"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

الطريق إلى السعادة تبدأ ...بالآخرين!

كريستين نمر
الأربعاء، 20 ديسمبر 2023

الطريق إلى السعادة تبدأ ...بالآخرين!

“السعادة هي ثمرة عمل شخصي، يجب أن تكافحي وتناضلي من أجلها، وقد تضطرين في كثير من الأحيان أن تذهبي إلى الطرف الآخر من العالم للبحث عنها، ومتى وصلتِ إليها عليك أن لا تدخّري جهدًا لجعلها تدوم مرارًا وتكرارًا”، هذا ما نصح به الموجّه الروحي (غورو) بطلة رواية إليزابيث غيلبرت الشهيرة “كلي، صلّي، أحبّي” Eat, Pray and Love.

من المعروف أنه عندما نبحث بشكل مفرط عن شيء ما، نخاطر بفقدانه، فماذا لو كانت نصيحة “غورو” الخاصة بالتفتيش عن السعادة من دون جدوى لا بل … باطلة؟

كثيرة هي الأبحاث التي تناولت السعادة وطرق اكتسابها وديمومتها، وقد وضع دعاة “التفكير الإيجابي”، خارطة طريق للساعين إليها، ترتكز إلى وضع تصوّر بمستقبل زاهر ومريح وواعد.

إلا أن سلسلة أبحاث أجرتها إيريس موس وفريقها من جامعة كاليفورنيا، بيّنت تَعارُضًا في التوقّعات السائدة، فعندما طلبت من المشاركين في أحد التمارين التفكير في عشرة أمور يمكن أن تجعل حياتهم أكثر سعادة ومستقبلهم أكثر ازدهارًا، لوحظ أنّ مزاجهم بدأ يسيء ويتراجع!

لماذا هذا التأثير السلبي على المزاج؟

تستخلص موس أنه، “عند التفكير في ما يمكن أن يجعل الفرد سعيدًا، قد يدرك مدى تعاسته، وقد يكون لذلك علاقة بقدرته على تخمين ما يمتلك وعلى رغبته بالمزيد”، بمعنى آخر، إنّ تأملات المشاركين قد ولّدت لديهم شعورًا بالنقص أثّرت سلبًا على مزاجهم، فمن تخيّل على سبيل المثال، أنه سيقوم بجولة حول العالم، وجد نفسه أمام حقيقة مؤلمة، بأنّ ليس لديه العمر الكافي لتحقيق مشروعه هذا.

يقال إنّ “الوقت ثمين، لا يُشترى ولا يُباع”، إلا أنّ ما نتج عن دراسة موس يدحض هذه المقولة، إذ بيّنت أنّ الرفاهية الشخصيّة (الاسم العلمي للسعادة) قد تكون بالتفكير بالوقت ككمية، أي أن دوامه هو الذي يغذّي رضا الشخص عن ذاته وقدرته على التخطيط لمستقبل واعد.

ما العمل إذًا؟

لقد ساعد علم النفس الإيجابي في تصويب الكثير من النصائح الواردة من “قادة” تطوير الذات (غورو) لزيادة السعادة، أهمها:

المشاعر الإيجابية

قد يكون السعي للمحافظة على مشاعر إيجابية هو الركن الأساسي للشعور بالسعادة إلا أنّ
المغالاة في التركيز عليها لضمان ديمومتها قد يأتي على حساب أشياء أخرى مهمة في الحياة، كأن نتساءل مثلًا ونحن نشاهد فيلمًا سينمائيًا، عن درجة استمتاعنا به بدلاً من التركيز على مسار الأحداث.

المقارنات الاجتماعية

إنّ الانغماس في لعبة المقارنات الاجتماعية لا مفرّ منه، إلا أن الطامة الكبرى تكمن في أن نقتنع بأننا غير سعداء ونحن نملك كل ما يجعلنا كذلك، وهذا التناقض يساعد في فهم معدّلات الانتحار العالية التي تسود في البلدان الغنيّة ولدى المشاهير وأصحاب الثروات.

لكن هل هذا يعني أنه يجب التخلّي عن أي سعي نحو التطوّر والازدهار والتقدّم؟

قطعًا لا، فهذه ليست رسالة علم النفس الإيجابي، الذي يدرّس السعادة منذ ما يقارب الثلاثين عامًا، فخلال العديد من الأبحاث التي أُجريت في هذا المجال، تبيّن أنّ السعادة ترتبط بالاهتمام بالآخرين، فالأعمال اللطيفة الموجهّة إلى الغير، مثل العطاء والعمل التطوّعي، والعلاقة الجيّدة مع الآخرين، ترتبط بشكل أساسي بالسعادة التي لا تزدهر وتنمو إلا عندما ينحرف انتباهنا عن أنفسنا لصالح الغير.

وعليه فإن الأشخاص الذين يرون أنفسهم مفيدين، يشعرون بفائض من السعادة، حتى لو جاء ذلك على حساب راحتهم، فالشعور بالفاعلية يعطي معنى للوجود، وقد يكون من الأجدى لو أن إليزابيث غيلبيرت استبدلت عنوان كتابها Eat, Pray and Love ب أحب، أغدق واستمتع، حتى لو جاء أقلّ وقعًا وجاذبية على الأذن.

المقال السابق
أعنف هجوم على "الذات المخدوعة": الكذب عندنا في إسرائيل هو مهنة وسلعة عليها طلب شديد
كريستين نمر

كريستين نمر

محرّرة وكاتبة

مقالات ذات صلة

"هاري الأمير المفقود".. فيلم يفضح ما عاشه دوق ودوقة ساسكس

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية