"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

"الثنائي الشيعي" يفرض أجندته "الدينية" على الجامعات في لبنان: "تطويع" العلم للإيديولوجية وترهيب الطلاب والأساتذة!

مريم سيف الدين
الثلاثاء، 17 سبتمبر 2024

"الثنائي الشيعي" يفرض أجندته "الدينية" على الجامعات في لبنان: "تطويع" العلم للإيديولوجية وترهيب الطلاب والأساتذة!

فوجئ أساتذة وطلاب في الجامعة اللبنانية بتدخل رئيس الجامعة، بسام بدران، أمس الاثنين، “بشكل استثنائي” لإلغاء مناقشة رسالة ماستر في علم النفس في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية كانت قد أنجزتها إحدى الطالبات في فرع الدكوانة، وفق أصول الأكاديمية الواجبة، عنوانها “تعزيز المرونة النفسية لدى المثليين لتجنيبهم مخاطر رهاب المثلية”.

تذرع بدران في بيان صدر عن الرئاسة بأن موضوع الأطروحة “يتعارض مع القيم الاجتماعية في المجتمع اللبناني بكافة مكوناته”. ودعا مجلس الوحدة في كلية الآداب والعلوم الإنسانية لاجتماع اليوم في مقر رئاسة الجامعة.

تصرف بدران الذي نسف هذا الجهد الأكاديمي الذي تمّ وفق الأصول، بدءاً من طرح مشروع الرسالة والموافقة عليه وصولاً إلى صدور قرار مناقشتها، (تصرفه) لا يهدف في الحقيقة إلى حماية قيم المجتمع كما يدعي، وإنما لتقويض العمل الأكاديمي وإبقائه في خدمة الجماعات المسيطرة على الجامعة اللبنانية.

ويهدد هذا القرار “الاستثنائي” العمل الجامعي برمّته كون أبرز النظريات العلمية تتعارض مع ما وصفه بالقيم، وبالتالي يمكن تكرار منع المناقشة متى رغب بذلك، بالإستناد إلى “هذه الفتوى”.

ويبرز القرار، مرة جديدة، كيف تؤثر سيطرة الأحزاب، وتحديداً “الثنائي الشيعي”( حركة أمل وحزب الله)، على وظيفة الجامعة اللبنانية وتحولها من صرح تربوي الى مقر للأدلجة والسيطرة على الشباب.

“حيث أن موضوع الاطروحة يتعارض مع القيم الاجتماعية السائدة في المجتمع اللبناني بكافة مكوناته، قرر رئيس الجامعة اللبنانية الدكتور بسام بدران وبشكل استثنائي، وبما تتيحه أنظمة الجامعة، وقف العمل بقرار المناقشة”

اضطهاد “مجد”

ولا يخرج تصرف الرئيس الحالي للجامعة اللبنانية من سياق طويل من الممارسات المشابهة، فلطالما عملت الأحزاب على فرض سلطتها وعقائدها على الطلاب وفي البرامج التعليمية. وتشكل كلية العلوم الفرع الأول أحد أوقح تجليات هذه السيطرة.

من تجارب الطلاب قصة “مجد” (اسم مستعار): من منزل والديه المنتميين إلى “حزب الله”، انتقل إلى كلية العلوم في الجامعة اللبنانية الفرع الأول. هناك ظنّ أن بإمكانه أن يعيش حياة طالبية طبيعية وأن يؤسس مساحة للتلاقي مع غيره من الشبان والشابات للنقاش في أمور الثقافة والموسيقى. لكنّ أمل “مجد”، الذي يخشى من تداعيات ذكر اسمه الحقيقي، وطموحه سرعان ما خابا وفشلت محاولته بفعل القبضة الحزبية والعقائدية المفروضة على الكلية الواقعة بين منطقة الحدث والليلكي في الضاحية الجنوبية لبيروت. فبعد سنوات من سيطرة “حزب الله” باتت لكلية العلوم، التي يسميها الحزب “كلية الشهداء”، عقيدة تسمو فوق الهدف العلمي من إنشائها. بل تحولت الكلية التي يدخلها الآلاف سنوياً إلى مركز للاستقطاب والتعبئة الحزبية ونشر عقيدة “الولاء لعلي الخامنئي”، وهو القسم الذي يعلو في أروقتها في مناسبات دينية وحزبية عدة.

منذ العام 2008 توقفت انتخابات المجالس الطالبية في الجامعة اللبنانية التي تضم أكثر من 80 ألف طالب وطالبة، وباتت الأحزاب تعيّن مباشرة أعضاء المجالس من طلاب ينتمون إليها، وتمنحهم صلاحيات وامتيازات وسلطة على بقية الطلاب وأحياناً الأساتذة. وتختلف الجهة الحزبية المسيطرة على كليات الجامعة اللبنانية باختلاف موقعها الجغرافي والطبيعة الطائفية في المنطقة الواقعة فيها.

بعد سنوات من سيطرة “حزب الله” باتت لكلية العلوم، التي يسميها الحزب “كلية الشهداء”، عقيدة تسمو فوق الهدف العلمي من إنشائها

يروي “مجد” عن رحلته التي بدأت في كلية العلوم عام 2018 قبل أن يغادرها هرباً من المضايقات وبحثاً عن اختصاص آخر. “عند دخولي الكلية وجدت فيها الكثير من النشاطات الثقافية، لكنها كانت محصورة بجماعة وبأيديولوجيا واحدة وهو ما لم يعجبني. حاولوا استقطابي، فعادة ما تحاول التعبئة التربوية في حزب الله استقطاب الطلاب. لقد كانوا مؤثرين إلى درجة أنهم تمكنوا من إقناع الكثير من الطالبات بارتداء الحجاب”، يقول الشاب. ويتابع: “كنت أبحث عن أصدقاء وقررت أن أؤسس نادياً ثقافياً، حاولت استقطاب طلاب وبدأت بالتواصل معهم، من بينهم شبان من “حزب الله”. لقد تحدثت معهم بنية صافية كي ينضموا إلى النادي لكنهم أعطوني أسماء وهمية بدل أسمائهم الحقيقية ودخلوا المجموعة التي أنشأتها على تطبيق “واتساب” بعقلية استخباراتية كي يراقبونا. كبرت مجموعتنا وحرصت التعبئة على مشاركة شخص منها خلال اجتماعاتنا. وفي أحد الأيام تم استدعائي إلى التحقيق في مجلس الطلاب. اتهموني بمحاولة تأسيس نادٍ يدعو إلى الإلحاد، برغم وجود محجبات ومؤمنات ومؤمنين. خلال التحقيق سئلت: “من أنت؟ من أين أتيت؟ ما هي دوافعك؟ تعاملوا معي وكأنني عميل مندس وفق أدبياتهم وأبلغوني بأنه يمنع عليّ تأسيس نادٍ وأنني بحاجة لإذن من مجلس الطلاب للقيام بأي نشاط”.

بعد الحادثة ابتعد مجد ورفاقه في النادي عن مبنى كلية العلوم وصاروا يلتقون بالقرب من كلية الفنون، لكنّ ذلك لم يحل المشكلة، “خلال جلوسنا هناك كان شبان من حزب الله يمرون بقربنا على دراجاتهم النارية لإبلاغنا بأنهم حاضرون ويعلمون بكل ما يحصل. من ثم بدأوا بإرسال أشخاص لإفشال كل اجتماع وافتعلوا مشكلات كثيرة”.

بعد مدة، فوجئ “مجد” بأنه بات معروفاً في أوساط شباب الحزب في الجامعة، “في محاولة لترهيبي كانوا ينادونني باسم عائلتي كلما مررت بقرب أحدهم بقصد إظهار معرفتهم بي”، كما يقول.

ولم تقتصر مراقبة “مجد” على مطاردته في الجامعة، بل تمّ تعقّب منشوراته على “فيسبوك” ومراجعة ما نشره منذ سنوات. ووجد عناصر الحزب ضالتهم في منشورات تحدث فيها عن أمين عام “حزب الله” حسن نصرالله من دون استخدام لقب “سيد”، “لقد افتعلوا منها قصة كبيرة”، يكشف “مجد”.

يروي الشاب أنه، وفي الفترة التي سبقت تخليه عن الكلية، وصل الترهيب إلى حد إرسال شبان يهددونه بوالده المنتمي لـ”حزب الله” كي يخاف. كما بلغ بهم الأمر حد التشهير به ونشر دعاية في الكلية تفيد بأنه مثلي الجنس لما قد يسببه له ذلك من ضرر وتهميش، في تلك البيئة. “اتصلوا بأهالي أعضاء في النادي وحذروهم من أن أبناءهم يرافقون مجموعة ملحدين وحشاشين، وفي النهاية انتهى النادي”.

بعد المضايقات، ترك مجد كلية العلوم وانتقل إلى كلية الفلسفة في بيروت بعيداً من مجمع الحدث. هناك لم يتعرض للمضايقات ذاتها، برغم خضوعها لسلطة الثنائي الشيعي، “حزب الله” و”أمل”، وذلك بسبب تخليه عن نشاطه، وبفعل جائحة “كورونا” وظروف التعليم عن بعد.

مجد: إتصلوا بأهالي أعضاء في النادي وحذروهم من أن أبناءهم يرافقون مجموعة ملحدين وحشاشين، واتهموني بالعمالة وشيّعوا أنني مثلي الجنس

الجامعة اللبنانية (1)

____ تعميم الخطاب الديني وترهيب أساتذة


لا يقتصر الترهيب على الطلاب، بل يطال الأساتذة أيضاً. في العام 2017 انتقدت الأستاذة في كلية العلوم، عليا جريج، تعليق لافتات لمسابقة دينية في قلب الكلية واستضافة شيخ معمم لإجراء لقاء ديني في قلب إحدى القاعات، في حين منعت هي من تنظيم ندوة ثقافية للطلاب. وبعد انتقادها هذه الممارسات تعرضت الأستاذة لحملات ترهيب وتهديد شرسة وتطاول من طلاب “حزب الله”.

تقول جريج إنه يمنع على الطلاب في الجامعة سماع خطاب مختلف عن الخطاب الأيديولوجي للأحزاب المسيطرة، “خصوصاً الخطاب الوطني الذي يظهر امتلاك هذه الأحزاب أيديولوجيا وتوجهات سياسية تتنافى مع تماسك المجتمع وتتعارض مع بناء الدولة وسيادتها ومؤسساتها”.

أما عن الترهيب الذي تعرضت له، فتروي أنه أتى بشكل تهديدات وتجنّ وتطاول لا صحة لمضمونه شنه مجلس طلاب الفرع، “الذي لا يمكن أن يدلي بتصريحات مستقلة عن رغبة المكاتب التربوية الحزبية التابع لها والتي جاءت به”، وفق الأستاذة. كذلك تعرضت جريج لهجوم إلكتروني ممنهج وموجه من طلاب يتبعون لـ”حزب الله”.

وما بدا لافتاً لجريج كان عدم امتعاض إدارة كلية العلوم والقسم الذي تتبع له من نطق مجلس الطلاب باسميهما. بل وأكثر من ذلك، فقد أورد المجلس في تهديده للأستاذة بعض المعلومات الإدارية التي لا يعرفها سوى القسم والإدارة. وهو ما جعلها تشك بأن الإدارة وأساتذة الأحزاب قد سربوا هذه المعلومات وأومأوا للطلاب بتضمينها في تهديداتهم وادعاءاتهم. وهذا يؤكد، وفق الأستاذة، مدى التدخل الحزبي في الهيمنة على عقول الطلاب وإرادتهم إلى حد “توجيه سلوكهم الاجتماعي غير التربوي وغير اللائق مع أساتذتهم الذين يخالفون رأي أحزابهم. أحزاب تدفع إلى اللاتربية لمجرد فضح رجعيتها الفكرية والسياسية أمام الطلاب”.

وتفيد جريج بأنه تمّ تركيب كاميرات داخل الصفوف، من دون استشارة الأساتذة، بحجة وقوع سرقة داخل الكلية المحروسة من الأحزاب عينها. وترى أن الهدف الحقيقي من ذلك ترهيب الطلاب وتلقينهم العيش في نظام مخابراتي.

تبين سلوكية الإضطهاد التي اختبرتها استاذة في الجامعة اللبنانية أن الأحزاب المهمينة تدفع إلى اللاتربية لمجرد فضح رجعيتها الفكرية والسياسية أمام الطلاب

عقيدة “حزب الله” عند مدخل الجامعة اللبنانية الأميركية

هذا الواقع في إحدى أبرز وأكبر كليات الجامعة اللبنانية حاول “حزب الله” نقله إلى الجامعات الخاصة غير التابعة له، خصوصاً مع تراجع أنشطة الأحزاب التقليدية فيها بعد انتفاضة 17 تشرين والانهيار الاقتصادي وتململ المواطنين من جميع الأحزاب الموجودة في السلطة منذ سنوات، لا سيما “حزب الله”.

ففي السادس عشر من شباط 2022 وأمام مدخل الجامعة اللبنانية الأميركية في بيروت أصرّ “حزب الله” على إحياء “ذكرى الشهداء القادة”. نشر مجسماته وصور قادته الذين قضوا اغتيالاً وبدأ احتفاله، ما استنفر شباناً من تيار المستقبل رأوا في الاحتفال ونشر صور المعاون العسكري السابق لأمين عام “حزب الله”، عماد مغنية، والمتهم باغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري بالقرب من قصره استفزازاً لهم. وهكذا تحول مدخل الجامعة لساحة اشتباك بين الطرفين.

الثنائي الأكثر ترهيباً… السلاح بين الطلاب

وإن كانت الجامعة الرسمية مقسمة بحسب الطوائف والمناطق، غير أن الطلاب المسجلين في الكليات التي يحكمها الثنائي الشيعي يبقون الأقل حظاً والأكثر عرضة للترهيب ولمحاولات الاستقطاب وفرض الأفكار والولاءات الحزبية. وهو ما لاحظه الطالب في كلية الحقوق والعضو المؤسس في النادي العلماني في الجامعة اللبنانية، علي نجدي، بعد انتقاله من فرع الحدث إلى فرع جل الديب حيث يهيمن حزب القوات اللبنانية.

في مقارنة بين الفرعين، رأى أن مجلس الطلاب في جل الديب غير محكوم بالأيديولوجيا، بعكس الحاصل في مجمع الحدث حيث يدخل أفراد إلى المجلس بهدف خدمة مشروع عقائدي لا بحثاً عن مصلحة فحسب. كما لاحظ “الفرق في القدرة على الحقن الطائفي بين جل الديب حيث يدخل مئات الطلاب الجدد سنوياً وبين الحدث حيث يرتفع العدد إلى الآلاف. “فهناك يتعاطى الثنائي وبخاصة حركة أمل بطريقة ميليشياوية وإجرامية، يوضع السلاح وأدوات مؤذية بيد طلاب شكليين لحماية مصلحة الأحزاب. مثلاً، في كلية العلوم السياسية في الحدث هناك طالب متفرغ في حركة أمل، في العقد الثالث من العمر، لم يتخط السنة الأولى منذ سنوات، يدخل الكلية مظهراً مسدسه على خصره، وظيفته ترهيب الطلاب لمنعهم من التمرد خصوصاً بعد الانتفاضة. تم إفشال تحركات كثيرة في الجامعة بسبب القمع الذي مورس”، قال نجدي. وأكد أن القمع يحصل بالتنسيق والاتفاق بين أمل وحزب الله، “الأشخاص أنفسهم يتدخلون دوماً لتطويق أي إشكال أو تحرك”.

في كلية العلوم السياسية في الحدث هناك طالب متفرغ في حركة أمل، في العقد الثالث من العمر، لم يتخط السنة الأولى منذ سنوات، يدخل الكلية مظهراً مسدسه على خصره، وظيفته ترهيب الطلاب لمنعهم من التمرد

إضافة إلى دور عناصر الحزب، تتدخل إدارة الجامعة من خلال موظفين رسميين لقمع الطلاب. روى نجدي أنه خلال انتفاضة عام 2019، قام موظفون بالتواصل مع طلاب نشروا صوراً وكتابات تظهر مشاركتهم في الثورة ودعمهم التحركات، وطُلبت منهم إزالتها تحت طائلة الطرد من الجامعة.

وإن اختلفت السطوة، أكد الطالب اتباع الكليات النظام ذاته، حيث يسيطر أي حزب شمولي ما يجعل الطلاب الذين لا ينطوون تحت ألويته عرضة للتهميش والمراقبة، “كما أن لدى الإدارة طلاباً ينشرون دعايتها ويروجون أن من يخالف الأحزاب المسيطرة لن ينجح، بمقابل ذلك يحصل الطلاب المتحزبون على امتيازات وتسهيلات تصل حد القدرة على تغيير علاماتهم”. وقد يملك هؤلاء سلطة تفوق سلطة الأساتذة في كثير من الأحيان. بينما لا يملك الطالب العادي أي وسيلة للتواصل مع الإدارة بأي شأن حتى في موضوع بسيط كشراء كتاب. “رغماً عن الطالب إن أراد أي شيء مرتبط بالعملية التعليمية عليه أن يتواصل مع أحد المندوبين الذين تعينهم الأحزاب” وفق نجدي.

تقاطع كلام نجدي وكلام “مجد”. إذ أكد الشاب استغلال الأحزاب في كلية العلوم لدورات التقوية بالمواد لاستقطاب طلاب. السوريالي أن الأحزاب نفسها التي تمنن الطلاب بدورات التقوية تقفل المحاضرات عند الاحتفال بأي مناسبة تخصها وتحرم الطلاب من ساعات دراسة لا تعوّض. فمثلاً، في كلية العلوم، قد تلغى محاضرة علمية ليجبر الطلاب على سماع محاضرة شيخ يخبرهم عن نظرية التطور، والتي يخشى أن يتناولها أساتذة بشكل علمي حرصا على العقيدة الدينية التي ترفض الاعتراف بها وتخشى من أن يستخدم الطلاب عقولهم بشكل حر. ووفق “مجد” تستخدم المطبوعات أيضاً، والتي تضم ما يحتاجه الطلاب من كتب ومحاضرات ونماذج امتحانات في شبكة الزبائنية التي تنشئها الأحزاب داخل الجامعات لربط مصالح الطلاب بها.

شبكات الزبائنية هذه، جعلت الكثير من الطلاب يخضعون لحكم الأحزاب. وعبرها تكرس الأحزاب العقلية الزبائنية ورابط المصلحة بينها وبين الطلاب قبل أن يدخلوا مجالات العمل كي تحافظ على هيمنتها على المجتمع. حاول النادي العلماني مواجهة ذلك من خلال تشكيل مجموعات طالبية تشبه النقابات، تعمل على مواكبة أعمال الطلاب وتفرض على الإدارة التواصل والتفاوض مع الطلاب.

في كلية العلوم، قد تلغى محاضرة علمية ليجبر الطلاب على سماع محاضرة شيخ يخبرهم عن نظرية التطور، والتي يخشى أن يتناولها أساتذة بشكل علمي حرصا على العقيدة الدينية التي ترفض الاعتراف بها

انعدام مساحات الحوار

اعتادت الأحزاب أن تقيم أنشطتها في الكليات، لكن هذه الأنشطة تراجعت داخل الجامعة اللبنانية بعيد الانهيار الاقتصادي نتيجة قلة المواد اللازمة لفتح القاعات والاعتماد على التعليم من بعد. لكن الأحزاب تأقلمت مع هذا الواقع في حينه وحولت أنشطتها “أونلاين”، كما دعت الطلاب إلى جلسات خارج الجامعة. وكانت مجموعة “واتساب” يديرها حزبيون صلة الوصل الوحيدة بين الطالب وجامعتهم.

وفي الجامعة لا مساحة للنقاش ويمنع الاختلاف. وأكد نجدي تعرضهم كأعضاء في ناد علماني لمضايقات، إذ يُرفض الاختلاف ولا مكان للحوار أو النقاش العلمي أو المنطقي. وتابع، “هذا ما حصل مع طالبة في إحدى الكليات في صيدا، أرسلت عبر واتساب دعوة لندوة اقتصادية مع الصحافي الاقتصادي محمد زبيب، فطردت من مجموعة الصف وتم تعظيم الموضوع وإبلاغ الإدارة بالأمر. لقد كانوا إلغائيين ولم يتمكنوا من استيعاب الأمر. هناك غياب للمساحات الآمنة للتعبير عن مختلف الآراء أكانت سياسية أو دينية أو جنسية… حتى خارج حرم الجامعة في بعض الأحيان”.

بدورها تحدثت جريج عن انعدام مساحات الحوار في الجامعة: “هي ممنوعة وما غياب النادي الرياضي والمطعم الجامعي والانتخابات الطالبية إلا وجه من أوجه الانعزال الحزبي والاحتكار للساحات في كل فرع، منعاً للتفاعل الفكري والإنساني”.

المقال السابق
قيادات في "حزب الله" و"فيلق القدس" بين جرحى "الخرق المتفجر"

مريم سيف الدين

صحافية لبنانية

مقالات ذات صلة

"معاريف" الإسرائيلية: لنتنياهو مصلحة في وقف الحرب على الجبهة اللبنانية قبل 20 كانون الثاني

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية