هرب نوّاب لا يتحمّلون غضب “الثنائي الشيعي” الى محاولة تصوير أنفسهم حكماء، من خلال التنديد بما سموه كسر فريق في البلاد لمصلحة فريق آخر، معتبرين أنّ ذلك يضرب الأجواء الإيجابية التي عممها انتخاب الرئيس جوزاف عون.
غالبية هؤلاء النواب صوتوا في الدورة الأولى ضد وصول العماد جوزف عون الى القصر الجمهوري.
ولكن هؤلاء في تبرير عدم التصويت لشخصية وازنة بحجم رئيس محكمة العدل الدولية نواف سلام تجاوزوا مجموعة حقائق، فاللبنانيون ووراءهم المجتمع الدولي، لم يدعموا عون، لأنّه “توافقي”، بمعناه اللبناني السيّئ، بل لأنّه لا يرمز سياسيّا الى حقبة سابقة لم تحمل للبنانيين سوى الحروب والفقر والإفلاس والفساد والهجرة والنزوح والقطيعة مع العالم.
ولم تتحمس غالبية اللبنانيين، بعيدا عن هؤلاء المصطفين سياسيا وراء أحزاب وزعماء ومصالح، لا لمرشح “الثنائي الشيعي” نجيب ميقاتي ولا لمرشح المعارضة “الأول” فؤاد مخزومي، بل لمرشح تغييري لمع اسمه في البلاد منذ انتفاضة العام 2019: نواف سلام!
نواف سلام الذي كان قد تصدى له “حزب الله” في المرحلة السابقة تحت عنوان “المقاومة” عاد وأصبح رئيس محكمة العدل الدولية، وبرعايته جرى فتح قضية هزت إسرائيل بعد اتهامه بارتكاب جريمة الابادة ضد الشعب الفلسطيني في غزة.
بالنسبة لغالبية اللبنانيين، يشكل نواف سلام قطيعة مع رموز المرحلة الماضية، حيث كان هناك أبغض تحالف بين الفساد والسلاح، وأنتج الويلات للبنانيين.
وهذا يعني أنّ إكمال الأجواء الايجابية التي أوجدها انتخاب الرئيس عون يكون من خلال الإقلاع عن خيارات مستوردة من الماضي البشع، للبقاء في دوامته القاتلة.
ولا يمكن إرضاء ل”الثنائي الشيعي”، تحت عنوان “عدم كسر فريق في البلاد” فرض واقع بشع على اللبنانيين، بل على هذا الثنائي، بكل ما يتحمله من تبعات عن مرحلة الآلام والموت والنزوح والتهجير والقتل والفساد والسلاح، أن يتكيّف مع تطلعات شعب تحوّل بسببه الى ضخية ولا يتمسك، تحت طائلة كسر التفاؤل بوجوه ج اذبة للتشاؤم!