"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

السعوديون ثالث شعوب العالم الأقل نوماً

نيوزاليست
الخميس، 4 مايو 2023

بين السعوديين لا يجد النوم نفسه سلطاناً مثلما يحظى بمكانته لدى بقية الشعوب، بل ويعاني حصاراً تفرضه ثقافة السهر، ورهينة لتقاليد مجتمعية تتبنى عادات تختلف حتى عن بلدان عربية مجاورة.

ففي السعودية يفضل الغالبية اختيار وقت المساء لجلسات السمر والتجمعات العائلية ولقاء الأصدقاء، التي قد تستمر إلى ما بعد منتصف الليل، إذ أثرت بمرور الوقت في معدل النوم سواء للكبار أو الصغار بشكل عام.

قبل أربع سنوات، حلت السعودية بالمرتبة الثالثة بعد كوريا الجنوبية واليابان ضمن قائمة الشعوب الأقل نوماً، في مسح أجراه برنامج Sleep Cycle ونشر في عام 2019، وهو تطبيق يتتبع ساعات النوم.

التقرير نفسه كشف عن معدل نوم للأفراد في السعودية بمتوسط 6.5 ساعة في الليلة، وهي نسبة تعد أقل من معدل النوم الموصى به للبالغين الأصحاء بساعة ونصف، لتحقيق مستوى عال من الراحة الجسمانية والعقلية لليوم التالي.

وبين الحين والآخر تشق تساؤلات بحثية واجتماعية طريقها بحثاً عن إجابة لأسباب قلة النوم بين السعوديين، ومدى ارتباط تلك الثقافة بسلوكيات حديثة رسخت السهر، أو كانت نتيجة طبيعية بسبب الطقس الحار فترة النهار الذي أرجأ عدداً من المناسبات الاجتماعية لأوقات متأخرة من اليوم.

المقاهي والمطاعم

المتخصص السعودي في العلاقات الاجتماعية حسن الألمعي وصف الشعب السعودي بأنه “اجتماعي” ويتمتع بعلاقات قوية مع محيطه سواء الأهل أو الجيران أو الأصدقاء، مؤكداً أنه “بحكم العادات والتقاليد نجد أن الفرد يمارس حياته الاجتماعية شبه يومياً ويختلط بمحيطه على مدار اليوم، سواء في المنزل أو في اجتماعات الأصدقاء بالمقاهي والمطاعم، فالقيم الأسرية والاجتماعية تحظى باحترام كبير هنا”.

ويضيف أن “الزيارات قد تستمر إلى وقت متأخر من الليل، فيما باتت المحال التجارية والمطاعم والمقاهي تؤجل توقيت إغلاق أبوابها، وهو أحد أسباب انخفاض معدل ساعات النوم في السعودية بالأخص للعاملين والطلاب المرتبطين بمواعيد صباحية”.

وربما تقف ضغوط بعض المهن وراء انخفاض عدد ساعات النوم، حيث تقود إلى مزيد من الانخراط في العمل لما بعد الساعات الرسمية التي قد تمتد إلى ما بعد منتصف الليل، إذ يعمل عديد من الموظفين أكثر من 40 ساعة في الأسبوع مما يدفع بعضاً منهم بالشعور بالضغط، ومن ثم التخلي عن النوم للوفاء بمواعيد العمل أو البقاء في المنافسة بسوق العمل، وفقاً لما يؤكده الألمعي.

ولا يمكن تجاهل عنصر رئيس آخر مثل انتشار الجوالات بين الغالبية العظمى من البشر بشكل عام، بل وتنافس وسائل الترفيه والتفاعل في منصات التواصل الاجتماعي كأحد الأسباب العالمية في زيادة معدلات السهر.

وفي السعودية وحدها يبلغ مستخدمو الإنترنت 92.5 في المئة من إجمالي عدد السكان (المواطنين والمقيمين) خلال عام 2021، وذلك بحسب إحصائية الهيئة العامة للإحصاء.

الطقس الحار

من ناحية أخرى يجد بعضهم أن الطقس الحار خلال فترة النهار بأغلب المناطق السعودية هو أحد الأسباب التي تقف خلف تراجع النشاط الاجتماعي نهاراً، بالتالي استبدال ساعات النشاط نهاراً بأخرى خلال وقت متأخر من اليوم وقادت في النهاية إلى انتشار ظاهرة السهر.

بينما برأ المتخصص السعودي في الشؤون الاجتماعية الأخصائي حسن هليل، “الطقس الحار في السعودية تهمة قلة النوم”، موضحاً أن الظروف الجوية لم تتغير ولا تعتبر أمراً حديثاً، في حين أن عادة السهر انتشرت في الوقت الحالي ولم تكن يوماً في المجتمع سابقاً”.

وقدم روشتة علاج تتبنى الحد من ساعات العمل باكراً حتى تلغى المعاناة من حرارة الظهيرة، مع ضرورة نشر الوعي باستخدام الإنترنت وترشيده، وتحديد ساعات الرفاهية وقضاء الوقت على الجوالات.

تأثير صلاة الفجر

سبب آخر لقلة ساعات النوم في السعودية ذكره تعليق نشر بتطبيق “sleep cycle” على “تويتر” (تطبيق ذكي يحلل نوم المستخدم) مدعياً أنه الاستيقاظ لأداء صلاة الفجر، لكن استشاري الأمراض الصدرية واضطرابات النوم الدكتور أحمد ذبياني أجهض هذا الادعاء بقوله إن صلاة الفجر لا تؤثر سلباً في جودة النوم، ولا تؤثر في النشاط، كما لا تسبب زيادة في النعاس خلال النهار، لافتاً إلى أن الساعة البيولوجية لجسم الإنسان تبدأ اليوم الفعلي مع الفجر وليس شروق الشمس كما يعتقد بعضهم. وأكد ذبياني أنه بإمكان الشخص أخذ قدر كاف من الراحة عندما يذهب إلى النوم مبكراً، سواء بتقديم ساعات نومه أو تجنب تناول المنبهات قبل الخلود إلى فراشه بأربع ساعات، كما حذر من تناول الوجبات الثقيلة قبل النوم بثلاث ساعات، وكذلك وقف استخدام الجوال قبل النوم بساعة على الأقل.

مستوى مخيف للأطفال يصنف النوم كعنصر حيوي في حياة الإنسان، بخاصة لتطور الأطفال ونموهم وصحتهم، إذ يساعد النوم الكافي في الأداء الإدراكي والعاطفي للصغار، ويقلل من أخطار السمنة ومرض السكري وارتفاع ضغط الدم والمشكلات الصحية الأخرى.

ومع ذلك فإن مشكلات النوم، وأبرزها السهر، منتشرة بين الأطفال، ويمكن أن تؤثر سلباً في صحتهم ورفاهيتهم، وهنا أوصت الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال بساعات نوم “لا تقل عن 8 ساعات” لمن هم في عمر عام إلى 18 سنة.

وخلصت دراسة مقطعية أجريت في عام 2022 على مجموعة من الأطفال في الرياض تراوح أعمارهم بين عامين إلى 14 سنة ونشرتها المجلة السعودية الطبية، إلى أن أكثر العادات المسببة لمشكلات النوم عند الأطفال هي معدل القيلولة أثناء النهار بمقدار نصف العينة، إذ تبين أنه له دور في ارتفاع مستوى اضطراب جودة النوم للطفل.

الطبيب السعودي الدكتور أخصائي طب نوم والأمراض الصدرية أحمد باهمام أرجع نتائج تلك الدراسة الصادمة إلى أن المجتمع أصبح يميل إلى السهر حديثاً، فالطفل يسهر مع والديه والمنزل كله يسهر بينما تبدأ مدارس المملكة في وقت مبكرة، فينام الطفل ساعات قليلة ثم يذهب إلى المدرسة، مما أدى في النهاية إلى حصول الأطفال على نسبة عالية من الغفوة أو القيلولة في النهار.

(إندبندنت العربية)

المقال السابق
العين "الرئاسية" على "النشاط المستعاد" للسفير السعودي في لبنان
نيوزاليست

نيوزاليست

مقالات ذات صلة

"نظراً للحالة الراهنة"... هذا ما أعلنه عاصي الحلاني!

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية