"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

المعارضة تشق طريقها بين غرور "السيد" و"الجنرال"!

منى خويص
الثلاثاء، 7 مارس 2023

خسر لبنان على مر عقدين معظم رجالات الدولة، قلة قليلة منهم، تُعد على اصابع اليد الواحدة، يتحكم بالبلد اليوم.

ما تبقى هو عبارة عن “رجالات” سلطة حدودهم الغنائم والمكاسب، ومنها والاهم، ان معظمهم يحملون مطرقة للهدم.

نعيش اليوم في زمن هدم ما تبقى من الدولة، الذي كان قد بدأ قبل سنوات طوال، لكنه ادرك طريقه الى التنفيذ خلال الست سنوات الماضية، بحيث بدأ “حزب الله” فعليا، وبمباركة وموافقة من رئيس الجمهورية السابق ميشال عون، في تقويض اسس الدولة ودورها وهويتها ومكانتها. في ذلك العهد المشؤوم حيث التقى غرور “السيد” مع غرور “الجنرال”، لينسفا مائة عام من تاريخ، فيه الكثير من المحطات المتمايزة للبنان الدولة، فأطاحا به وادخلاه دولة وشعبا ومؤسسات، الى محرقة، لا تختلف عن تلك المحارق التي نقرأ عنها في كتب التاريخ .

هل فعلا الانهيار في لبنان نتيجة الافلاس المالي، او عملية النهب المنظمة لمالية الدولة من قبل مافيات السلطة؟ كثر لا يرون فيه ذلك، على الرغم من اعترافهم بتأثيره في الدفع باتجاه الانهيار، الا انهم عندما يتوقفون عند عملية التهاوي لكافة القطاعات وعلى جميع المستويات، يؤكدون ان الوضع لم يصل الى ما هو عليه دون خطة ممنهجة، لهدم الدولة ومؤسساتها واقتصادها، مقابل ارساء مشروع دولة تتناغم وتتكامل، مع مشروع الدويلة ورؤية اربابها في السياسة وفي الاقتصاد.

أوليس الاقتصاد اليوم، يتماهى مع مشروع الاقتصاد المقاوم، الذي كان كثر من نواب “حزب الله، ينادون به، وكانوا يرفضون فكرة لبنان البلد السياحي، فقوضوا السياحة المعروفة فيه، وشجعوا على السياحة الدينية او السياحة “الجهادية”.

وكذلك في قطاع الصناعة، حيث تراجعت كل الصناعات الوطنية، وبات “الكبتاغون” اشهر الصناعات والحشيش ابرز زراعة فيه، اما القطاع المصرفي الذي وبالرغم من مداراة حاكم مصرف لبنان ل”حزب الله” في القطاع المصرفي، فقد تم ضربه واستبداله بالاقتصاد النقدي وبشبكات تبييض المال العادي، ليصبح مالاً “طاهراً نظيفاً”، وتمدد “القرض الحسن” ليغطي معظم المناطق اللبنانية اليوم كبديل المصرف، الا يعطي ذلك مثالا عما كان يضمر لهذا القطاع، الذي شكل المرتكز الاساس للاقتصاد اللبناني، وبات اليوم على شفير الانهيار الكامل.

يجمع كثيرون ان الانهيار في لبنان، سيما الاقتصادي، هو نتيجة ربطه بمصالح إيران و وبشار الأسد المعزولين دولياً، ومن خلال ربطه بالحرب المذهبية الدائرة في المنطقة، على خلفية تعزيز النفوذ الإيراني، الامر الذي دفع بلبنان الى العزلة عن محيطه وحاضنته العربية، ووضعه في موضع العداء لهم، واقفل بوجهه ابواب الدعم والاهتمام والاسواق.

لم يغير واقع البلد المأساوي نظرة الفريق الممانع، انما على العكس، فتجربة السنوات الست الماضية بمكاسبها الثمينة، جعلته اكثر اصرارا بالقبض على رئاسة الجمهورية، إذ انهم يريدون رئيسا من قماشة عون، يستكمل ما بدأه من رعاية واحتضان لمشروع الحزب، والسكوت عن كل سلوكياته التدميرية، لما تبقى من مشروع الدولة التي عرفناها، ليبني على انقاضها مشروع جمهوريته.

يحق لاطياف لبنانية كثيرة ان ترفض هذا المشروع، ولكن الحديث عن الانفصال وعدم الرغبة في العيش في جمهورية “حزب الله” ليس حلا، بل هروب من الحل. لم تكن العزلة او الانعزال يوما حلا مؤاتيا، خصوصا في بلد مساحته بهذا الصغر، ومتداخل على المستوى الطائفي ديمغرافيا بهذا الشكل.

“مواجهة هذا المشروع هو الحل”، هكذا يرى احد اركان المعارضة ل”نيوزاليست”، ويقول انه “:آن الاوان ان نخرج من هذا الجحيم، فتكلفة انتخاب رئيس يعيد تجربة سنوات الست الماضية، لا تقل خطورة عن الفراغ، وعن الفوضى وتكلفتها”. و إذ يسأل عما نعيشه اليوم “ألا يسمى بالفوضى”. أنا عن الفوضى الامنية فإنه يشدد “على دور الجيش والقوى الامنية، لكونهم المؤسسات الوحيدة التي تعتبر متماسكة، ويعول عليها في ضبط الوضع”. اما عن الحوار الذي تدعو اليه قوى الممانعة فيخلص الى القول “انه من جرب المجرب كان عقله مخرب هم لم يلتزموا بمقررات الدوحة واسقطوا اعلان بعبدا، الذي وقعوا عليه فعن اي حوار يتكلمون؟

اما عن تسوية تقضي بالرئاسة لفريق الممانعة ورئيس حكومة للمعارضة، يقول “:ان رئيس الجمهورية ينتخب لست سنوات، في حين ان رئيس الحكومة يمكن تطييره بالثلث المعطل في اي لحظة”.

اما عن لجوئهم اسوة بالممانعة للتعطيل، فأجاب “:يعيروننا بالذهاب الى التعطيل وكأنهم لم يستعملوه سلاحا على مر سنوات، ونحن سنلجأ الى كل ما هو قانوني وتحت سقف المؤسسات والدستور، لنمنع أخذ هذا البلد الى حيث لا نريد، فنحن لن نقبل ان يبقى لبنان وشعبه، رهينة لسياسات ايران، وسنبقى نقاوم الى ان نعيد للدولة سيادتها واستقلالها”.

المقال السابق
الإستحقاق الرئاسي في لبنان: المشكلة الأدهى في الناخب...الأقوى

منى خويص

كاتبة سياسيّة

مقالات ذات صلة

"إسرائيل لديها قدرات أكثر دراماتيكية من تفجيرات الأجهزة اللاسلكية"

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية