إذا كان موضوع انتخاب رئيس جديد للجمهوريّة يأخذ حيّزًا كبيرًا من اهتمام الوسط السياسي، فهو أضحى آخر هم لدى سائر اللبنانيّين، في الوطن والمهجر.
لقد نجحت الطبقة السياسيّة اللبنانيّة في تيئيس اللبنانيّين من السياسة، خصوصًا بعدما عاين هؤلاء الانهيار فيما كانت الدولة مكتملة النصاب، فالمأساة التي حصلت لم يتسبّب بها الفراغ بل الإمتلاء!
وفي تساؤلات اللبنانيّين يبرز اعتقادهم بأنّ قصر بعبدا في حال بقي مقفلًا أو أعاد فتح أبوابه، فلن يغيّر شيئًا في واقع الحال، فأيّ رئيس سوف يأتي لن يكون الحل، فهو، إذا كان أفضل خلق الله، فلن يكون العقدة، لا أكثر ولا أقل!
وفي هواجس اللبنانيّين أنّ انتخاب رئيس جديد للجمه وريّة لن يخفّض سعر صرف الدولار الذي تعملق في ظل وجود رئيس للجمهوريّة، ولن يوفّر فرص عمل للكفاءات التي هاجرت تحت عيني رئيس الجمهوريّة الذي كان في بعبدا، ولن يوقف السرقة والنهب والهدر والمحسوبيّات والزبائنية بل سيفاقمها لأنّه في لبنان “بروح الشبعان وبيجي الجوعان”.
وفي اعتقاد اللبنانيّين أنّ الوسطاء، سواء كانوا أوروبيّين أو عربًا، لن يعيدوا السيادة الى الدولة، إذ إنّ الجميع يسترضي “حزب الله” الذي اعتاد أن يتصرّف بالدولة “على هواه الإيراني”.
في مجالسهم، باتت غالبيّة اللبنانيّين مهتمة بشؤون كثيرة باستثناء السياسة، فالجميع، ولو اختلف بعضهم على تقييم سياسي من هنا أو زعيم من هناك، إلّا أنّهم يتلاقون، بالمحصلة، على ايمان واحد: “ما حدا بيطلع من أمرو شي”.
وأمام يأس أكثريّة اللبنانيّين من السياسة، فإنّ الحراك المحلّي والإقليمي والعربي الهادف الى ملء الشغور الرئاسي، سيبقى مفتقدًا لأهم عوامل النجاح، وهو الضغط الشعبي!
الشعب لن يضغط من أجل فتح قصر بعبدا الذي بات في وجدانهم واحدًا من أهم أبواب الريح التي إذا بقيت مسدودة يبقون مستريحين!