"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

"الصبر"...الذليل!

رئيس التحرير: فارس خشّان
الثلاثاء، 2 أبريل 2024

قبيل إقدام إسرائيل على اغتيال قائد “فيلق القدس” في كلّ من لبنان وسوريا محمد رضا زاهدي، أثناء ترؤسه اجتماع حرب في القنصلية الإيرانية في دمشق، جامعًا أركانه ومندوبين من منظمات موالية في لبنان وفلسطين، كان المحللون الإستراتيجيّون في تل أبيب يعربون عن اعتقادهم بأنّ طهران، بمنعها “حزب الله” من التدحرج الى حرب واسعة مع إسرائيل، تتيح للجيش الإسرائيلي حرية استهداف ما يراه مفيدًا له في كل لبنان وسوريا في آن.

وما يصح على منح إسرائيل حرية الحركة ضد “حزب الله” يصح أيضًا على حريتها ضد قيادات “فيلق القدس” في “الحرس الثوري الإيراني”، فاغتيال زاهدي ومعاونيه، أمس لا يختلف، في السياق العام، عن اغتيال العميد رضي موسوي في منزله في منزله في السيدة زينب، قرب دمشق، في الخامس والعشرين من كانون الأول الماضي.

وإذا كان البعض يحاولون أن يعطوا أهميّة للبعد السيادي لعملية اغتيال زاهدي، يوم أمس إذ إنّ استهدافه تمّ في القنصلية الإيرانية، وبالتالي ضمن السيادة الإيرانية، فإنّ هؤلاء يتجاهلون بأنّه من وجهة نظر إيران، هي محصنّة سياديًّا في سوريا، بموجب الإتفاقيات بينها من جهة وبين النظام السوري، من جهة أخرى، وهي، من وجهة نظر إسرائيل، مجرد مقر عسكري “مموّه”!

ومن يدقق بأولى ردود فعل الموالين ل”محور المقاومة” الذي تقوده الجمهورية الإسلامية في إيران، إثر اغتيال زاهدي وصحبه، يكتشف أنّ هناك نوعًا خطرًا من ضيق الصدر حيال “الصبر الإستراتيجي” الذي رفعت طهران لواءه، في وقت مبكر من اندلاع حرب “طوفان الأقصى”.

يشعر هؤلاء الموالون بأنّ الذل يلحق بالدولة التي تقود محورهم في ما يسمّى ب”ولاية القدس” في “الجمهورية الإسلامية”، فهي، على الرغم من شعاراتها وتهديداتها وخطاباتها، تكتفي، بأفضل أحوالها، في تكليف التنظيمات الموالية لها بتولي “انتقام مدروس”، ولكنّها، من جهتها لا تحرّك ساكنًا.

ولم يكن هؤلاء في وقت سابق يشعرون بهذا الذل أو يعبرون عنه، ولكنّ المتغيّر في هذه المرحلة، أنّ هؤلاء يتألّمون، ف”حزب الله”، وهو أبرز فصيل في “محور المقاومة” يتكبّد خسائر بشرية كبيرة، وتدفع بيئته أثمانًا باهظة، من دون أن يتمكن من تسجيل إنجاز نوعي واحد يجعل خصومه يخففون من حدة انتقاداتهم اللاذعة له ولحربه التي يعتبرون أنّها ورطت لبنان في ما لا يمكنه تحمّل تداعياته.

ولكن “ضيق الصدر” هذا لن يغيّر شيئًا في المعادلات، فقد بيّنت إيران، بالأدلة، أنّها ثابة على “الصبر الإستراتيجي”، ولا تخشى نظرة الجماهير الموالية إليها، فهي بالإضافة الى كونها “مصدر الرزق”، غير معروف عنها أنّها “تنقاد” للجماهير بل تقودهم الى حيث تريد، ولو بالقوة وبالعنف، كما تفعل تمامًا مع شعبها!

وتملك طهران آلة دعائيّة فعّالة تستخدمها في محاولاتها الدائمة لقلب الإنتكاسات الى إنجازات، وليس أدل على ذلك من “منبريّي حزب الله” بدءًا بالأمين العام السيّد حسن نصرالله وصولًا الى أصغر “محلل استراتيجي”.

وفيما كانت إسرائيل تضع اللمسات الأخيرة على غارتها ضد القنصلية الإيرانية في دمشق، كان رئيس “كتلة الوفاء للمقاومة” محمد رعد يقول إنّ “الصبر على الألم الذي تلحقه بنا إسرائيل هو الطريق الى النصر”!

وتنطلق طهران في اعتمادها “الصبر الإستراتيجي” من أنّها في حال سمحت ل”حزب الله” بتوسيع الحرب مع إسرائيل، في الظرف الراهن، فإنّها قد تخسره، في “حرب هامشية”، أمّا إذا دخلت هي في حرب مباشرة مع إسرائيل، فإنّ ذلك سوف يحرّك ضدها الولايات المتحدة الأميركية، الأمر الذي من شأنه أن يلحق بها خسائر استراتيجية قد يعرّض نظامها “المكروه” من شرائح واسعة في إيران للإنهيار.

ولا يبدو أنّ هذه المعادلة قد تغيّرت، ولذلك فإنّ الجمهورية الإسلامية في إيرن كما “استوعبت” اغتيال قائد “فيلق القدس” قاسم سليماني وبعده العميد رضي موسوي، سوف تفعل بالنسبة لاغتيال محمد رضا زاهدي وقنصليّتها في دمشق!

المقال السابق
سيناريو مستشفى الشفاء يتكرر في مستشفى ناصر
رئيس التحرير: فارس خشّان

رئيس التحرير: فارس خشّان

مقالات ذات صلة

ثرثرات فوق الضفة الأخرى من النهر!!

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية