يرى خبراء في علم النفس والاجتماع أن هناك توجهاً لدى الرجال حول العالم آخذ في الانتشار وهو الإحجام عن الزواج. ويقول هؤلاء إن الكثيرات من النساء حاولن البحث عن شريك حياة يلتزم بالعلاقة لفترة طويلة لكنهن فشلن، فما الأسباب؟
يقول خبراء في العلاقات الاجتماعية وعلماء نفس إن إحجام الرجال عن الزواج أصبح أمراً متزايداً في الولايات المتحدة بشكل خاص وفي أوروبا وحول العالم بشكل عام.
الرجال يحذرون بعضهم!
وحذر خبراء في العلاقات الاجتماعية وعلماء نفس من تزايد هذا التيار الرافض للزواج بين الرجال والذي بدأ ينتشر حول العالم، الأمر الذي يؤدي لانخفاض أعداد الأطفال وتراجع عدد الأسر.
وقال براد ويلكوكس من معهد الدراسات الأسرية، والذي يستعد لطرح كتاب بعنوان “الزواج: لماذا يجب على الأميركيين تحدي النخب، وتشكيل أسر قوية، وإنقاذ الحضارة” إن الكثير من الأمريكيين - وخصوصاً من الرجال- لم يعد لديهم الرغبة في الارتباط طويل الأمد وتكوين أسر وتربية أطفال.
وتقول آنا لويز سوزمان خبيرة العلاقات الاجتماعية والمواعدة إن عدداً متزايداً من الرجال أصبحوا ينصحون - بل ويحذرون - بعضهم البعض من الإقدام على الزواج وأن هذا الأمر منتشر بشكل أكبر بين الرجال عنه بين النساء. وأضافت أن السيدات في الوقت الحالي قد يخضن تجارب طويلة من المواعيد والتعرف على الرجال دون أن ينتهي بهن الأمر إلى الزواج وتكوين أسرة.
تجميد البويضات انتظاراً للشخص المناسب
وقالت عالمة الإنثروبولوجيا في جامعة ييل إن النساء المتعلمات بدأت يتجهن إلى تجميد بويضاتهن لأنهن غير قادرات على العثور على شريك مناسب، مشيرة إلى وجود فجوة كبيرة بين عدد النساء والرجال الحاصلين على تعليم جامعي لصالح النساء، بل إن بعضهن قمن بإزالة درجة الدكتوراة من ملفهن الشخصي في تطبيقات المواعدة لإفساح المجال أمام عدد أكبر من الشركاء المحتملين الذي قد يرون أن سيدة بهذه المؤهلات ربما تكون أكبر في السن.
في أواخر تسعينيات القرن العشرين، أجرى عالما الاجتماع كاثرين إدين وماريا كيفالاس مقابلات مع 162 من الأمهات العازبات ذوات الدخل المنخفض في عدة مدن أمريكية لفهم سبب إنجاب أطفال دون زواج، وأفادت الدراسة أنه “نادراً ما كان المال السبب الرئيسي في ذلك”، وأن الكثير من الرجال يريدون من يستمع إليهم دون التقيد بواجبات رب الأسرة.
أضافت الدراسة أن عدداً غير قليل من النساء العازبات تركن شركاءهن بسبب تعاطي الرجل للمخدرات أو إمانه على الكحول أو كان لديه سلوكاً إجرامياً وما يترتب على ذلك من سجن، أضافة للخيانة المتكررة والعنف الجسدي.
وقالت سوزمان في مقال نُشر بصحيفة نيويورك تايمز إن نساء حاولن الدخول في علاقات لك ن الرجل كان يختفي بعد عدة مواعدات دون سابق إنذار: “هناك نساء يحاولن فقط إنجاح الأمر، لكن كثير من الرجال ليسوا مستعدين أو لا يهتمون في الأغلب”.
ووجد دانيال كوكس، وهو زميل بارز في معهد أمريكان إنتربرايز الذي أجرى مؤخراً استطلاعاً لأكثر من 5000 أمريكي حول المواعدة والعلاقات، أن ما يقرب من نصف النساء الحاصلات على تعليم جامعي واجهن صعوبة في العثور على شخص يلبي توقعاتهن، مقابل ثلث الرجال.
وقال إن المقابلات المتعمقة مع الأشخاص محل الدراسة كشفت أنه بحلول الوقت الذي يبدأ فيه الرجال في مواعدة النساء أو البحث عن شريكة حياة، يكونون “محدودين نسبيا في قدرتهم واستعدادهم ليكونوا حاضرين عاطفيا ومتاحين بشكل كامل”.
مخاوف الرجال
لكن على الجانب الآخر، يقول ويليام يوليوس ويلسون خبير العلاقات الاجتماعية إن عدداً غير قليل من الرجال يشكون من النساء اللواتي يصعب إرضاؤهن أو ممن لديهن متطلبات عالية ومرهقة للغاية فيما يقدمن أقل القليل للرجل.
بيد أنه أشار إلى أن هناك ما يعرف باسم انجراف الذكور وهي الحالة التي لا يسيطر فيها الرجل على حياته بشكل جيد فيبتعد عن الدراسة او يتسرب من قيود العمل او يفشل في العناية بصحته وهي أمور قد تمثل عوامل طرد للنساء الراغبات في الارتباط.
وتقول سيلفيا سميث خبيرة العلاقات الاجتماعية أن أحد أهم أسباب إحجام الرجال عن الزواج هو الخوف من فقدان الحرية رغم حبهم للطرف الآخر أو من فقدان القدرة على اتخاذ القرارات بحرية فيما يتعلق بجميع جوانب حياتهم، بحسب موقع “ماريج.كوم”.
وتضيف سميث أن أكثر من يجعل الرجال وخصوصا في الغرب يحجمون عن الزواج هي الخسائر التي يتعرضون لها عند الطلاق سواء من ناحية المال او من ناحية فقدان الأولاد.
وتقول سميث إنها تحدثت مع أشخاص أكدوا لها عدم استعدادهم تقاسم ثروة تعبوا في تكوينها مع شريك حياة قرر في لحظة أنه لا يريد الاستمرار وأنه يريد نصف هذه الثروة، حتى أن أحدهم قال لها: “ليس لدي أي رغبة في إقحام الدولة في علاقتي العاطفية لمجرد تسليم شخص ما أداة لتدمير حياتي”.
وتضيف سميث أن بعض الرجال لا يكون لديهم الرغبة في تقديم التضحيات للطرف الآخر لانجاح العلاقة، فيما يتطلب استمرار علاقة الزواج التضحية والاخلاص والوفاء بين الطرفين، كما أنهم قد لا يكونون راغبين في إجراء أي تعديلات جوهرية على نمط حياتهم من أجل شخص آخر.