"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

"المجيء الثاني" للودريان الى لبنان: المتغيّرات والمفاعيل

فارس خشّان
الخميس، 20 يوليو 2023

"المجيء الثاني" للودريان  الى لبنان: المتغيّرات والمفاعيل

لم تتخلَّ الرئاسة الفرنسيّة عن دعم مرشّح “الثنائي الشيعي” سليمان فرنجيّة، في ضوء الإجتماع الثاني ل”مجموعة الخمسة” التي التأمت، يوم الإثنين الماضي في الدوحة، إنّما فعلت ذلك يوم قرر الرئيس إيمانويل ماكرون تعيين جان إيف لودريان ممثلًا شخصيًّا له في لبنان، في ضوء إقراره بفشل الخليّة الدبلوماسيّة في قصر الإليزيه في تمرير خارطة الطريق التي اقترحتها لإعادة تكوين السلطة التنفيذيّة في لبنان.

ولم تواجه الرئاسة الفرنسيّة في الدوحة رفضًا استثنائيًّا لفرنجية، فهي سبق أن تغاضت عن رفض مماثل تبلّغته، في الإجتماع الأوّل للخماسية الدولية والعربية، عندما انعقدت في شباط/ فبراير الماضي في باريس.

ولهذا فإنّ “المجيء الثاني” للودريان الى بيروت المتوقع يوم الإثنين المقبل الواقع فيه الرابع والعشرين من تموز/ يوليو الجاري، لن يحمل جديدًا على مستوى فرنجية، بل يفترض أن يطرح تصوّرًا آخرًا متفقًا عليه مع كل من المملكة العربية السعودية وقطر ومصر والولايات المتحدة الأميركيّة، والموضوعة إيران في صورته بصفتها لاعبًا أساسيًّا في لبنان عبر “حزب الله”.

وإذا كانت “الخماسية” في أوّل اجتماع لها قد انتهت الى عدم التوافق مع فرنسا على إسقاط فكرة دعم فرنجية، فإنّها أنتجت في ثاني اجتماعاتها اتفاقًا على إسقاط فكرة انتخاب رئيس جديد للجمهورية بالحوار.

وهذا يعني أنّ عودة لودريان العتيدة تأتي في ظل إسقاط “إلزامي” الثنائي الشيعي: الموافقة على سليمان فرنجية وضرورة الحوار.

ولكن ماذا يمكن أن يحمل لودريان في المقابل؟

عودة لودريان العتيدة تأتي في ظل إسقاط “إلزامي” الثنائي الشيعي: الموافقة على سليمان فرنجية وضرورة الحوار.

من دون شك حصل الممثل الشخصي للرئيس الفرنسي على تفويض من “الخماسية” التي شارك في اجتماعها في الدوحة، وعاد والتقى صنّاع القرار فيها على حدة، وهذا يعني أنّه سوف يأتي الى لبنان بصفته جسر التواصل بين “مجموعة الخمسة” والقيادات اللبنانية المعنية بانتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة وتنفيذ الإصلاحات وتطبيق القرارات الدولية.

وفي هذه الزيارة لن يكون لودريان “إستجوابيًّا” بمعنى أنّه لا يأتي حاملًا استفسارات وأسئلة بل طارحًا مشروعًا متكاملًا متفقًا عليه خارجيًّا ومرتبطًا به مستقبل لبنان في تفاعله مع المنظومتين العربيّة والدوليّة.

وعليه، سوف يكون لودريان وسيطًا بين الخارج وجزء من الداخل اللبناني، من جهة وبين الفرقاء اللبنانيين أنفسهم، من جهة أخرى.

لا يمكن، بأيّ حال من الأحوال، أن يبقى “الثنائي الشيعي” متمترسًا وراء “حصرية” ترشيح “المؤتَمَن على ظهر المقاومة”،

ولذلك، فهو سوف يطرح مشروعًا يقوم على استبدال فرنجية بشخصية أخرى تحظى بموافقة “الثنائي الشيعي” الذي لا يمكنه، بأيّ حال من الأحوال، أن يبقى متمترسًا وراء “حصرية” ترشيح “المؤتَمَن على ظهر المقاومة”، ممّا يعني أنّه سوف يقترح إسقاط منطق “الإنتخاب بالحوار” لمصلحة “الإنتخاب بالتوافق”.

وقد جرى تزويد لودريان بعدّة العمل، فهو على مستوى “حزب الله” يمكنه أن يلفت الإنتباه إلى أنّ الإصرار على معادلة “فرنجية أو لا أحد” بدأ يرتد سلبًا على ما يصفه ب”المقاومة”، فبعدما نجحت باريس، على مدى الأشهر التسعة الماضية، في تغييب وجوب تنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة بلبنان، وكلّها تستهدف سلاح “حزب الله” ودوره العسكري”، ولّد “العناد” إعادة هذه القرارات الى الواجهة، بدليل ما صدر لهذه الجهة في بيان “الخماسية” في الدوحة.

الإصرار على معادلة “فرنجية أو لا أحد” بدأ يرتد سلبًا على ما يصفه “حزب الله” ب”المقاومة”

كما أنّ لودريان يحمل في جعبته قناعة عربية ودولية بأنّ الثنائي الشيعي وحلفاءه هم المتهمون، في ضوء معطيات جلسات الإنتخاب في مجلس النواب عمومًا وخلاصات الجلسة الأخيرة خصوصًا، بعرقلة الإنتخابات الرئاسية في لبنان، من خلال اللجوء المستقر إلى تطيير النصاب، بعد تصويب”خلّبي” و”خائب” في الدورة الأولى.

وهذه القناعة لم تعد “بلا جمرك” إذ إنّ هناك تلاقيًا عربيًا وأوروبيًّا وأميركيًّا على اتخاذ إجراءات ضد هؤلاء المعرقلين، وهذا ما سبق أن تحدّثت عنه واشنطن وعاد وأوصى به البرلمان الأوروبي قبل أن تعلنه “الخماسية” في الدوحة.

وإذا كان “حزب الله” يستخف بالعقوبات الدوليّة، إلّا أنّه لا يستطيع أن يُسقط من حسابه أنّه يمكن أن يخسر كثيرًا إذا ما لجأ الإتحاد الأوروبي إلى إدراج “جناحه السياسي” في قائمة الإرهاب.

حال حلفاء “حزب الله” مع احتمال استهدافهم بعقوبات ليست كحال سياسيّي”حزب الله”.. فهم يخشونها فعلًا

وحال حلفاء “حزب الله” مع احتمال استهدافهم بعقوبات ليست كحال سياسيّي”حزب الله”، فهم يخشونها فعلًا لأنّها تؤثّر على عائلاتهم و مصالحهم وأموالهم واستثماراتهم وفاعليّتهم ومناصريهم.

بطبيعة الحال، لا يملك لودريان قدرات السحرة ولكنّه بات يملك عدّة العمل، مع خروج الإستحقاق الرئاسي، للمرّة الأولى منذ تسعة أشهر، من خانة “تجهيل المعرقلين”، من جهة ومن خانة “استرضاء الثنائي الشيعي” من جهة أخرى، إلى الوضوح المطلق بحيث بات المسؤولون عن العرقلة معروفين بالإسم والشكل، وهم أولئك الذين يريدون أن يفرضوا خياراتهم على اللبنانيّين فرضًا، متجاوزين ليس الآليات الدستورية فحسب بل مبادئ الوفاقية- على تعاستها الديموقراطية- أيضًا!

نشر في “النّهار العربي”

المقال السابق
كيسينجر في "مرقد مجده"!

فارس خشّان

كاتب سياسي

مقالات ذات صلة

نقاش بالصوت والصورة/ معادلة تل أبيب بيروت وانعكاساتها الكارثية على لبنان في حال لم تسرّع التسوية حلولها

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية