"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

المبضع المكرّم و...العقم المعمّم!

رئيس التحرير: فارس خشّان
الأربعاء، 10 مايو 2023

جان مارك ايوبي

في العام ٢٠١٥، منح الرئيس الفرنسي، في حينه، فرانسوا هولاند البروفسور اللبناني الأصل جان مارك أيوبي وسام الشرف من رتبة فارس، والآن بعد ثماني سنوات، نال هذا الطبيب الذي اختاره زملاؤه، مؤخّرًا، عضوًا في “الاكاديمية الفرنسية للطب”، وسام الاستحقاق الفرنسي من رتبة ضابط، بإرادة استثنائية من الرئيس الحالي ايمانويل ماكرون.

لماذا هذا الاعجاب الفرنسي بجرّاح نسائي، لبناني الاصل، يشغل منصب رئيس قسم الامومة والخصوبة في واحد من أهم مستشفيات فرنسا، “فوش”؟

ببساطة، لأنّ أيوبي ليس رجل علم فحسب، بل الرجل الذي لا يشبع من تحقيق الانجازات، أيضًا.

في مجاله، وضع فرنسا في مرتبة متقدمة عالميًا ورائدة أوروبيًّا.

قبل أن ينال إعجاب القيادات السياسية الفرنسية، على اختلاف انتماءاتها، قبض على قلوب الفرنسيين الذين رفعوا رؤوسهم به، مرّات ومرّات، وأعاد البسمة الى قلوب النساء اللواتي كنّ محرومات من الأمومة، فخصّب العاقرات، وزرع الارحام في أحشاء افتقدت إليها.

في مكان ما، ومن دون دخول في غياهب التيولوجيا، لقد بدا البرفسور ايوبي، بالنسبة لمن كانوا محرومين من تأسيس عائلة، شريكًا في الخلق، فبدا لهم مثل ملاك أبيض يبشّر بمولود سبق ان حلمت بمثله رفقا، زوجة ابراهام، واليصابات زوجة زكريا!

إعجاب فرنسا بطبيب ولد وعاش في الكورة الشماليّة، وأنجز علومه الثانوية في المدرسة الرسمية اللبنانية، ليس هبة بل واجب في دولة تتطلّع، حتى في أصعب أوقاتها، الى ان تبقى رائدة في هذا العالم. وحدهم اللبنانيّون يرون في هذا التكريم المكرّر والمتراكم لطبيب عالم، فضيلة، لأنّهم ابتلوا بدولة لا تقيم اعتبارًا إلّا لأمراء…الحرب والفتنة والانقسام والاستغلال والعجز والشعارات.

وأيوبي على ريادته في مجاله، ليس “فريد عصره” بين اللبنانيين الذين قذفتهم ظروف وطنهم الى المهاجر، بل هو حلقة في سلسلة تمتد على مختلف المستويات والمجالات، ولو قيّد لدولتهم أن تستعين بهم، لكانت قادرة على اجتراح العجائب بدل أن تبقى عالقة في جحيم تلتهم ناره الحجر والشجر والبشر!

ولكن، وأنت تتابع وقائع توافد المدعوين الى وزارة الدفاع الفرنسي حيث علّق وزيرها سيبستيان لوكورنو الوسام على صدر صديقه جان مارك أيوبي، تجد نفسك تسأل عمّا يمكن أن يفكّر به اللبنانيون، وهم يرون مستويات المرشحين المفروضين لرئاسة الجمهورية، والمتفق عليهم لرئاسة الحكومة، والمشتهين للوزارات، والمنصاعين لمجلس النواب، والمختارين للأوسمة!

لقد أجرى البروفسور ايوبي، في واحدة من أبرز انجازاته التي ضجّ بها الرأي العام الفرنسي، عمليات زرع ناجحة للرحم، وجعل المستحيل ممكنًا، فماذا يحتاج لبنان أكثر، في هذه المرحلة، من زرع رحم ينمو فيه جنين الأمل؟

خارطة الطريق الى هذا الانجاز اللبناني، وإن بدت نظريًا معقدة للغاية، إلّا أنّها لا تحتاج الى عناء أعظم من عناء زراعة رحم في أحشاء امرأة.

هي فقط بحاجة الى ارادة الانجاز على يد الرجال الاكفاء الذين لن يكون لهم موقع طالما أنّ هؤلاء الذين أسقطوا لبنان في الجحيم لا زالوا قادرين على ايهام أنفسهم والآخرين بأنّهم يحتكرون مفاتيح الفردوس!

إنّ الاحتفال بالبروفسور جان مارك أيوبي الذي احتضنته وزارة الدفاع الفرنسية، كان بالنسبة للحاضرين الفرنسيين والاوروبيين ساحة أمل بمزيد من التقدم في هذا التنافس العالمي على الريادة، وكان بالنسبة للحاضرين اللبنانيّين مساحة تأمّل بما أنجبه الرحم اللبناني من رجال وبما اقترفه شياطين السياسة والسلاح بحق علمائه ومبدعيه!

بين من تابعوا حفل منح البروفسور أيوبي الوسام الثاني في أقل من ثماني سنوات، همس أحدهم في أذني وزير الدفاع الفرنسي: أبلغ الرئيس ماكرون تمنياتنا عليه أن يعتني بمن يدعم لرئاسة الجمهورية اللبنانية كما يعتني بمن يمنحهم الأوسمة!

المقال السابق
ايلي عبدو / حين «يتآمر» الغرب على مسيحيي لبنان
رئيس التحرير: فارس خشّان

رئيس التحرير: فارس خشّان

مقالات ذات صلة

كيف تجرّأت على اغتياله؟!

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية