"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

ألم يحن بعد أوان التطبيع بين لبنان وإسرائيل؟

فارس خشّان
الأحد، 16 مارس 2025

ألم يحن بعد أوان التطبيع بين لبنان وإسرائيل؟

موضوع “التطبيع” بين لبنان وإسرائيل، ليس هامشيًا، بل هو تعهد أطلقه دونالد ترامب، في رسالته، كمرشح رئاسي، للجالية اللبنانية في الولايات المتحدة الأميركية.

في تلك الرسالة ورد الآتي:” أصدقاؤكم وعائلاتكم في لبنان يستحقون العيش في سلام ورخاء ووئام مع جيرانهم، وهذا لا يتحقق إلا بالسلام والاستقرار في الشرق الأوسط”.

ومنذ وصوله إلى البيت الأبيض تحدث عن التطبيع بين لبنان وإسرائيل مسؤولان في إدارة ترامب معنيان بالشأن اللبناني وهما: مسعد بولس ومورغان اورتاغوس.

وتفاعل محللون إسرائيليون إيجابا مع هذا الطرح فيما استبعده، في الوقت الحالي، المسؤولون الإسرائيليون.

وفيما حاول “حزب الله” الباس هذا الطرح لبوس المؤامرة، توزع المسؤولون اللبنانيون على فئتين، واحدة تكتفي بنفي مفاتحة السلطات بهذا الطرح وثانية تعتبر أنّ إسرائيل تحاول ان تجر لبنان إلى التطبيع، بالضغط والابتزاز!

ومهما كانت عليه الحال، هل فكرة التطبيع بين لبنان وإسرائيل قابلة للتنفيذ، في المستقبل القريب؟

إنّ محاولة البعض التذكير بإسقاط اتفاقية ١٧ أيار بين لبنان وإسرائيل، والتي أتت في ضوء الاجتياح الإسرائيلي للبنان في حزيران ١٩٨٢ ليست في مكانها الصحيح، لأنّ ظروف الإطاحة بذاك الاتفاق لم تعد قائمة، فإيران ليست في عز انطلاقتها، بل في مرحلة “الجمهورية المريضة”، وسوريا-حافظ الأسد أصبحت كما داعمها في ذاك الزمان “الاتحاد السوفياتي”، في كتب التاريخ!

ولولا التعاضد الإيراني-السوري-السوفياتي ضد التحالف الإسرائيلي-الغربي في تلك المرحلة لما كان الانقلاب على اتفاق ١٧ أيار قد نجح.

وحاليا، أي اتفاق بين لبنان وإسرائيل برعاية أميركية، سيواجه ببعض الاضطرابات المحلية، ولكنه سيكون محصنا دوليا وإقليميا.

وعلى هذا تراهن إدارة دونالد ترامب لتنفيذ وعدها “السلمي”، اذ إنّها، في الوقت الذي لا تخشى فيه تحالفا إقليميا-دوليا ضدها في لبنان، تمسك بمجموعة من أوراق القوة، بينها سعي سوريا الجديدة إلى الاندماج في المجتمع الدولي، وتكريس انفصالها عن الجمهورية الإسلامية في إيران، وعن “حزب الله” الذي انقطع الشريان الذي كان يغذيه بالسلاح والمقاتلين والمدربين، وبات محاصرا من البر والبحر والجو والتكنولوجيا!

وتمسك الولايات المتحدة الأميركية مجموعة أوراق قوة، بما تملكه من قدرة تأثير هائلة، بملفات لبنانية كثيرة بينها “الأسرى” في المعتقلات الإسرائيلية، ودفق الأموال اللازمة لإعادة إعمار لبنان، كما لنهضته المالية والاقتصادية في ظل جهنم لا يمكن إطفاء نيرانها بالشعارات الطنانة وبالعداوات المشتعلة.

ولكنّ غياب الظروف الجيو-سياسية الناسفة لاتفاق سلام بين لبنان وإسرائيل، لا يعني بأنّ مقومات هكذا اتفاق “سهلة”، فكثيرون هم اللبنانيون الذين، وإن كانوا مع تطبيق القرارات الدولية التي تنص على نزع سلاح “حزب الله” وإعادة السيادة، بشكل كامل وحصري، إلى الدولة اللبنانية، وفق مقتضيات الدستور ووثيقة الوفاق الوطني، الّا أنّهم يتوجسون شرًا من إسرائيل التي تتطلع إلى تجنيس اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، ودفعوا أثمانا غالية دعما للقضية الفلسطينية، وهم جزء لا يتجزأ من “المبادرة العربية” لجهة مبادلة السلام بإقامة الدولة الفلسطينية.

وإسرائيل، في وضعيتها الحالية، ليست دولة مؤهلة لعقد اتفاقيات سلام، اذ عادت، منذ السابع من أكتوبر٢٠٢٣، إلى وضعية دولة حرب. وهي، بحجة حفظ امنها الاستراتيجي، استأنفت نهجها التوسعي، الأمر الذي بررت به احتلالها لقمم لبنان وسوريا، ولن تتنازل عنها، إلا بترتيبات أمنية وعسكرية تعطيها السيطرة شبه الكاملة!

ولن يكون متاحًا للسلطة اللبنانية، أن تخطو خطوة واحدة، في الوقت الحالي، نحو أي اتفاق سلام مع إسرائيل، في حال لم يحظَ هكذا مشروع بتفاهم لبناني يحظى بشبه اجماع، لأنّه، وإن كانت الظروف الإقليمية والدولية تحصنه، إلّا أنّه يمكن ان يدخل لبنان في اضطرابات كبيرة، قد لا يقوى، بهشاشة مؤسساته، على تحملها.

وعليه، ان “مبادرة حسن النية” التي أهداها رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو الى رئيس الجمهورية اللبنانية العماد جوزف عون، بإطلاق سراح خمسة أسرى لبنانيين من المعتقلات الاسرائيلية، يمكن ان تنفع في التقدم خطوة نوعية نحو تنفيذ حقيقي للقرار ١٧٠١، بكل مندرجاته، ولكنها لا تفتح، بأي شكل من الأشكال، باب التفاوض على اتفاق سلام، اذ تبقى مقولة انّ لبنان آخر دولة عربية توقع مع إسرائيل، سارية المفعول حتى إشعار آخر!

نشر في النهار

المقال السابق
رويترز: واشنطن تتدخل في تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان

فارس خشّان

كاتب سياسي

مقالات ذات صلة

لكبح "حزب الله".. إسرائيل تراهن على ترسيم الحدود مع لبنان

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية