"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

التنعّم في ...الجحيم!

رئيس التحرير: فارس خشّان
الاثنين، 10 يوليو 2023

حتى يسهّل الأطبّاء على المرضى اتّباع حمية غذائيّة خاصة، يطلبون من ذويهم أن يُبعدوا عنهم ما عليهم أن يمتنعوا عنه، فلا يستعرضونه، بأيّ شكل من الأشكال، أمامهم!

وأثبتت التجارب أنّ الأطبّاء مصيبون في نصيحتهم، فالإرادة مهما كانت صلبة تنهار، في غالب الأحيان، أمام المغريات!

وحال الغالبيّة الساحقة من اللبنانيّين، مع انطلاق موسم الإصطياف، لا تختلف كثيرًا عن حال هؤلاء المرضى، إذ إنّهم وفق ما تُظهره الأرقام الموضوعيّة، يعانون من فقر مدقع، وهم يحاربون على “مائة جبهة”، من أجل توفير الحدّ الأدنى الذي يحتاجونه للبقاء على قيد الحياة.

بطبيعة الحال، يشعر هؤلاء اللبنانيّون، بالإحباط، وهم يشاهدون، من موقع العجز، هذا الإسراف في استعراض “الطيّبات” الممنوعة عليهم، بدءًا من أفخم المطاعم وصولًا الى أرقى المهرجانات!

وبدل من أن ترتد فترات الإنتعاش السياحيّة إرتياحًا وحبورًا على غالبيّة اللبنانيّين فهي تكوّن أمراضًا جماعيّة، بحيث تعيد تشكيل غضب جماعي، لا يعرف أحد مسبقًا متى ينفجر في وجه الجميع، خصوصًا وأنّ التضخّم الذي يتحمّله الأثرياء المستقطَبون بالإعلانات، لا يواكبه نمو ضروري في المداخيل!

ولعلّ أسوأ ما في ظاهرة “التنعّم في الجحيم”، أنّ غالبيّة الشعب اللبناني ترى أنّ حكامهم وكبار سياسيّيهم يتبجّحون في محاولات استغلال الميزة الخدماتية اللبنانيّة، من دون أن يبذلوا عناء، ولو بسيطًا، من أجل تطوير حياة اللبنانيّين، فالإنسداد يعمّم نفسه على كل المستويات، بدءًا بالتخويف من حرب حدوديّة، مرورًا باهتزاز خطر في الأمن الإجتماعي مع النمو الظاهر في الجرائم النوعيّة، وصولًا الى صراع دنيء على رئاسة الجمهوريّة.

كان يفترض باللبنانيّين أن يبتهجوا بعودة سحر الجاذبية اللبنانيّة، ولكنّهم عندما يلمسون أنّ هذه الجاذبية ترتكز إلى انهيارهم وحرمانهم وفقرهم، فمن الطبيعي أن يشمئز هذا وأن يغضب ذاك!

إقرأ أيضًا: الإزدهار المزيّف في لبنان: كيف يكون الاحتفال في ظلمة الانهيار؟

المقال السابق
الكرملين يؤكد.. بوتين التقى بريغوجين بعد التمرد الفاشل
رئيس التحرير: فارس خشّان

رئيس التحرير: فارس خشّان

مقالات ذات صلة

خطِر أن يكون نصرالله قائدك!

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية