"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

المشاهير وجراحات التجميل: تشوّه نفسي يُنتج هوسًا بصريًّا!

كريستين نمر
الثلاثاء، 12 مارس 2024

المشاهير وجراحات التجميل: تشوّه نفسي يُنتج هوسًا بصريًّا!

قد لا يختلف اثنان على أن الشكل الحسن هو مطلب وضرورة للفنان، لما يشكّله من عنصر معزّز للاستمرارية والبقاء، لكن ما نراه على الشاشات من تغييرات في الملامح قد تخطّى المعقول ليصل إلى حدّ الهوس بالصبا والجمال، فبات المشاهد للوهلة الأولى وكأنه يشاهد مسلسلًا ناطقًا بالعربية بممثلين أسيويين، بسبب الطريقة اللافتة لشدّ العينين نحو الأعلى وتصغير بعض الملامح وتكبير بعضها الآخر، فحمى التنافس على الجمال بين الفنانين وضعت المشاهد أمام مجموعة من النسخ لم تعد تشبه ذاتها، ولم يعد باستطاعته التعرّف عليها إلا من خلال الصوت أو علامة فارقة في الوجه أو وشم على الجسد…

ولكن كيف يمكن أن يتحوّل الاهتمام بالجمال إلى هوس؟

في علم النفس، إن المبالغة والهوس بأي شيء مهما كان نوعه مراده عدم الثقة بالذات، وظاهرة التجميل هذه، تفشّت في المجتمعات الغربية كما الشرقية وطالت الرجال كما النساء وأدت إلى إقبال كبير على إجراء التدخّلات والجراحات التجميلية، وفي تقرير دولي عن عدد عمليات التجميل التي أُجريت في جميع أنحاء العالم تبيّن بأنها بلغت نحو ١١.٣٦ مليون عملية خلال العام ٢٠١٩، وهذا الرقم في تزايد مستمر. ويدرج علم النفس تعلّق الشخص وهوسه بعمليات التجميل ضمن نظرتين: الصراع والتفاعل.

ويقصد بالصراع أي المنافسة التي غالبًا ما تكون ناجمة عن ضعف في الثقة بالنفس، أما التفاعل فمراده غياب الرقابة الأسرية والمعايير المهنية، إضافة إلى تأثّر المرء بالبيئة التي ينتمي إليها وبمحيطه الاجتماعي.

وهذا ما نراه تحديدًا عند بعض الممثلات الجميلات بالفطرة واللواتي لا يحتجن إلى عمليات تجميل، لكن تحت تأثير النظريتين السابقتين، خاطرن بشكلهنّ لحلّ مشكلات قد لا تكون موجودة أساسًا إلا في نظرهنّ، وذلك بهدف التشبّه بأحد المشاهير، وهذا ما حصل على سبيل المثال لا الحصر مع الممثلة نادين نسيب نجيم، والتي يتهمها البعض بأنها تسعى إلى التشبّه بالممثلة العالمية أنجلينا جولي من خلال حقن شفاهها بالفيلر بشكل مبالغ فيه، وهي التي دخلت التمثيل من عالم الجمال بعد فوزها بلقب ملكة جمال لبنان للعام ٢٠٠٤.

نادين-نجيم-متهم-بتقليد-أنجلينا-جولي

أسباب المبالغة في عمليات التجميل

يحدّد الخبراء أن مستوى أداء البعض المتدني وفقدانهم للموهبة يجعلهم يلجأون إلى تغيير في المظهر الخارجي إذ يعتبرون ذلك أسهل بكثير من تطوير أدائهم مثلًا، كما أنّ الغيرة تلعب دورًا كبيرًا.

ويتخوّف الاختصاصيون من أن يؤدي هذا التماهي الأعمى بالغير والرغبة القوية في البحث عما يعتبرونه كمالًا إلى إدخال الساعين إلى “الشباب والكمال” في حلقة مفرغة مع ما يترتب عليهم من مضاعفات نفسية وجسدية، وهذا ما حصل بالفعل مؤخرًا مع الإعلامية المصرية رهام السعيد والكرّ والفرّ بينها وبين جراح التجميل اللبناني الدكتور نادر صعب على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ اتهمته بتشويهها، ودافع هو عن نفسه بأن ما قام به لم يكن إلا بناءً لرغبتها.

487043 0

قد يكون الأمل الوحيد للحدّ من هذا الهوس، هو في التعويل على أطباء تجميل يكونون بارقة أمل لأشخاص يعانون فعلًا من تشوّهات تستدعي تدخلات مبضعهم، وأن يبقوا أصحاب رسالة سامية دورها توعية أفراد المجتمع ودراسة حالاتهم وشرح الجدوى من إجراء عمليات التجميل مع وضعهم في صورة المخاطر المحتملة والمضاعفات والآثار الجانبية، لا أن يتمّ إيهامهم بأنهم بخضوعهم لبعض التدخّلات الجراحية قد ينالون الكمال المرتجى.

المقال السابق
الطبقة السياسية في فرنسا تلتف حول ماكرون ضد هجوم روسي بذيء!
كريستين نمر

كريستين نمر

محرّرة وكاتبة

مقالات ذات صلة

"مفترس في هارودز" وثائقي يتهم محمد الفايد باغتصاب موظفات وابتزازهن

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية