"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

التغلّب على العادات السيئة ممكن... وهذه هي "وصفة التحرّر!

كريستين نمر
الثلاثاء، 16 يوليو 2024

التغلّب على العادات السيئة ممكن... وهذه هي "وصفة التحرّر!

النيّة دائمًا موجودة.. فمع بداية كل صيف، نسعى إلى خسارة الكيلوغرامات التي تراكمت على جسدنا خلال فصل الشتاء، ونتخّذ القرار باتباع نظام غذائي صارم وممارسة الرياضة للتخلّص منها بأسرع وقت ممكن، إلا أنّه على الرغم من قوّة دافعنا الأولي، ما تلبث “نوايانا الحسنة” أنّ تتلاشى بمجرد أن يستعيد الروتين السيطرة على حياتنا.

كيف تتشكّل العادات؟

للأدوار مكانة أساسية في تشكيل العادات:

أولًا: دور السياق

في العام ٢٠١٠، درست عالمة النفس الصحيّة فيليبا لالي وزملاؤها في كلية لندن الجامعية كيفية تحوّل السلوكيات المتكرّرة إلى عادات، فطلبوا من حوالي مائة شخص التفكير في عادة يرغبون في اكتسابها، على سبيل المثال، تناول الفاكهة عوضًا عن السكرّيات، وممارسة نشاط رياضي من اختيارهم لمدة ثلاثة أشهر، وكان فريق لالي على اتصال يومي بالمشاركين للتأكد من حسن سير البرنامج ولتقييم سلوكهم الجديد ومراقبة إلى أي حدّ بات تلقائيًا، فلاحظ الفريق، أنّ “مع الوقت، يصبح تكرار الأنشطة عملًا روتينيًا، فعادة ما يتطلّب القيام بشيء لأول مرة، وعيًا وإدراكًا، لكن مع تكراره تقلّ الحاجة إلى التركيز”، كما تقول لالي.

السلوك التلقائي يصبح أقل مرونة

وهذا ما أكدته التجارب التي أجريت على الحيوانات، إذ تبيّن أن الأداء العفوي يكون أكثر سلاسة، ففي اختبار أجري على عدد من الجرذان جرت مكافأتها على قيامها بسلوك جديد مكتسب، بتقديم الأطعمة لها، ليتبيّن أنها كانت تصاب بالكسل بمجرّد أن تشعر بالشبع، إلا أنها، وبعد إخضاعها لتدريبات مكثّفة، بات أداؤها أكثر عفوية، إذ لم تعد لتتوقف بمجرّد شعورها بالشبع إنما أصبحت تكرّر فعلتها بشكل شبه تلقائي.

ثانيًا: دور المكان

لاحظت عالمة النفس ويندي وود، من جامعة ديوك في دورهام في ولاية كارولاينا الشمالية، بعد استجوابها وفريقها طلابًا حول بعض عاداتهم كقراءة الصحف وممارسة الرياضة، أن حوالي نصف الأنشطة التي جرى توثيقها، كانت تحدث دائمًا في المكان عينه، وكان على المشاركين، على سبيل المثال، أن يوضحوا في أي ظرف ومكان كانوا يمارسون أنشطتهم الروتينية، وما إذا كانوا يستمرون في ممارستها بعد الانتقال إلى مكان آخر، وأن يشيروا إلى ما إذا كانوا قد احتفظوا بعاداتهم القديمة في مكان سكنهم الحديث، فتبيّن أنّ الانتقال إلى مكان جديد وتغيير البيئة يُحدث اضطرابًا، وتأثيره يكون واضحًا بشكل خاص على الممارسات الرياضية والقراءة، إذ أنّ بعض المشاركين الذين اعتادوا الذهاب إلى نادٍ رياضي في جامعتهم القديمة، ولسبب عدم توفّر هذه الإمكانية في الجامعة الجديدة، توقفوا عن الاهتمام بلياقتهم البدنية، كما أنّ آخرين تخلّوا عن عادة القراءة الجماعية لأنهم لم يجدوا أصدقاء يمارسون معهم هذه الهواية.

قد يظن البعض أن تبني سلوك ما، قد يكون بهدف معّين، هذا صحيح عندما يقوم الإنسان بعمل ما لأول مرة، تشرح ويندي وود، ولكن كلما تكرّر الفعل، زاد ارتباطه بمحفّزات معينة لها علاقة بالبيئة التي قد تنسيه نواياه الأولية، مثلًا قد يذهب المرء إلى المقهى ذاته ليس لأن الطعام فيه لذيذ ومميّز، بل لأنه اعتاد على العاملين فيه.

الفشّار (البوشار) الذي يبلغ عمره سبعة أيام

ولمعرفة مدى تأثير السياق على سلوكيات المرء الروتينية، استجوبت ويندي وود عددًا من محبي الأفلام السينمائية الذين اعتادوا على تناول الفشّار أثناء مشاهدتهم لها، فقدّمت لهم فشّارًا يعود إلى سبعة أيام خلت، ليتبيّن أن سلوكهم جاء مناقضًا لما صرّحوا به سابقًا، أي أنهم لا يأكلونه لأنهم يتلذّذون به ويعشقون طعمه.

قد يكون سبب رفضهم الاعتراف بأن تناولهم الفشاّر خلال مشاهدتهم للأفلام محض عادة، هو أن المرء يبحث دائمًا عن دوافع داخلية لتفسير سلوكه حتى لو ارتبط ذلك بعوامل خارجية كما هو الحال هنا، وهذا أيضًا بالتحديد ما يحصل مع الأشخاص الذين يمارسون الرياضة، فعلى الرغم من أن دافعهم الأولي يكون اللياقة البدنية وفقدان الوزن، إلا أن ما يلبث هذا النشاط أن ينسيهم النيّة الأوليّة ليتحوّل إلى عادة.

كيف يمكن الإقلاع عن العادات السيّئة؟

للتخلّص من العادات السيّئة تنصح فيليبا لالي بالآتي:

أولًا: تجنّب المحفّز الذي يثير هذه العادات

ثانيًا: توافر النيّة في التخلّص منها

ثالثًا: البحث عن البدائل

رابعًا: تغيير المكان (إذا أمكن)

خامسًا: الاستعانة بأشخاص للمساعدة، والاستغناء عن السلبيين الذين يعرقلون المساعي

سادسًا: وضع خطة “ب”، في حال الانزلاق ولتفادي الاستسلام

سابعًا: استعن “بتذكيرات” بصرية كإلصاق أوراق على البراد أو في غرفة النوم أو في الحمام تذكرك بأنك في صدد الإقلاع عن عادة سيّئة

ومع توافر العوامل السبع السابقة سنتمكّن من الإقلاع عن العادات السيّئة نهائيًا والتخلّص منها، فمهما حاول البعض إقناعنا بأن نظامنا الغذائي غير صحي، لن ينجح إذا لم نعِِِ المحفّز وحاولنا إزالته، فمثلًا إذا أردنا التوقف عن تناول المنقوشة في كل صباح ليس علينا سوى سلك طريق مغايرة لتلك التي يتواجد فيها الفرن حتى لو كانت أطول.

ولأن العادة هي “أكبر مرشد في الحياة”، كما يقول الفيلسوف الإنجليزي فرانسيس بيكون (1561-1626)، فعلينا إذن تبنّي الجيّد منها.

المقال السابق
إسرائيل تعلن تفكيك كتائب "حماس" في رفح ولكن الأنفاق مع مصر تحتاج الى أشهر
كريستين نمر

كريستين نمر

محرّرة وكاتبة

مقالات ذات صلة

فضائح جنسية تطيح بوزيرين في البرازيل وايطاليا!

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية