كل الأنظار شاخصة الى زيارة المبعوث الرئاسي الفرنسي الخاص الى لبنان جان ايف لودريان، الذي باشر لقاءاته في بيروت، حيث تتوالى الزيارات الى كل الأطراف المعنية بالاستحقاق الرئاسي، علّ ما سيجمعه من مواقف يساهم في ايجاد مخرج لأزمة مستعصية منذ شهور، وكشفت مدى عمقها الجلسة التي عُقدت أخيراً.
خفت وهج السجالات الداخلية، ليتصدر الترقب المشهد اللبناني لما ستؤول اليه المحاولة الفرنسية، المدعومة من الدول الكبرى، بغية اخراج الملف الرئاسي من عنق الزجاجة العالق فيها، وفي السياق، أكد المحلل السياسي الدكتور سامي نادر لـ”نيوزاليست” أن “زيارة لودريان ستنعكس ايجاباً على الداخل اللبناني لكنها لن تٌنتج رئيساً للجمهورية في القريب العاجل”، لافتاً الى “أن أهم ما فيها أنها ستطوي صفحة مبادرة فرنسية فشلت على خلفية اتفاق ايراني فرنسي بانتخاب سليمان فرنجية المحسوب على طرف كرئيس للجمهورية ونواف سلام كرئيس للحكومة من الطرف الآخر، وتجلّت برفض مسيحي جامع ولبقية أطراف المعارضة التي لم تُصوّت لفرنجية”.
وشدد على “أن المبادرة السابقة اصطدمت برفض من الخارج، إذ كان ملفتاً صدور عقوبات أميركية بحق أشخاص قريبين من فرنجية، وأيضاً عدم حماسة المملكة العربية السعودية لماكبة هذا الطرح على الرغم من كل المحاولات التي حصلت لاسمالتها”، مشيراً الى “أن الجهاز الديبلوماسي الفرنسي يتحمل مسؤولية ذلك، وهذا ما دفع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى القيام بمبادرة جديدة لطي صفحة المبادرة القديمة عبر تكليف ديبلوماسي رفيع، هو الأهم بفريق ماكرون، في إشارة منه بأن الأشخاص المولجين بالملف اللبناني قد تبدلوا وهناك تغيير بالأسلوب والمقاربة، وهذا أمر أساسي”.
وشدد نادر على “أنه بات من الواضح أن فرنسا لا يمكنها إلا أن تأخذ بعين الإعتبار رغبة المسيحيين، وأقله قسماً منهم، حول موقع يُعنى به هؤلاء، وتجلّى ذلك بدعوة البطريرك الماروني الى باريس”، مشيراً الى “أن فرنسا أخذت بعين الاعتبار الشركاء الآخرين المعنيين بالملف اللبناني لابقائهم على بيّنة مما يحصل، وهو ما تجلى باللقاء الخماسي بدعوة السعودية ومصر وقطر والولايات المتحدة للتباحث فيه، في تأكيد على أن الاتفاقات الثنائية لم تعد مجية”.
واعتبر “أنه في الداخل اللبناني هناك فريق يمتلك بالمفتاح والسلاح، أي الثنائي الممسك بمفتاح البرلمان وشريكه المالك للسلاح، ويفرض قراءته للدستور ولانتاج رئيس للجمهورية في محاولة لتكريس وزيادة حصته، وهذا خروج عن الدستور، وسيؤدي الى بقاء الوضع مأزوماً”، لافتاً الى “أن الخروج من تلك الأزمة يتطلب قوة دفع من الخارج، وهذه القوة تتطلب قدرة الدول الخمسة في الوصول الى تسوية مع ايران الداعم الأساسي لحزب الله، وهذا يتطلب وقتاً قد يمتد الى نهاية العام”.