وجد جمهور “الممانعة” في لبنان نفسه مضطرًّا على الإستيلاء على أدبيات جمهور “السياديّين” ، للدفاع عن الراهبة مايا زيادة التي وقفت في مدرسة “سيدة الحبل بلا دنس”، في بلدة غبالة في كسروان، في التاسع من آذار الجاري، تخطب في مجموعة أطفال طالبة منهم حتى لا يكونوا “خونة بحق الله والوطن” أن يصلوا لمقاتلي “حزب الله” في الجنوب، داعية إياهم الى استقاء معلوماتهم عمّا يحصل من الهواتف الخلويّة التي بين أياديهم، تالية أمامهم قصيدة ل”محمّد درويش” كما سمّت الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش!
وانضمت الى جمهور “الممانعة” في الدفاع عن الراهبة مايا زيادة قنوات تلفزيونيّة تابعة ل”حزب الله”، بحيث وجهت الى منتقدي هذه الراهبة تهم ممارسة “التخوين” و”الشموليّة” و”رفض الصوت الآخر”، وهي تمامًا العبارات التي يستعملها “جمهور السياديّين” في الدفاع عن الناشطين والشخصيات في وجه من يتعرّضون لهم بهجوم تخويني يومي من جمهور “الممانعة” لإطلاقها مواقف لا تتناسب مع تطلعاتهم.
وفي وقت كان دفاع الممانعة على أشدّه عن الراهبة زيادة، كان هناك هجوم عنيف يتولّاه “المدافعون” أنفسهم، ويتضمن التحقير والتهديد والبذاءة والتنمّر، يستهدف، مثلًا الإعلاميّتين المنتميتين الى الطائفة الشيعية ديما صادق ونوال برّي، بسبب مواقف يطلقانها ضد فتح جبهة الجنوب اللبناني، ليس دفاعًا عن الأرض، إنّ ما مؤزارة من دون أي جدوى فعليّة، لغزة .
وتركز هجوم الممانعة في الساعات الأخيرة على نوال بري لأنها، وبعدما كانت تدافع عن “حرب المساندة” وجدت نفسها، بعدما تيقنت من عبثيّتها أمام خسائرها، ترفع الصوت ضدّها.
ولكن مع فوارق، فهجوم السياديين على الراهبة كان أساسه أنّها تخاطب أطفالًا عاجزين عن التمييز بين الحق والباطل، وتطلب منهم، خلافًا لكل التوجيهات التربوية، أخذ المعلومات من المواقع المنتشرة على الإنترنت حيث تكثر “الأخبار المزيّفة” و”الدعايات السوداء” وينتشر “مفترسو” الأطفال للإيقاع بهم.
ولم تكن الراهبة تمارس حقها في إبداء الرأي، كما هي عليه حال صادق وبرّي وغيرهما، بل كانت تستغل موقعها في مدرسة من أجل بث دعاية لا تتناسب والتوجهات التربوية ومن شأنها أن تتسبب بمشاكل كثيرة للعائلات التي أرسلت أبناءها الى المدارس لا ليكونوا في خلايا حزبية بل في مؤسسات تربويّة، تعلّم حب الوطن وليس عشق بعض ميليشياته التي هي محور انقسام كبير على المستوى العام.
ومهما يكن عليه الأمر، فإنّ لغة النقاش الهادئة هي المطلوبة من الجميع، بعيدًا عن التخوين هنا والتهديد هناك!
إقرأ/ي أيضًا: إعلامية جنوبية تنقل غضب شعبها: كنّا فخورين بدعم غزة ولكن “صار بدنا مين يوقف معنا”