"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

ألمانيا متهمة بتمويل النظام السوري.. كيف؟

نيوزاليست
الأربعاء، 3 أبريل 2024

اتهمت منظمة “برو أزيل” المدافعة عن حقوق اللاجئين الحكومة الألمانية وسلطات الهجرة، بضمان تدفق مستمر للأموال إلى الحكومة السورية الخاضعة للعقوبات من خلال مطالبة سوريين في ألمانيا بتجديد جواز سفرهم.

تزامنًا مع الذكرى الـ13 “للثورة السورية” في الـ 15 من آذار/ مارس، اتهمت المجموعة الألمانية الناشطة بالدفاع عن حقوق اللاجئين “برو أزيل”، في بيانٍ، الحكومة الألمانية بضمان تمويل النظام السوري الخاضع للعقوبات، حيث تجبر سلطات الهجرة الألمانية عددًا كبيرًا من السوريين بشكل منتظم على “دعم الدولة المضطهدة لهم من خلال دفع رسوم جوازات سفر مروعة” لتجديد وثائقهم.

فقبل عام 2018 كانت برلين قد تنازلت عن شرط وجود جواز السفر بالنسبة للسورين الحاصلين على الحماية، لكن في أيار/ مايو من ذلك العام أجبر وزير الداخلية الألماني السابق هورست زيهوفر جميع الدول الأوروبية على اشتراط جواز سفر سوري صالح للسوريين الحاصلين على وضع الحماية الإنسانية لتجديد إقامتهم في ألمانيا.

ما يعني إجبار نحو 200 ألف سوري حاصل على الحماية المؤقتة في ألمانيا على مراجعة السفارة السورية لتجديد جوازات سفرهم بانتظام من أجل إثبات هويتهم للمكاتب الألمانية.

كذلك غالبًا ما تطلب سلطات الهجرة الألمانية جوازات سفر صالحة وحديثة من المواطنين السوريين، قبل إصدار تصاريح الإقامة أو النظر في طلبات التجنس، ما يتطلب من الأشخاص الذين فروا من نظام الرئيس السوري بشار الأسد زيارة السفارة السورية في ألمانيا ودفع رسوم كبيرة.

وصفت “برو أزيل” متطلبات الدولة الألمانية بأنها قاسية وغير ضرورية، وقالت إن الرسوم أرسلت أموالاً إلى حكومة الأسد، التي تخضع لعقوبات شديدة من الاتحاد الأوروبي بسبب انتهاكات حقوق الإنسان.

نائلة شابة سورية تقيم في برلين منذ نحو 9 سنوات، حاصلة على إقامة حماية مؤقتة، لكنها تضطر لتجديد إقامتها سنويًا، وبانتهاء صلاحية جواز سفرها السوري منذ سنتين، أصبحت نائلة بمأزق، لعدم رغبتها بتجديده في السفارة، ولتبدأ بعدها رحلة المعاناة مع الدوائر الحكومية.

وتشرح نائلة لمهاجر نيوز: “أعيش منذ فترة كالسجينة في ألمانيا، لا يمكنني المغادرة، لا يمكنني السفر لزيارة عائلتي التي تقيم بهولندا، فقط لأني لا اريد زيارة سفارة البلد الذي هربت منه”. وتضيف: “عندما يكون لديك حق الحماية بالقانون، لا يمكن الحصول على وثيقة سفر ألمانية، ما أدخلني في العديد من المشكلات، وفي آخر مرة قمت بتجديد إقامتي في مكتب الأجانب، أعيطتهم جواز سفري منتهي الصلاحية لكنهم رفضوا منحي الإقامة بالبداية، ولم أعرف ماذا سأفعل، وبعد عدة مناقشات، منحوني إقامة لا تحمل رقم جواز سفر، لكن هذا كلفني البقاء لنحو سنة حاليًا في المانيا لا يمكنني السفر أو التحرك”.

مصدر للعملة الأجنبية للنظام .. المرسل: من هربوا منه!

يعاني النظام السوري من عقوبات اقتصادية قللت مصادر حصوله على العملة الأجنبية، لذلك يعتبر تجديد جوازات السفر في سفاراته حول العالم مصدر دخل مربح للنظام، وهو أسلوب إكراه يعرف النظام السوري كيفية استخدامه.

إذ أن تكاليف تجديد جوازات سفر السوريين من الأكثر ارتفاعًا بالعالم، تبلغ تلكفتها نحو 750 دولار أي 705 يورو تقريبًا للطلب المستعجل، والتي لا تزال تعني بضعة أسابيع من الانتظار، ومدة صلاحية جواز السفر عامان فقط، خاصةً للشباب الذكور الذين لا يزالون بسن الخدمة الإلزامية في سوريا. في الوقت الذي يكلف فيه استخراج جواز سفر ألماني خارج ألمانيا 173 يورو، صالح لمدة عشر سنوات.

بينما تبلغ تكلفة جواز السفر العادي بين 265 و310 يورو مقابل جواز السفر، اعتمادًا على ما إذا كان جواز السفر القديم منتهي الصلاحية أو تالفًا أو مفقودًا.

ما يعني تامين دخلٍ بالملايين بالنسبة لنظام دمشق فإذا كان نحو 170 ألف لاجئ سوري يتمتعون بوضع الحماية الثانوية، يريدون تمديد جوازات سفرهم مرة واحدة فقط، فإن النظام في دمشق سيحصل بالفعل على 127 مليون يورو.

وهو أمرٌ يرفض العديد من السوريين الحاصلين على حق الحماية المؤقتة في ألمانيا القيام به، خاصةً وأن معظم هؤلاء قد هرب من النظام نفسه. لذلك يعتبر تجديد جواز السفر بالسفارة السورية بمثابة تمويلٍ للنظام.

وهذا رأي نائلة التي تقول لـ”مهاجر نيوز”: “عندما ذهبت لمكتب الأجانب وطلبوا مني تجديد جواز سفري، قلت لهم بصراحة، لا أريد تمويل النظام، لا أريد أن أساهم بتحسين اقتصاده ليشتري المزيد من الأسلحة لقتل السوريين هناك. أخبرتهم أن الحرب لم تنته وأني هنا بسبب الأموال التي يحصل عليها النظام، لكنهم لم يقتنعوا، وأخبروني أن القانون ينطبق علي، وأن علي تجديد جواز سفري لكي أتمكن من التنقل، وأنه لا يحق لي استحصال وثيقة سفر”.

“شعرت بأنني أضع دولاراتٍ بيد الأسد مباشرةً”

الأمر نفسه هو ما يعاني منه وائل، الذي قتل النظام شقيقه في مخيم اليرموك بدمشق لكنه اضطر إلى تجديد جواز سفره ليحصل على الإقامة، ويقول وائل لمهاجر نيوز: “عندما وقفت أمام مبنى السفارة، عادت كل الذكريات السيئة إلي، كان من أصعب المواقف التي مررت بها. عندما دفعت رسوم التجديد، شعرت بأنني أقوم بوضع دولاراتٍ بيد الأسد مباشرةً، كأني كنت أكافئ الشخص الذي قتل أخي، كان ذلًا مضاعفًا. اعتقدت أني انتهيت هنا في ألمانيا من إذلال النظام السوري لي، لكن لا على العكس اليوم يقوم النظام بذلك بشكلٍ علني وبموافقة الحكومة الألمانية”!.

ويضيف وائل بسخرية: “لم يكف ما دفعته للنظام بل تكلفت عناء السفر من مكان إقامتر في غرب ألمانيا إلى برلين، النظام يكلفنا الكثير في كل مرة، لم يشبع”.

لا تعتبر تكاليف إصدار جواز السفر مرتفعة بالنسبة للسوريين فقط، بل إن زيارة السفارة تشكل بالنسبة لهم عبئًا غير معقول خوفًا من. نظام الأسد ورغم مخاوف الاعتقال لدى البعض إذا ما دخلوا السفارة يرى وائل أن النظام لن يفعلها، ويبرر ذلك بقوله: “النظام بحاجة للمال، لن يعتقل أحد ليخيف الباقي، لذلك فهو يضطر للتغاضي عن التعامل مع معارضيه في سفارات العالم وليس ببرلين فقط، كي يحصل على الأموال، فهو في مأزق حقيقي”.

“أحتاج لعلاجٍ نفسي بعد كل زيارة”

بينما يعتبر الأمر بالنسبة لمحمد، وهو شابٌ سوري يقيم في مدينة لايبزيغ حاصل على الحماية المؤقتة، بمثابة فتح الجرح في كل مرة، إذ يعتبر محمد أن السفارة تمثل أسوء كوابيسه، فهي تعيد له كل شيء تركه خلفه، حتى أنه بعد زيارة تجديد جواز سفره الأخيرة، رافقته كوابيس، كان يعتقل فيها بالسفارة في كل مرة، ويقول لمهاجر نيوز”: “في كل زيارة أعيش الانتظار وسوء المعاملة، أسمع الموظفين يشتمون الناس، أسوء كوابيسي تعاد، أشعر أني في سوريا مجددًا، في شعبة التجنيد، لا احترام ولا لطافة، يعاملوننا كأننا ذباب، لأننا بنظرهم معارضون لنظامهم الذي يمثلونه، احتاج لعلاجٍ نفسي بعد كل زيارة”.

مؤخرًا وتلافيًا لمشاهد طوابير الانتظار أمام السفارة السورية في برلين، بدأت السفارة بتوفير إمكانية حجز موعدٍ على موقعها لتجديد الجواز، لكن أقرب موعد يعطى للمتقدمين يحتاج لفترة سنة على الأقل أو أكثر من 5 أشهر على أحسن تقدير، ما يضطر العديدين للجوء إلى التقدم بطلب جوازٍ مستعجل، ما يعني الدفع أكثر.

فبعد سنة من “السجن” كما تصفها نائلة، دون قدرة على السفر قررت الرضوخ لما اسمته “حكم القوي”، والتقدم بطلب تجديد جواز سفرها، لكنها لم تحصل على موعد سوى بعد عام تقريبًا، وتقول: “هذا غير منطقي، سأدفع نحو 300 يورو لأنتظر عامًا كاملًا، إنهم يدفعوننا لاستحصال الجواز السريع”.

بالنسبة لرامي الشاب السوري المقيم في برلين، كان لحصول على جواز سفر جديد أمرا ضروريا لكي يحصل على إقامة لأنه ليس لاجئا، فهو طالب يدرس في ألمانيا. ورغم أنه يعمل 20 ساعة بالأسبوع إلا أنه اضطر للتقدم إلى السفارة في شباط/ فبراير 2023، لكن موعده كان في نيسان/أبريل 2024، ولم يمتلك المال الكافي للحصول على جواز سفرٍ مستعجل. يقول رامي لـ”مهاجر نيوز”: ” بعد بحثٍ طويل وجدت أن أفضل طريقة هي استخراج جواز سفر من سفارة سوريا في عُمان، كلفني الأمر نحو 400 يورو، لكنه بقي أقل من 700، إلا أن الأمر السيء كان عدم وجود توقيع يؤكد صحة الجواز، وبعد أن استلمته بعد نحو شهرين، كان علي مراجعة السفارة للحصول على توقيع القنصل”.

ويتابع رامي: “بعض أصدقائي ليسوا لاجئين، لكننا نحتاج لجواز سفر بصلاحية طويلة حتى لزيارة سوريا للحصول على جواز سفر من هناك، المسألة معقدة بالنسبة لنا جميعًا، المبالغ كبيرة على الجميع، خاصةً الطلاب الذين يكون دخلهم قليل جدًا”.

كيف تفسر الحكومة الألمانية ذلك؟ بالنسبة للسوريين خاصةً الحاصلين على الحماية المؤقتة، وكذلك بالنسبة لعددٍ من السياسيين في ألمانيا، الحل موجود وبسيط، ويمكن لهذه المشكلة أن تصبح من الماضي، إذا ما ألغت وزيرة الداخلية الحالية نانسي فايزر قرار زيهوفر بتعميمٍ آخر.

فبحسب النائبة اليسارية من حزب اليسار، جوكاي أكبولوت، فإن هناك “نقص في الإرادة السياسية، حيث يستطيع العديد من اللاجئين تقديم وثائق هوية أخرى مثل رخصة القيادة أو بطاقة الهوية”.

بينما تؤكد وزارة الداخلية الألمانية أن هناك أهمية لاشتراط وجود جواز السفر للسوريين، تتمثل بمسألة “العودة” حال انتهاء الحرب في سوريا، لأنه بدون جواز سفر ساري المفعول، لا يمكن ترحيل الأشخاص.

وتؤكد وزارة الداخلية الألمانية أن “كل دولة في جميع أنحاء العالم تتمتع بالحق السيادي في إصدار أوراق جواز السفر لمواطنيها وتحديد الرسوم مقابل ذلك، لذا لا يمكن للدولة الألمانية التدخل”.

بينما يشير متحدث باسم وزارة الداخلية الألمانية إلى أنه بموجب القانون الألماني، مكن للأجانب الذين يثبتون أنهم لا يستطيعون الحصول على جواز سفر بشكل معقول أن يحصلوا على وثيقة سفر للأجانب في حالات فردية.

لكن نائلة تقول لـ”مهاجر نيوز”: “لقد فررت من نفس الحرب التي فر منها من حصل على اللجوء في ألمانيا، وبما أنه ليس لدي معيار فتم منحي الحماية المؤقتة ومُنح غيري اللجوء، لكن على الأقل، يجب معاملتي بالمثل، من خلال منحي وثيقة سفر، بحسب إقامتي أنا هنا لحمايتي من الحرب، ولست لاجئة لأني هربت من النظام، لكن من بدأ هذه الحرب؟”

(مهاجر نيوز)

المقال السابق
"فتح" لإيران: لن نسمح باستغلال قضيتنا المقدسة ودماء شعبنا في مؤامرات مشبوهة
نيوزاليست

نيوزاليست

مقالات ذات صلة

الجيش الإسرائيلي يتقدم في البياضة

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية