"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

الطريق الى 7 تشرين ( الجزء الثاني)..أعداء أوسلو ينظمون صفوفهم ويوجهون الضربات الأولى

ابراهيم ناصر
الجمعة، 4 أكتوبر 2024

الطريق الى 7  تشرين ( الجزء الثاني)..أعداء أوسلو ينظمون صفوفهم ويوجهون الضربات الأولى

مع مرور سنة على زلزال ٧ تشرين نضع بين ايدي قرّائنا هذه الدراسة الشاملة للباحث إبراهيم ناصر.دراسة تتناول الظروف التي أنتجت، وفق ما يورده من معطيات، هذا الانفجار الكبير.

الجزء الأول: الطريق الى ٧ تشرين.. من وعود أوسلو الى يأس الطوفان

اتفاق طابا

منذ لحظة التوقيع على اعلان المبادئ (أوسلو 1) انطلق الصراع في ما يشبه السباق مع الزمن بين قوتين متواجهتين. الأولى تريد الوصول بالمسار الذي أطلقه الإعلان الى نهاياته، أي إنهاء الصراع بواسطة التفاوض السلمي والعمل على تذليل كافة العقبات التي قد تقف في وجه تحقيق هذا الهدف. اما القوة الثانية فقد بدأت على الفور في تجميع قواها لإضعاف هذا المسار تمهيدا للإجهاز عليه ومنعه من بلوغ أهدافه. من الواضح ان الوقت لم يكن لمصلحة الطرف الأول.

في مواجهة دينامية أوسلو المتسارعة لم تقف القوى التي اعطيناها تسمية الالغائية عن الجانب الفلسطيني كما عن الجانب الإسرائيلي موقف المتفرج. على العكس من ذلك فقد شحذت كامل أسلحتها الأيديولوجية والسياسية والمادية للعمل على وضع حدّ لهذا المسار وإسقاطه. اليمين الديني الاستيطاني في إسرائيل اطلّ برأسه مطلقا حملات التخوين في وجه الثنائي رابين ـ بيريز متهمًا إياه ببيع ارض الميعاد فيما راح الزعيم الليكودي الصاعد بنيامين نتنياهو، صاحب العقيدة الصلبة المترسّخة ل”إسرائيل من البحر الى النهر” الى اتهام رابين بتقويض امن الإسرائيليين وتعريض وجود الدولة للخطر. وسيلة هؤلاء هي العمل على تيئييس الفلسطينيين من قدرة هذا المسار على اعطائهم حقوقهم السياسية وبناء دولتهم وتخويف الرأي العام الإسرائيلي وتجييشه ضد المسار السلمي عند كل اهتزاز للأمن الإسرائيلي. عن الجانب الفلسطيني تزعمت حركة حماس وعن يمينها الجهاد الإسلامي حركة الاعتراض على المسار السلمي وبدأت بتقوية أذرعها العسكرية استعدادا لتقويض هذا المسار. الوسيلة، افهام الشارع الإسرائيلي ان الحلّ على طريقة أوسلو لن يجلب له الامن الموعود ولن يضمن له طمأنينة الوجود على ارض فلسطين.

مقاتلون من حماس

تواطأ التطرفان الإسرائيلي والفلسطيني ضد اتفاق أوسلو. الأوّل رحب به بتفجير سيارة مفخخة بالمدنيين في بيت إيل والثاني بارتكاب مجزرة في الحرم الإبراهيمي بالمصلين

هكذا وعن الجانب الفلسطيني استقبلت حماس اتفاق أوسلو وبعد اقل من شهر على توقيعه (٤ تشرين اول ١٩٩٣) بتفجير سيارة مفخخة في بيت ايل أسفر عن سقوط ٢٩ جريحا إسرائيليا فيما، وعن الجانب الإسرائيلي وفي ٢٥ شباط ١٩٩٤ أقدم اليهودي المتطرّف المستوطن باروخ غولدشتاين على ارتكاب مجزرة ضد المصلين الفلسطينيين في الحرم الابراهيمي في مدينة الخليل بالضفة راح ضحيتها ٢٩ قتيلا فلسطينيا وعدد من الجرحى. ثم تكفّلت حركة حماس بالرد على المجزرة بعمليتي تفجير خلال شهر نيسان داخل إسرائيل أدت الى مقتل ١٥ شخصا كانت من تدبير يحيى عيّاش القائد العسكري في حماس، الملقّب بالمهندس.

لقد دلّت تلك الاحداث الأمنية على هشاشة الأرضية التي سيتحرك عليها المسار السلمي وعن نوعية التحديات التي سوف يواجهها كلما تقدّم خطوة الى الامام. غير ان تلك الاحداث لم يكن لها في ذلك الوقت تأثير يعتد به يحول دون المضي قدما في المرحلة الانتقالية، ذلك ان زخم الدينامية التي أطلقها توقيع اعلان المبادئ كان لا يزال في أوجه وسط تأييد ودعم واضحين من اغلبية الإسرائيليين والفلسطينيين وسقوف توقعات عالية لدى الجمهورين لناحية إمكانية نجاحه والوصول الى خواتيمه بحل سلمي ونهائي ينهي الصراع بين الشعبين. هكذا لم تمنع تلك الاحداث الأمنية من انطلاق عجلة المرحلة الانتقالية كما كان مبرمجا لها.

واكبت حركة حماس وتنظيم الجهاد الإسلامي توقيع اتفاقية أريحا بثلاث عمليات انتحارية استوحياها من عمليات مماثلة كان يقوم بها حزب الله في الجنوب اللبناني ضد الاحتلال الإسرائيلي

ففي ٤ أيار ١٩٩٤ تُوجّت مفاوضات تطبيق المرحلة الأولى من الفترة الانتقالية بتوقيع اتفاق غزة اريحا الذي أعطى السلطة الفلسطينية الناشئة موطئ قدم لها على ارض فلسطين وفتح لها الباب لإطلاق عجلة انشاء مؤسساتها. ومع توقيع هذا الاتفاق بدأ كذلك العد العكسي للوصول الى الهدف المنشود المتمثل بمفاوضات الحل النهائي. وفي الأول من تموز من السنة نفسها عاد ياسر عرفات من منافيه الطويلة الى فلسطين مع عدد من كوادر منظمة التحرير ليستقر في غرة حيث لقي استقبالا جماهيريا حاشدا ومن هناك قام عرفات بأول زيارة له لاريحا للتأكيد على الوحدة الجغرافية بين الضفة وغزة بحسب ما جاء في اعلان المبادئ. بتدبير من يحيى عياش نفذّت حركة حماس في الفصل الأخير من هذه السنة عمليتين انتحاريتين في مدينتي القدس وتل ابيب فيما تبنت حركة الجهاد الإسلامي عملية انتحارية في نتساريم. اسفرت العمليات الثلاث عن قوع عدد كبير من الإسرائيليين بين قتيل وجريح. في ذلك الوقت كان استخدام العمليات الانتحارية يعتبر أسلوبا جديدا في المواجهة مع الإسرائيليين استوحته المنظمتين الاسلاميتين من تجربة حزب الله في لبنان ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان.

كان لهذا النوع من العمليات وقعا قاسيا على الرأي العام الإسرائيلي لما كان يخلفه من رعب ومن شعور بانعدام الأمان استغلّه اليمين الإسرائيلي أفضل الاستغلال للتصويب على العملية السلمية واللعب على مشاعر الإسرائيليين واثارة شكوكهم بجدواها. لم يمنع ذلك من استمرار التقدم في المرحلة الانتقالية ومتابعة التفاوض على المضي قدما فيها بين السلطة الفلسطينية الناشئة والحكومة الإسرائيلية والتوصل في أواخر أيلول ١٩٩٥ للتوقيع في واشنطن بين الجانبين على الاتفاق التطبيقي لإعلان أوسلو والذي عرف باتفاق طابا او أوسلو ٢.

في حينه أُعتبر هذا الاتفاق نقلة نوعية في مسار العملية السلمية. وصنّف أراضي الضفة الغربية تحت ثلاث فئات: (أ) وهي الأراضي التي تحوي المدن الفلسطينية الرئيسية في الضفة (٢٠ بالمئة من سكان الضفة) والتي تشكّل ٣ بالمئة من مساحتها وحيث ستنتقل الصلاحيات ومن ضمنها الأمنية الى السلطة الفلسطينية. الفئة (ب) وهي المناطق التي تحوي العدد الأكبر من القرى الفلسطينية وتشكّل حوالي ٢٧ بالمئة من مساحة الضفة ويعيش ضمنها ٧٠ بالمئة من سكانها وفي هذه المناطق تحتفظ إسرائيل بالصلاحيات الأمنية خلال المرحلة الانتقالية. ما تبقى من أراضي الضفة أي ٧٠ بالمئة من مساحتها والتي تضم المستوطنات ونسبة قليلة من السكان الفلسطينيين صنفت تحت الفئة (ث) التي تبقى تحت السيطرة الكاملة لإسرائيل خلال المرحلة الانتقالية. كذلك حددّت الاتفاقية آليات تشكيل الهيكل السياسي للسلطة حيث نصت على انشاء المجلس الوطني الفلسطيني وعلى موقع رئيس السلطة بواسطة الاقتراع العام ووضعت جدولا زمنيا تحقيقا لهذه الغاية. الأهم من كل ذلك فقد حدّدت الاتفاقية تاريخ ٥ أيار ١٩٩٦ كموعد للولوج في مفاوضات الحل النهائي ما احوى للفلسطينيين بأنهم أصبحوا على مسافة أشهر من بداية تحقيق حلمهم بالتحرّر والحصول على دولتهم المستقلة. ومما زاد الفلسطينيين ثقة أكبر بتقدّم المسار السلمي كان الترجمة العملية السريعة لمندرجات اتفاق طابا.

رابين ميتا

مساء الرابع من تشرين الثاني ١٩٩٥ بعد ما يقرب من الشهر على توقيعه على اتفاق طابا وبعد انتهائه من خطاب امام عشرات الألوف الذين جاؤوا الى ساحة الملوك في وسط تل ابيب للاحتفال بتقدم مسار أوسلو وللإعلان عن تأييدهم للعملية السلمية أثمر الجو التحريضي الذي نشره نتنياهو في أوساط اليمين، سقط اسحق رابين قتيلا بعدما أصابه الصهيوني المتطرف ايغال عمير بثلاث طلقات مميتة

وفي أواخر العام ١٩٩٥ وبعد أشهر قليلة من توقيعه انتقلت الصلاحيات المنصوص عنها في الاتفاق الى السلطة الفلسطينية في المناطق أ و ب. وفي ٢٠ كانون الثاني ١٩٩٦ اظهر الرأي العام الفلسطيني تأييدا عارما للعملية السلمية عندما شارك وبنسبة عالية في الانتخابات الفلسطينية معطيا اغلبية واضحة لحركة فتح في المجلس الوطني ومانحا ياسر عرفات ما يفوق ثمانين في المئة من الأصوات في الانتخابات الرئاسية. وفي بادرة إيجابية تجاه إسرائيل كان لها أثرها على الرأي العام وتنفيذا لاتفاق طابا اجتمع المجلس الوطني الفلسطيني في مدينة غزة في الرابع والعشرين من ١٩٩٦ وصوّت بأغلبية كبيرة على حذف المواد الداعية لتدمير إسرائيل من ميثاق منظمة التحرير.

على المقلب الآخر فقد واصل اليمين الإسرائيلي حملته على مسار أوسلو مركزا على شخص رئيس الوزراء اسحق رابين حيث كثّف نتنياهو خطاباته التحريضية ضد هذا الأخير على رأس مظاهرات كانت ترفع خلالها صورا لرابين على شكل جنرال نازي او أخرى تضع راسه ضمن هدف للقنص. مساء الرابع من تشرين الثاني ١٩٩٥ بعد ما يقرب من الشهر على توقيعه على اتفاق طابا وأكثر بقليل من عامين على توقيعه عل على اعلان أوسلو وبعد انتهائه من خطاب امام عشرات الألوف الذين جاؤوا الى ساحة الملوك في وسط تل ابيب للاحتفال بتقدم مسار أوسلو وللإعلان عن تأييدهم للعملية السلمية أثمر الجو التحريضي الذي نشره نتنياهو في أوساط اليمين وسقط اسحق رابين قتيلا بعد ان أصابه الصهيوني المتطرف ايغال عمير بثلاث طلقات مميتة.

(يتبع في جزء ثالث: الحل الدائم والفرصة الضائعة)

المقال السابق
حماس تنعي 9 من قادتها ومقاتليها في الضفة الغربية وشمال لبنان

ابراهيم ناصر

باحث سياسي واجتماعي

مقالات ذات صلة

وعود حزب الله بإعادة الاعمار.. وهم جديد!

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية