمالاً، نحو حزب الله، لعدة أسباب. السبب الأول، هو عنصر المفاجأة: حزب الله يتوقع تجدُّد القتال في جنوب القطاع، وهو ما يمنح إسرائيل تفوقاً، يسمح لها بتوجيه ضربة استباقية مفاجئة نسبياً، وأخذ زمام المبادرة.
لكن باستثناء ذلك، لن يجري حسم الحرب الكبرى الدائرة عملياً في الشرق الأوسط في مواجهة إيران، إذا لم يحدث حسم مهم على الجبهة الشمالية. من المحتمل أن ننتصر في الحرب على غزة، ونخسر في الحرب الكبرى. تشكل الجبهة الشمالية تهديداً أكثر أهمية لإسرائيل، يجبرها على تفكيك هذا الخطر، أو على الأقل، خلق وضع جديد على الحدود الشمالية.
من الناحية العسكرية، هذه هي اللحظة المناسبة، بينما استطاعت إسرائيل الإيقاع بـ”حماس” وضربها في القطاع، وتمكنت من تحييد قدرتها على الإيذاء تقريباً، من خلال إطلاق الصواريخ على شتى أنحاء البلد. من هنا، المعركة ضد حزب الله، ستجري اليوم في ظروف جيدة، بالنسبة إلى إسرائيل، وفي وضع لم تعد الساحتان مترابطتين. في إمكان إسرائيل “مهاجمة” حزب الله، من دون أن تضايقها “حماس” بصورة كبيرة من القطاع. كما في إمكانها فعل ذلك مع استمرار وجودها في غزة وخنقها، عبر تشديد الحصار عليها.
علاوةً على ذلك، فإن فرصة خلق نظام جديد في المنطقة لن تتكرر، والجيش والمجتمع الإسرائيليان مجندان بصورة غير مسبوقة، وهذه فرصة لتحويل ما يبدو أنه جولة أُخرى عنيفة وقاسية وكبيرة، إلى “حرب”، بمعنى خلق حسم ذي طابع استراتيجي في الشرق الأوسط كله. وهنا يكمن مستقبل إسرائيل في هذه المنطقة الصعبة، وكذلك مستقبل اتفاقات أبراهام، ومستقبل العلاقات مع دول مجاورة أُخرى، وطبعاً، القدرة على مواجهة إيران التي كفتها الآن هي الراجحة.